الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        247 - الحديث الثامن . عن عائشة رضي الله عنها قالت { حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر . فحاضت صفية . فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله . فقلت : يا رسول الله ، إنها حائض . قال : أحابستنا هي ؟ قالوا : يا رسول الله ، إنها قد أفاضت يوم النحر قال : اخرجوا } . وفي لفظ : قال النبي صلى الله عليه وسلم { عقرى ، حلقى . أطافت يوم النحر ؟ قيل : نعم . قال : فانفري } .

                                        التالي السابق


                                        فيه دليل على أمور :

                                        أحدها : أن طواف الإفاضة لا بد منه ، وأن المرأة إذا حاضت لا تنفر حتى تطوف . لقوله صلى الله عليه وسلم " أحابستنا هي ؟ " فقيل : " إنها قد أفاضت - إلى آخره " فإن سياقه يدل على أن عدم طواف الإفاضة موجب للحبس . [ ص: 480 ]

                                        وثانيهما : أن الحائض يسقط عنها طواف الوداع . لا تقعد لأجله . لقوله " فانفري " .

                                        وثالثها : قوله " عقرى " مفتوح العين ، ساكن القاف ، و " حلقى " مفتوح الحاء ، ساكن اللام . والكلام في هاتين اللفظتين من وجوه : منها : ضبطهما . فالمشهور عن المحدثين - حتى لا يكاد يعرف غيره - أن آخر اللفظتين ألف التأنيث المقصورة من غير تنوين . وقال بعضهم " عقرا حلقا " بالتنوين ; لأنه يشعر أن الموضع موضع دعاء . فأجراه مجرى كلام العرب في الدعاء بألفاظ المصادر . فإنها منونة . كقولهم سقيا ورعيا ، وجدعا ، وكيا " ورأي أن " عقرى " بألف التأنيث نعت لا دعاء . والذي ذكره المحدثون صحيح أيضا .

                                        ومنها : ما تقتضيه هاتان اللفظتان . فقيل " عقرى " بمعنى : عقرها الله . وقيل : عقر قومها . وقيل : جعلها عاقرا ، لا تلد . وأما " حلقى " فإما بمعنى حلق شعرها ، أو بمعنى أصابها وجع في حلقها ، أو بمعنى تحلق قومها بشؤمها .

                                        ومنها : أن هذا من الكلام الذي كثر في لسان العرب ، حتى لا يراد به أصل موضوعه . كقولهم : تربت يداك . وما أشعره قاتله الله . وأفلح وأبيه ، إلى غير ذلك من الألفاظ التي لا يقصد أصل موضوعها لكثرة استعمالها .




                                        الخدمات العلمية