الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4015 حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت قال أبو داود هذا الحديث فيه نكارة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أخبرت ) : بصيغة المجهول .

                                                                      قال أبو حاتم في العلل : إن الواسطة بين ابن جريج وحبيب هو الحسن بن ذكوان .

                                                                      قال ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم . قال [ ص: 42 ] الحافظ : فهذه علة أخرى ، وكذا قال ابن معين أن حبيبا لم يسمعه من عاصم وإن بينهما رجلا ليس بثقة وبين البزار أن الواسطة بينهما هو عمرو بن خالد الواسطي ، ووقع في زيادات المسند وفي الدارقطني ومسند الهيثم بن كليب تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له وهو وهم كما قال الحافظ ( لا تكشف فخذك ) : وفيه دلالة على أن الفخذ عورة . وقد ذهب إلى ذلك الشافعي وأبو حنيفة .

                                                                      قال النووي : ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة وعن أحمد ومالك في رواية : العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظاهر ( ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ) : فيه دليل على أن الحي والميت سواء في حكم العورة ( قال أبو داود هذا الحديث فيه نكارة ) : قال في شرح النخبة : والقسم الثاني من أقسام المردود وهو ما يكون بسبب تهمة الراوي بالكذب هو المتروك ، والثالث المنكر على رأي من لا يشترط في المنكر قيد المخالفة ، فمن فحش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه فحديثه منكر انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه ، وعاصم بن ضمرة قد وثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني وتكلم فيه غير واحد ، وقال البخاري : في الصحيح ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم الفخذ عورة هذا آخر كلامه . فأما حديث ابن عباس فأخرجه الترمذي وقال حسن غريب . هذا آخر كلامه . وفي إسناده أبو يحيى القتات واسمه عبد الرحمن بن دينار وقيل اسمه زاذان وقيل عمران وقيل غير ذلك ، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة .

                                                                      وأما حديث جرهد فقد تقدم الكلام عليه .

                                                                      وأما حديث محمد بن جحش فأخرجه البخاري في تاريخه الكبير وأشار إلى اختلاف فيه انتهى .

                                                                      قلت : أخرج أحمد عن محمد بن جحش قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة وكذا أخرجه البخاري في التاريخ والحاكم في المستدرك كلهم من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عنه فذكره قال الحافظ : في الفتح رجاله رجال الصحيح [ ص: 43 ] غير أبي كثير فقد روى عنه جماعة لكن لم أجد فيه تصريحا بتعديل انتهى .

                                                                      واحتج من لم ير الفخذ من العورة وقال هي السوأتان فقط بما أخرجه مسلم من حديث عائشة بلفظ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه . الحديث . وفيه : فلما استأذن عثمان جلس .

                                                                      وأخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه فلما قاموا قلت : يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك ، فقال يا عائشة ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه . وروى أحمد هذه القصة من حديث حفصة بنحو ذلك ولفظه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه ، وفيه فلما استأذن عثمان تجلل بثوبه .

                                                                      وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه رواه أحمد والبخاري . وزاد البخاري في هذا الحديث عن أنس بلفظ وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله وهو من جملة حجج القائلين بأن الفخذ ليست بعورة لأن ظاهره أن المس بدون الحائل ومس العورة بدون حائل لا يجوز والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية