الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8028 ) فصل : وإن أطعم كل يوم مسكينا ، حتى أكمل العشرة ، أجزأه ، بلا خلاف نعلمه ; لأن الواجب إطعام عشرة مساكين ، وقد أطعمهم . وإن دفعها إلى من يظنه مسكينا ، فبان غنيا ، ففي ذلك وجهان ، بناء على الروايتين في دفع الزكاة إليه ; أحدهما ، لا يجزئه . وهو قول الشافعي ، وأبي يوسف ، وأبي ثور ، وابن المنذر ; لأنه لم يطعم المساكين ، فلم يجزئه ، كما لو علم .

                                                                                                                                            والثاني ، يجزئه . وهو قول أبي حنيفة ، ومحمد ; لأنه دفعها إلى من يظنه مسكينا ، وظاهره المسكنة ، فأجزأه ، كما لو [ ص: 8 ] لم يعلم ، وهذا لأن الفقر يخفى ، وتشق معرفة حقيقته ، قال الله تعالى : { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف } فوجب أن يكتفي بظهوره وظنه ، وكذلك لما سأل الرجلان النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة ، قال : { إن شئتما أعطيتكما منها ، ولا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب } .

                                                                                                                                            وإن بان كافرا أو عبدا ، لم يجزئه ، وجها واحدا ، كقولنا في الزكاة ; لأن ذلك لا يكاد يخفى ، وليس هو في مظنة الخفاء فإن كان الدافع الإمام ، فأخطأ في الفقر ، لم يضمن ، وإن أخطأ في الحرية والإسلام ، فهل يضمن ؟ على الوجهين ; بناء على خطئه في الحد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية