الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وكذلك الوكيل بالبيع ليس له أن يوكل غيره به إلا على قول ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - فإنه يقول : لما ملك [ ص: 32 ] الوكيل التصرف بنفسه بعد الموكل ملك التفويض إلى غيره بالوكالة ، كما في حقوق نفسه ، ولكنا نقول : الموكل وصي برأي الوكيل الأول ، والناس يتفاوتون في الرأي ، فلا يكون رضاه برأيه فيما يحتاج فيه إلى الرأي رضا برأي غيره ، وكان هو في توكيل الغير به مباشرا غير ما أمره به الموكل ومتصرفا على خلاف ما رضي به ، فلا يجوز إلا أن يبيع الوكيل الثاني بمحضر من الوكيل الأول ، فحينئذ يجوز عندنا استحسانا ، وعند زفر - رحمه الله - : لا يجوز ، كما لو باعه في حال غيبته وهذا ; لأن حقوق العقد إنما تتعلق بالعاقد والموكل ، إنما رضي بأن تتعلق الحقوق بالوكيل الأول دون الثاني ، ولو جاز بيع الثاني بمحضر من الأول تعلقت الحقوق به دون الأول ، ولكنا نقول : مقصود الموكل من هذا أن يكون تمام العقد برأي الوكيل الأول ; وإن كان هو حاضرا فإتمام العقد برأيه فكان مقصوده حاصلا بخلاف ما إذا كان عاما ، والدليل عليه أنه إذا كان حاضرا يصير كأنه هو المباشر للعقد ، ألا ترى أن الأب إذا زوج ابنته البالغة بشهادة رجل واحد بحضرتها يجعل كأنها هي التي باشرت العقد ، حتى يصلح الأب أن يكون شاهدا ، ولا معتبر بالعقد فإنه لو باعه غيره فأجاز الوكيل جاز ; لأن تمام العقد برأيه ، وإن كانت حقوق العقد تتعلق بالمباشر عند الإجازة فكذلك إذا باع بمحضر منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية