الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا ) ( اشتبه ) أي التبس ماء ( طهور بمتنجس أو نجس ) كبول موافق له في أوصافه ( صلى ) مريد التطهير صلوات ( بعدد ) أواني ( النجس ) أو المتنجس ( وزيادة إناء ) كل صلاة بوضوء [ ص: 83 ] ويبني على الأكثر إن شك فيه وهذا إن اتسع الوقت وإلا تركه وتيمم ، ولم يجد طهورا محققا غير هذه الأواني وإلا تركها وتوضأ وأما لو اشتبه طهور بطاهر ، فإنه يتوضأ بعدد الطاهر وزيادة إناء ويصلي صلاة واحدة ويبني على الأكثر إن شك

التالي السابق


( قوله : وإذا اشتبه طهور بمتنجس ) كما لو كان عنده جملة من الأواني تغير بعضها بتراب طاهر طرح فيها ، وبعضها تغير بتراب نجس واشتبهت هذه بهذه وقوله : أو نجس أي كما لو كان عنده جملة من الأواني بعضها طهور وبعضها بول مقطوع الرائحة موافق للمطلق في أوصافه واشتبهت هذه بهذه .

واعلم أن المسألة الأولى الخلاف فيها منصوص ، وأما الثانية أعني ما إذا اشتبه الطهور بالنجس فلا نص فيها غير أن القاضي عبد الوهاب خرجها على الأولى ورأى أنه لا فرق بينهما وقبله ابن العربي والطرطوشي وحاصل المسألة أنه إذا كان عنده ثلاث أوان نجسة أو متنجسة واثنان طهوران واشتبهت هذه بهذه ، فإنه يتوضأ ثلاث وضوآت من ثلاث أوان عدد الأواني النجسة ويتوضأ وضوءا رابعا من إناء رابع ويصلي بكل وضوء صلاة وحينئذ تبرأ ذمته ( قوله : أي التبس إلخ ) أشار بذلك إلى أن المصنف أطلق الاشتباه وأراد الالتباس تجوزا ; لأن الاشتباه معه دليل ، والالتباس لا دليل معه ( قوله : صلى بعدد النجس وزيادة إناء ) كلامه يصدق بما إذا جمع الأوضية ثم صلى بعد ذلك وليس بمراد فكان ينبغي له الاحتراز عن ذلك بأن يقول عقب ما ذكره كل صلاة بوضوء كما أشار لذلك الشارح وقوله صلى بعدد النجس أي حقيقة أو حكما ; لأنه إذا كان عنده اثنان طهوران واثنان طاهران واثنان نجسان والتبست ، فإنه يجعل الطاهر من جملة النجس ويصلي خمسا كل صلاة بوضوء ( قوله : كل صلاة بوضوء ) أي كل صلاة عقب وضوء لأجل أن تكون النجاسة قاصرة على صلاتها .

وأما لو جمع الأوضية ثم صلى بعد ذلك لاحتمل أن الوضوء بالطهور وقع قبل النجس فتبطل الصلوات كلها للنجاسة إن قلت : إن نيته غير جازمة لعلمه أنه لا يكتفى بما صلى والثانية إن نوى بها الفرض كان رفضا للأولى وإن نوى النفل لم يسقط عنه وإن نوى التفويض لم يصح ; لأنه لا يقبل الله صلاة بغير نية جازمة كذا أورد ابن راشد القفصي على قولهم صلى بعدد النجس وزيادة إناء عقب كل وضوء صلاة أجيب بأنه حيث وجب الجميع شرعا جزم بالنية في كل كمن نسي صلاة من الخمس لا يدري عينها ( تنبيه ) قال ابن مسلمة يغسل ما أصابه من الماء الأول بالماء الثاني ثم يتوضأ منه قال في الجواهر قال الأصحاب وهو الأشبه بقول مالك واختاره ابن أبي زيد قال في التوضيح ، فإن لم يغسل فلا شيء عليه ا هـ قال شب : لأن المقام مقام ضرورة [ ص: 83 ] مع خفة أمر النجاسة ولا يوجه بإزالتها بالوضوء الثاني لورود مسح الرأس انتهى ( قوله ويبني على الأكثر إن شك فيه ) أي أنه يجعل الأكثر من الأواني النجسة إذا شك في ذلك الأكثر فإذا كان عنده ستة أو إن علم أن أربعة منها من نوع واثنين من نوع وشك هل الأربعة من نوع النجس أو من نوع الطهور ، فإنه يجعلها من النجس ويصلي خمس صلوات بخمس وضوآت ( قوله : وهذا إن اتسع الوقت . . . إلخ ) أشار الشارح إلى أن محل كونه يصلي بعدد النجس وزيادة إناء إن اتسع الوقت لذلك وإلا تركها وتيمم ، وأن لا يجد طهورا محققا غير هذه الأواني وإلا تركها وتوضأ بالطهور المحقق ثم إن ظاهر المصنف أنه يصلي بعدد النجس وزيادة إناء سواء قلت الأواني أو كثرت وهو كذلك على المعتمد ومقابله ما عزاه في التوضيح وابن عرفة لابن القصار من التفصيل بين أن تقل الأواني فيتوضأ بعدد النجس وزيادة إناء وبين أن تكثر الأواني كالثلاثين فيتحرى واحدا منها يتوضأ به إن اتسع الوقت للتحري وإلا تيمم وإذا علمت أن هذا التفصيل مقابل لكلام المصنف تعلم أن تقييد بعضهم كلام المصنف بما إذا لم تكثر الأواني وإلا تحرى فيه نظر انظر بن وح وما قاله المحمدان وابن العربي يتحرى إناء يتوضأ منه مطلقا قلت الأواني أو كثرت وقيل يتركها ويتيمم وظاهر كلامهم أنه لا يحتاج إلى أن يريقها قبل تيممه على القول به تنزيلا لوجودها منزلة العدم ، وظاهر كلام الشافعية أنه يريقها لتحقق عدم الماء قال في التوضيح ولا وجه للتيمم ومعه ماء محقق الطهارة وهو قادر على استعماله أي بالحيلة كما قال ثم إنه على ما مشى عليه المصنف من صلاته بعدد النجس وزيادة إناء لو أريق بعض الأواني بحيث صار الباقي أقل من عدد النجس وزيادة إناء ، فإنه يتيمم على الصحيح كما في ح قال شب ويجري هذا أي ما ذكره المصنف في صعيدات التيمم على الظاهر ; لأن المتيمم على النجس يعيد في الوقت على التأويل الآتي وحينئذ فيتحرى واحدا لخفته ( قوله : ويصلي صلاة واحدة ويبني على الأكثر إن شك ) أي أنه يجعل الأكثر من الأواني الطاهرة إذا شك في ذلك الأكثر كما إذا علم أن عدد أحد النوعين خمسة وعدد الآخر أربعة مثلا ولا يدري ما الذي عدده خمسة وما الذي عدده أربعة ، فإنه يتوضأ بعدد أكثرها وزيادة إناء ويصلي صلاة واحدة .




الخدمات العلمية