الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل الضرب الثاني : المحرمات إلى أمد وهن نوعان : أحدهما لأجل الجمع وهو المشار إليه بقوله ( ويحرم الجمع بين الأختين ) من نسب أو رضاع حرتين كانتا أو أمتين أو حرة وأمة قبل الدخول أو بعده لقوله تعالى { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } ( 2 ) .

                                                                                                                      ( و ) ويحرم الجمع أيضا ( بين المرأة وعمتها أو ) بين المرأة و ( خالتها ولو رضيتا وسواء كانت العمة والخالة حقيقة أو مجازا كعمات آبائهم وخالاتهم ) أي خالات الآباء وإن علوا ( وعمات أمهاتهن وخالاتهن وإن علت درجتهن من نسب أو رضاع ) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على القول به وليس فيه بحمد الله اختلاف إلا أن بعض أهل البدع ممن لا تعد مخالفته خلافا ، وهم الرافضة والخوارج لم يحرموا ذلك ولم يقولوا بالنسبة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ما روى أبو هريرة قال :

                                                                                                                      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجمعوا بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها } متفق عليه .

                                                                                                                      وفي رواية أبي داود { ولا تنكح المرأة على عمتها ، ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها ، لا تنكح الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى } ولأن العلة في تحريم الجمع بين الأختين إيقاع العداوة بين الأقارب وإفضاء ذلك إلى قطيعة الرحم المحرم فإن احتجوا بعموم قوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } [ ص: 75 ] خصصناه بما روي من الحديث الصحيح .

                                                                                                                      ( و ) يحرم الجمع أيضا ( بين خالتين بأن ينكح كل واحد منهما ) أي من رجلين ( ابنة الآخر فيولد لكل واحد منهما ) بنت فكل من البنتين خالة للأخرى لأنها أخت أمها لأبيها .

                                                                                                                      ( و ) يحرم الجمع أيضا ( بين عمتين بأن ينكح كل واحد منهما أم الآخر فيولد لكل واحد منهما بنت ) فكل من البنتين عمة للأخرى لأنها أخت أبيها لأمه ( أو ) أي ويحرم الجمع بين ( عمة وخالة بأن ينكح ) الرجل ( امرأة وينكح ابنه أمها فيولد لكل واحد منهما بنت ) فبنت الابن خالة ابن بنت الأب وبنت الأب عمة بنت الابن .

                                                                                                                      ( و ) يحرم الجمع ( بين كل امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى حرم نكاحه ) أي الذكر لها لقرابة أو رضاع لأن المعنى الذي حرم الجمع من أجله إفضاؤه إلى قطيعة الرحم القريبة لما في الطباع من التنافر والغيرة بين الضرائر .

                                                                                                                      وألحق بالقرابة الرضاع لقوله صلى الله عليه وسلم { يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب } .

                                                                                                                      ( فإن كان ) الجمع بين الأختين ونحوهما ( في عقد واحد ) بطل في حقهما ( أو ) كان الجمع بينهما ( في عقدين معا ) أي في وقت واحد بطلا ( أو تزوج خمسا ) فأكثر ( في عقد واحد بطل في الجميع ) لأنه لا يمكن تصحيحه في الكل ولا مزية لواحدة على غيرها فيبطل في الجميع بمعنى أنه لم ينعقد .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية