الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3509 - ورواه أبو داود عنه عن أبي هريرة متصلا .

التالي السابق


3509 - ( ورواه أبو داود عنه ) : أي عن سعيد ( عن أبي هريرة متصلا ) : قال الشمني : ومن ضرب بطن امرأة تجب غرة خمسمائة درهم على عاقلته إن ألقت ميتا ، والقياس أن لا يجب في الجنين الساقط ميتا شيء لأنه لم يتيقن بحياته ، فإن قيل : الظاهر أنه حي . أجيب : بأن الظاهر لا يصلح حجة للاستحقاق ، ووجه الاستحسان ما في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة ، وإنما فسرنا الغرة بخمسمائة درهم لما في رواية ابن أبي شيبة في مصنفه ، عن إسماعيل بن عياش ، عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قوم الغرة بخمسين دينارا وكل دينار بعشرة دراهم . وأخرج البزار في مسنده ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أن امرأة حذفت امرأة ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولدها بخمسمائة يعني درهما . وقال ربيعة بن عبد الرحمن : هي خمسون دينارا .

وروى إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث ، عن أحمد بن حنبل ، عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : الغرة خمسون دينارا ، وهي عندنا عند الشافعي على عاقلة الضارب ، وقال مالك : في ماله لأنها بدل الجزء ، وبه قال أحمد ، إذا كان ضرب الأم عمدا ، ومات الجنين وحده ، وأما إذا كان خطأ أو شبه عمد فقال : إنه على عاقلته . ولنا ما رواه أبو داود في سننه عن المغيرة بن شعبة ، أن امرأتين كانتا تحت رجل من هزيل ، فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحد الرجلين : كيف ندي من لا صاح ولا أكل ولا شرب ولا استهل ؟ فقال : ( أسجع كسجع الأعراب ، فقضى فيه غرة ، وجعله على عاقلة المرأة . وأخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وتجب في سنة عندنا ، وفي ثلاث سنين عند الشافعي ، ويستوي في وجوب الخمسمائة في الجنين الذكر والأنثى عند عامة أهل العلم لإطلاق الحديث ، وتجب دية كاملة إن ألقت [ ص: 2296 ] المرأة حيا فمات . قال ابن المنذر : ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم وإنما الخلاف في أن حياته تثبت بكل ما يدل على الحياة من الاستهلال والرضاع والنفس والعطاس وغير ذلك ، وهو مذهبنا ، وقول الشافعي وأحمد : ألا يثبت إلا بالاستهلال ، وهو قول مالك وأحمد في رواية ، والزهري وقتادة وإسحاق وابن عباس والحسن بن علي وجابر ، ورواية عن عمر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إرثه من غيره وإرث غيره منه مرتبا على الاستهلال ولنا أن كل ما علمت به حياته من شرب اللبن والعطاس والتنفس يدل على الحياة كالاستهلال ، أما لو تحرك عضو منه فإنه لا يدل على حياته ; لأن ذلك قد يكون من اختلاج ، أو خروج من مضيق ، ويجب غرة ودية إن ألقت المرأة ميتا فماتت الأم ; لأن العقل يتعدد بتعدد أثره ، وصار كما إذا رمى شخصا فنفذ السهم منه إلى آخر وماتا حيث يجب ديتان إن كان الأول خطأ وقصاصا ، ودية إن كان عمدا وتجب دية الأم فقط ، ولا يجب في الجنين شيء إن ماتت الأم ، وبه قال مالك وقال الشافعي تجب الغرة في الجنين يجب نصف عشر قيمته مع دية الأم ، وبه قال أحمد ، ولا فرق بين أن ينفصل منها وهي حية أو ميتة ، وتجب ديتان إن ماتت الأم فألقت جنينا حيا ومات ; لأن الضارب قتلهما بضربه ، فصار كما إذا ألقته حيا ومات ، وما يجب في الجنين لورثته سوى ضاربه ، ويجب في جنين الأمة إذا كانت حاملا من زوجها نصف عشر قيمته في الذكر قيمته في الأنثى بأن يقوم الجنين بعد انفصاله ميتا على لونه وهيئته لو كان حيا فينظر كم قيمته بهذا المكان ، فإذا ظهرت فإن كان ذكرا يجب نصف عشر قيمته ، وإن كان أنثى يجب عشر قيمته . وقال الشافعي : في جنين الأمة عشر قيمة الأم ، وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر ، وهو قول الحسن والنخعي والزهري وقتادة وإسحاق ; لأنه جنين مات بالجناية في بطن الأم ، فلم يختلف ضمانه بالذكورة والأنوثة كجنين الحرة لإطلاق النصوص . وعن أبي يوسف وهو قول زفر وبعض الظاهرية : لا يجب في جنين الأمة شيء ، وإنما يجب نقصان الأم إن تمكن فيها نقصان ، وما استبان بعض خلقه كالجنين التام في جميع هذه الأحكام ، وضمن الغرة في سنة عاقلة امرأة حامل أسقطت ميتا عمدا بدواء شربته ، أو فعل فعلته ، بأن حملت حملا ثقيلا ، أو وضعت شيئا في قبلها بلا إذن زوجها .




الخدمات العلمية