الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ثم يسلم عن يمينه ويساره ) حتى يرى بياض خده ; ولو عكس سلم عن يمينه فقط ، ولو تلقاء وجهه سلم عن يساره أخرى ، ولو نسي اليسار أتى به ما لم يستدبر القبلة [ ص: 525 ] في الأصح ، وتنقطع به التحريمة بتسليمة واحدة برهان وقد مر وفي التتارخانية ما شرع في الصلاة مثنى فللواحد حكم المثنى ، فيحصل التحليل بسلام واحد كما يحصل بالمثنى وتتقيد الركعة بسجدة واحدة كما تتقيد بسجدتين ( مع الإمام ) إن أتم التشهد كما مر . ولا يخرج المؤتم بنحو سلام الإمام بل بقهقهته وحدثه عمدا لانتفاء حرمتها فلا يسلم ; ولو أتمه قبل إمامه فتكلم جاز وكره ، فلو عرض مناف تفسد صلاة الإمام فقط ( كتحريمة ) مع الإمام . وقالا : الأفضل فيهما بعده [ ص: 526 ] ( قائلا السلام عليكم ورحمة الله ) هو السنة ، وصرح الحدادي بكراهة : عليكم السلام ( و ) أنه ( لا يقول ) هنا ( وبركاته ) وجعله النووي بدعة ، ورده الحلبي . وفي الحاوي أنه حسن . ( وسن جعل الثاني أخفض من الأول ) خصه في المنية بالإمام وأقره المصنف

التالي السابق


( قوله حتى يرى بياض خده ) أي حتى يراه من يصلي خلفه أفاده ح . وفي البدائع : يسن أن يبالغ في تحويل الوجه في التسليمتين ، ويسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر ( قوله ولو عكس ) بأن سلم عن يساره أولا عامدا أو ناسيا بحر ( قوله فقط ) أي فلا يعيد التسليم عن يساره ( قوله ما لم يستدبر القبلة ) [ ص: 525 ] أي أو يتكلم بحر ( قوله في الأصح ) مقابله ما في البحر من أنه يأتي به ما لم يخرج من المسجد : أي وإن استدبر القبلة . وعدل عنه الشارح لما في القنية من أن الصحيح الأول ، وعبر الشارح بالأصح بدل الصحيح والخطب فيه سهل ( قوله وقد مر ) أي في الواجبات ، حيث قال : وتنقضي قدوة بالأول قبل عليكم على المشهور عندنا خلافا للتكملة . ا هـ . أي فلا يصح الاقتداء به بعدها لانقضاء حكم الصلاة .

وهذا في غير الساهي أما هو إذا سجد له بعد السلام يعود إلى حرمتها ط ( قوله مثنى ) أي اثنين وإن لم يتكرر فإنه يطلق على هذا كثيرا ، ومنه قوله تعالى : - { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى } - أو يراد التكرار باعتبار تعدد الصلوات ، ثم الذي شرع فيها مثنى مع الموالاة السلام والسجود ط . وأما القيام والركوع فإنه وإن تكرر في الصلاة إلا أنه مع الفاصل وليس بمراد هنا ( قوله وتتقيد الركعة بالسجدة ) حتى لو سها في الفرض فقام قبل القعود الأخير يبطل فرضه إذا قيد الركعة بسجدة ( قوله إن أتم ) أي المؤتم لأن متابعة الإمام في السلام وإن كانت واجبة فليست بأولى من تمام الواجب الذي هو فيه ح . وهل إتمام التشهد واجب أو أولى قدمنا الكلام فيه فيما مر عند قول المصنف ولو رفع الإمام رأسه قبل أن يتم المأموم التسبيحات ( قوله ولا يخرج المؤتم ) أي عن حرمة الصلاة فعليه أن يسلم ، حتى لو قهقه قبله انتقض وضوءه ، وهذا عندهما خلافا لمحمد ( قوله بنحو سلام الإمام إلخ ) أي مما هو متمم لها لا مفسد ، فإنه لو سلم بعد القعدة أو تكلم انتهت صلاته ولم تفسد ، بخلاف القهقهة أو الحدث العمد لانتفاء حرمة الصلاة به لأنه مفسد للجزء الملاقي له من صلاة الإمام فيفسد مقابله من صلاة المؤتم ، لكنه إن كان مدركا فقد حصل المفسد بعد تمام الأركان فلا يضره كالإمام ، بخلاف اللاحق أو المسبوق .

