الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قوله : ( مراغما كثيرا ) هذه لفظة وردت في الآية التي قبلها ، وهي مرتبطة بها سنذكرها معها ، فأردنا أن [ ص: 610 ] نقدم شرح اللفظة ، لتكون إلى جانب أختها . وفيه اختلاف وإشكال ، وللعلماء فيه ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : المراغم : المذهب قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : المراغم الذهاب في الأرض .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : المراغم : المتحول ، يعزى إلى ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : المراغم : المندوحة . قال مجاهد : وهذه الأقوال تتقارب .

                                                                                                                                                                                                              واختلف في اشتقاقها ، فقالت طائفة : هو مأخوذ من الرغام بفتح الراء والغين المعجمة ، وهو التراب .

                                                                                                                                                                                                              وقالت أخرى : هو مأخوذ منه بضم الراء ، وهو ما يسيل من أنف الشاة . والرغام بضم الراء يرجع إلى الرغام بفتحها ; لأن من كره رجلا قصد ذله ، وأن يكبه الله على وجهه ، حتى يقع أنفه على الرغام ، وهو التراب ، فضرب المثل به ، حتى يقال : أرغم الله أنفه ، وأفعل كذا وإن رغم أنفه ، ثم سمي بعد ذلك الأنف وما يسيل منه به . وتحقيقه أن اللفظة ترجع إلى الرغام بفتح الراء . المعنى : ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مكانا للذهاب ، وضرب التراب له مثلا ; لأنه أسهل أنواع الأرض .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية