الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        417 390 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمود بن الربيع ، أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى ، وأنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها تكون الظلمة والمطر وأنا رجل ضرير البصر ، فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى ، فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أين تحب أن أصلي " ؟ [ ص: 341 ] فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        9283 - هكذا قال فيه يحيى بن يحيى ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمود بن لبيد وهو من الغلط والوهم الشديد ولم يتابعه أحد من رواة الموطأ ولا غيرهم على ذلك ، وإنما رواه ابن شهاب عن محمود بن الربيع لم يختلف عليه أصحابه في ذلك . فهو حديث محمود بن الربيع محفوظ لا محمود بن لبيد .

                                                                                                                        9284 - وفيه : جواز إمامة الزائر إذا أذن له المزور ; لأن السنة الثابتة في حديث أبي مسعود الأنصاري : لا يؤمن أحد في سلطانه ، ولا بيته ، ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه .

                                                                                                                        [ ص: 342 ] 9285 - رواه شعبة والأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أوس بن ضمعج ، عن أبي مسعود .

                                                                                                                        9285 م - وعن جماعة من السلف أنهم قالوا : صاحب البيت أعلم بعورة بيته ، فلا يقعد الزائر إلا حيث يشار إليه من البيت .

                                                                                                                        9286 - وفيه من الفقه : إجازة إمامة الأعمى ، ولا أعلمهم يختلفون فيه .

                                                                                                                        9287 - وفيه : أن من تخلف عن الجماعة أن يجمع بأهله وجلسائه ، ولم يتخلف عتبان بن مالك عن رسول الله إلا لعذر ، ومحال أن يتخلف عليه مؤمن إلا لعذر - صلى الله عليه وسلم - وكذلك الجماعة لا يجوز التخلف عنها لغير جماعة إلا لعذر ، فإن تخلف لعذر فلا حرج ، فإن تخلف لغير عذر فقد بخس نفسه حظها في فضل صلاة الجماعة ، وصلاته ماضية مجزئة عنه .

                                                                                                                        9288 - وفي هذا الحديث دليل على جواز التخلف عن الجماعة عمدا ، وهو أيضا معارض للحديث المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا رخصة في التخلف عنها لمن سمع النداء .

                                                                                                                        9289 - وقد روي أن عتبان بن مالك هذا هو الذي قيل له : أتسمع النداء ؟ قال : نعم . قال : ما أجد لك رخصة .

                                                                                                                        [ ص: 343 ] 9290 - وفي حديث مالك هذا ما يعارض ذلك الحديث ، وقد مضى في هذا المعنى ما فيه شفاء ، والحمد لله ، ومن هذا الباب قوله - صلى الله عليه وسلم - " ألا صلوا في الرحال " وقد مضى هذا المعنى مجودا ، والحمد لله .

                                                                                                                        9291 - وفيه : جواز إخبار الإنسان عن نفسه بعاهة نزلت به ، وليس ذلك شكوى منه بربه ; لقوله وأنا رجل ضرير البصر .

                                                                                                                        9292 - وفيه : التبرك بالمواضع التي صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووطئها وقام عليها .

                                                                                                                        9293 - وأدخل مالك هذا الحديث بإثر الذي قبله ، والله أعلم ; ليبين لك أن معنى هذا الحديث مخالف للذي قبله .

                                                                                                                        9294 - والتبرك والتأسي بأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيمان ، وتصديق ، وحب في الله ورسوله .

                                                                                                                        9295 - وفي هذا الحديث أيضا ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حسن الخلق ، وجميل الأدب في إجابته كل من دعاه إلى ما دعاه إليه ما لم يكن أثما .




                                                                                                                        الخدمات العلمية