( قوله عمدا ) أما لو كان بلا صنعه فله أن يبني فيتوضأ ثم يسلم ويتبعه المؤتم ( قوله فلا يسلم ) أي الإمام أو المؤتم به لخروجه منها اتفاقا ; حتى لو قهقه المؤتم لا تنتقض طهارته ( قوله لو أتمه إلخ ) أي لو أتم المؤتم التشهد ، بأن أسرع فيه وفرغ منه قبل إتمام إمامه فأتى بما يخرجه من الصلاة كسلام أو كلام أو قيام جاز : أي صحت صلاته لحصوله بعد تمام الأركان لأن الإمام وإن لم يكن أتم التشهد لكنه قعد قدره لأن المفروض من القعدة قدر أسرع ما يكون من قراءة التشهد وقد حصل ، وإنما كره للمؤتم ذلك لتركه متابعة الإمام بلا عذر ، فلو به كخوف حدث أو خروج وقت جمعة أو مرور مار بين يديه فلا كراهة كما سيأتي قبيل باب الاستخلاف ( قوله فلو عرض مناف ) أي بغير صنعه كالمسائل الاثني عشرية وإلا بأن قهقه أو أحدث عمدا فلا تفسد صلاة الإمام أيضا كما مر ( قوله تفسد صلاة الإمام فقط ) أي لا صلاة المأموم لأنه لما تكلم خرج عن صلاة الإمام قبل عروض المنافي لها ( قوله مع الإمام ) متعلق بالتحريمة ، فإن المراد بها هنا المصدر أي كما يحرم مع الإمام ، وإنما جعل التحريمة مشبها بها لأن المعية فيها رواية واحدة عن الإمام ، بخلاف السلام فإن فيه روايتين عنه أصحهما المعية ح ( قوله وقالا الأفضل فيهما بعده ) أفاد أن خلاف الصاحبين في الأفضلية وهو الصحيح نهر .

وقيل في الجواز حتى لا يصح الشروع بالمقارنة في إحدى الروايتين عن أبي يوسف ويكون مسيئا عند محمد كما في البدائع . وفي القهستاني : وقال السرخسي : إن قوله أدق وأجود [ ص: 526 ] وقولهما أرفق وأحوط . وفي عون المروزي : المختار للفتوى في صحة الشروع قوله وفي الأفضلية قولهما . ا هـ . وفي التتارخانية عن المنتقى المقارنة على قوله كمقارنة حلقة الخاتم والأصبع . والبعدية على قولهما أن يوصل المقتدي همزة الله براء أكبر . مطلب في وقت إدراك فضيلة الافتتاح وتظهر فائدة الخلاف في وقت إدراك فضيلة تكبيرة الافتتاح ; فعنده بالمقارنة ، وعندهما إذا كبر في وقت الثناء ، وقيل بالشروع قبل قراءة ثلاث آيات لو كان المقتدي حاضرا ، وقيل سبع لو غائبا ، وقيل بإدراك الركعة الأولى ، وهذا أوسع وهو الصحيح . ا هـ . وقيل بإدراك الفاتحة وهو المختار خلاصة ، واقتصر على ذكر التحريمة والسلام ، فأفاد أن المقارنة في الأفعال أفضل بالإجماع ، وقيل على الخلاف كما في الحلية وغيرها عن الحقائق ( قوله هو السنة ) قال في البحر : وهو على وجه الأكمل أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله مرتين ، فإن قال السلام عليكم أو السلام أو سلام عليكم أو عليكم السلام أجزأه وكان تاركا للسنة ، وصرح في السراج بكراهة الأخير . ا هـ . قلت : تصريحه بذلك لا ينافي كراهة غيره أيضا مما خالف السنة ( قوله وأنه ) معطوف على قوله بكراهة لأنه صرح به الحدادي أيضا ( قوله هنا ) أي في سلام التحلل ، بخلاف الذي في التشهد كما يأتي ( قوله ورده الحلبي ) يعني المحقق ابن أمير حاج حيث قال في الحلية شرح المنية بعد نقله قول النووي إنها بدعة ولم يصح فيها حديث بل صح في تركها غير ما حديث ما نصه : لكنه متعقب في هذا فإنها جاءت في سنن أبي داود من حديث وائل بن حجر بإسناد صحيح . وفي صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن مسعود ، ثم قال : اللهم إلا أن يجاب بشذوذها وإن صح مخرجها كما مشى عليه النووي في الأذكار ، وفيه تأمل . ا هـ . ( قوله وفي الحاوي أنه حسن ) أي الحاوي القدسي . وعبارته : وزاد بعضهم وبركاته وهو حسن ا هـ .

وقال أيضا في محل آخر : وروي وبركاته ( قوله أخفض من الأول ) أفاد أنه يخفض صوته بالأول أيضا أي عن الزائد على قدر الحاجة في الإعلام فهو خفض نسبي ، وإلا فهو في الحقيقة جهر ، فالمراد أنه يجهر بهما إلا أنه يجهر بالثاني دون الأول ، وقيل إنه يخفض الثاني : أي لا يجهر به أصلا . والأصح الأول لحاجة المقتدي إلى سماع الثاني أيضا لأنه لا يعلم أنه بعد الأول يأتي به أو يسجد قبله لسهو حصل له ، أفاد في شرح المنية . وفي البدائع : ومنها أي السنن أن يجهر بالتسليم لو إماما لأنه للخروج عن الصلاة فلا بد من الإعلام . ا هـ . فافهم .




الخدمات العلمية