الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7201 [ ص: 116 ] 3422 - (7242) - (2 \ 238) عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، حدثنا أبو هريرة، المعنى، قال: لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنما أحلت لي ساعة من النهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل، فهو بخير النظرين: إما أن يفدى، وإما أن يقتل". فقام رجل من أهل اليمن، يقال له: أبو شاه، فقال: يا رسول الله! اكتبوا لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اكتبوا لأبي شاه"، فقام عباس، أو قال: قال عباس: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! إلا الإذخر; فإنه لقبورنا وبيوتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر". فقلت للأوزاعي: وما قوله: " اكتبوا لأي شاه"؟ وما يكتبون له؟ قال: يقول: اكتبوا له خطبته التي سمعها. قال أبو عبد الرحمن: ليس يروى في كتابة الحديث شيء أصح من هذا الحديث; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم، قال: "اكتبوا لأبي شاه" ما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، خطبته.

التالي السابق


* قوله: " حبس عن مكة الفيل ": المذكور في قوله تعالى: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل [الفيل: 1] .

* " وسلط ": إباحة القتال والتمكن منه .

* " وإنما أحلت لي ساعة ": مقتضاه أنه ليس لأحد بعده صلى الله عليه وسلم أن يقاتل بمكة ابتداء مع استحقاق أهلها القتال، وعليه بعض الفقهاء; إذ خصوص الحرمة بمكة، وخصوص حل القتال به صلى الله عليه وسلم إنما يظهر حينئذ، وإلا فبدون استحقاق [ ص: 117 ] الأهل لا يحل القتال في غير مكة أيضا، ومع الاستحقاق لو جوزنا في مكة لغيره صلى الله عليه وسلم ، لم يبق للاختصاص معنى .

* " لا يعضد ": على بناء المفعول; أي: لا يقطع .

* " ولا ينفر ": - بتشديد الفاء - على بناء المفعول; أي: لا يتعرض لهبالاصطياد وغيره .

* " لقطتها ": - بضم لام وفتح قاف أو بسكونه - .

* " إلا لمنشد ": أي: لمعرف، قيل: أي: لمعرف على الدوام; لتظهر فائدة التخصيص، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، ولعل من يقول: المراد بالمنشد: المعرف سنة كما في سائر البلاد، يجيب عن التخصيص بأنه كتخصيص الإحرام في قوله تعالى: فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [البقرة: 197] مع أن الفسوق حرام منهي عنه بلا إحرام أيضا، وحاصله: زيادة الاهتمام بأمر الإحرام، وبيان أن الاجتناب عن الفسوق في الإحرام آكد، فكذلك هاهنا التخصيص لزيادة الاهتمام بأمر الحرم .

* " فهو بخير النظرين ": أي: مخير بين النظرين، فليختر خيرهما .

* " يفدى ": على بناء المفعول; أي: يعطى الدية إن شاء ورضي. * قوله: " أن يقتل ": على بناء الفاعل; أي: قاتل قتيله، ظاهره أن ولي الدم مخير بين أن يأخذ الدية، أو القصاص، وأيهما اختار، تعين ذلك على القاتل .

* " اكتبوا لأبي فلان ": هكذا في "البخاري " ، وقد سقط من نسخ الكتاب، إلا أنه لا بد منه، وكذا: * قوله: " فقال رجل من قريش ": سقط من النسخ، وهذا الرجل هو العباس. [ ص: 118 ] * " إلا الإذخر ": - بهمزة مكسورة وذال معجمة - : نبت معروف طيب الرائحة، وجوز فيه - الرفع - على البدل، والنصب - على الاستثناء، ولم يرد العباس أن يستثني، بل أراد أن يلقن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، بل أراد أن يلتمس منه ذلك، وأما استثناؤه صلى الله عليه وسلم ، فإما بوحي جديد، أو لتفويض من الله تعالى إليه مطلقا، أو معلقا بطلب أحد استثناء شيء من ذلك، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية