الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أمر ) شخص ( عبد غيره بالإباق أو قال ) له ( اقتل نفسك ففعل ) ذلك ( وجب عليه قيمته ) ولو قال له أتلف مال مولاك فأتلف يضمن الآمر ، والفرق أن بأمره بالإباق والقتل صار غاصبا ، ; لأنه استعمله في ذلك الفعل ، وبأمره بالإتلاف لا يصير غاصبا للمال ، بل للعبد وهو قائم لم يتلف ، وإنما التلف بفعل العبد [ ص: 214 ] واعلم أن الآمر لا ضمان عليه بالأمر إلا في ستة إذا كان الآمر سلطانا أو أبا أو سيدا أو المأمور صبيا أو عبدا أمره بإتلاف مال غير سيده وإذا أمره بحفر باب في حائط الغير غرم الحافر ورجع على الآمر أشباه .

التالي السابق


( قوله والفرق إلخ ) استشكله في جامع الفصولين بما في فوائد صاحب المحيط أمر قن غيره بإتلاف مال رجل يغرم مولاه ثم يرجع على آمره إذ الآمر صار مستعملا للقن فصار غاصبا قال : ويمكن الجواب بأنه لا ضمان على القن ، ولا على مولاه في إتلاف مال مولاه فلا رجوع على الآمر ، بخلاف إتلاف مال غيره أو في المسألة روايتان لكنه يفيد أن الآمر يضمن ، وإن لم يكن سلطانا ولا مولى ويأتي خلافه قال ويمكن الجواب بأن المراد ثمة هو الضمان الابتدائي الذي بطريق الإكراه ألا ترى أن المباشر لا يضمن ثمة بخلاف ما نحن فيه فافترقا .

[ ص: 214 ] مطلب الآمر لا ضمان عليه إلا في ستة ( قوله واعلم أن الآمر لا ضمان عليه ) فلو خرق ثوبا بأمر غيره ضمن المخرق لا الآمر جامع الفصولين .

قال الرملي في حاشيته عليه : أقول وجه عدم صحة الأمر أنه لا ولاية له أصلا عليه فلو كان له عليه ولاية كدابة مشتركة بين اثنين استعارها أجنبي من أحدهما فأمر رجلا بتسليمها للمستعير فدفعها له فلا شبهة في ضمان الآمر الشريك ، ; لأن تسليم مأموره كتسليمه هو وإن شاء ضمن المأمور لتعديه بدفع مال الغير بغير إذنه تأمل ا هـ ( قوله إلا في ستة ) هذا على ما في بعض نسخ الأشباه وفي بعضها خمسة بإسقاط أو أبا ( قوله إذا كان الآمر سلطانا ) ; لأن أمره إكراه كما مر في بابه ( قوله أو أبا ) صورته : أمر الأب ابنه البالغ ليوقد نارا في أرضه ففعل ، وتعدت النار إلى أرض جاره فأتلفت شيئا يضمن الأب ; لأن الأمر صح ، فانتقل الفعل إليه كما لو باشره الأب ، بخلاف ما لو استأجر نجارا ليسقط جداره على قارعة الطريق ففعل وتلف به إنسان فإن الضمان على النجار لعدم صحة الأمر كذا في شرح تنوير الأذهان وظاهر هذا التصوير أنه ليس المراد كل أمر من الأب للبالغ ، حتى لو أمره بإتلاف مال أو قتل نفس يكون ضمانه على الابن لفساد الأمر ط .

أقول : ووجهه أنه في الأول استخدام فصح الأمر لوجوب خدمة الأب ، بخلاف غيره فإنه عدوان محض تأمل ، وينبغي تقييده بما لو أوقد النار في يوم ريح أو نارا لا يوقد مثلها ، أو كانت أرض الجار قريبة ، بحيث يصل إليها شرار النار غالبا وإلا فلا ضمان على المالك لو فعل ذلك كما في جامع الفصولين فكذا بفعل ابنه بأمره ( قوله أو سيدا ) أي والمأمور قنه ( قوله أو المأمور صبيا ) كما إذا أمر صبيا بإتلاف مال الغير فأتلفه ضمن الصبي ، ويرجع به على الآمر أشباه . وفي الخانية : حر بالغ أمر صبيا بقتل رجل فالدية على عاقلة الصبي ، ثم يرجعون على عاقلة الآمر ، فلو الآمر صبيا أيضا فلا رجوع ولو عبدا مأذونا لا يضمن الآمر ا هـ ملخصا .

وفي جامع الفصولين قال لصبي : اصعد هذه الشجرة فانفض لي ثمرها فصعد فسقط تجب ديته على عاقلة آمره ، وكذا لو أمره بحمل شيء أو كسر حطب بلا إذن وليه ، ولو لم يقل اصعد لي بل قال اصعدها وانفض لنفسك أو نحوه فسقط ومات فالمختار هو الضمان وقيل لا ضمان ا هـ ( قوله أو عبدا أمره بإتلاف مال غير سيده ) أو بالإباق أو بقتل نفسه كما مر ، فلو أمره بإتلاف مال سيده لا يضمن كما مر أيضا قال الحموي : إذ لو ضمن لرجع على سيد العبد بما ضمنه لسيده ولا فائدة فيه ا هـ ( قوله وإذا أمره ) الضمير المنصوب يعود إلى المأمور لا بقيد كونه صبيا أو عبدا ( قوله ورجع على الآمر ) أفاد في التتارخانية أن الرجوع فيما إذا قال له احفر لي بزيادة لفظة لي أو قال في حائطي أو كان ساكنا في تلك الدار أو استأجره على ذلك ; لأن ذلك كله من علامات الملك وإلا فلا يرجع ; لأن الأمر لم يصح بزعم المأمور ا هـ وعليه فلو قال : احفر لي في حائط الغير أو علم أنه للغير لا يرجع فإطلاق الشارح في محل التقييد فتنبه .

[ تتمة ] في الهندية عن الذخيرة : أمر غيره أن يذبح له هذه الشاة ، وكانت لجاره ضمن الذابح علم أو لا ، لكن إن علم لا يكون له حق الرجوع وإلا رجع ا هـ وفي البزازية : أمر أجيره برش الماء في فناء دكانه فرش فما تولد منه فضمانه على الآمر ، وإن بغير أمره فالضمان على الراش ا هـ .

قلت : فصارت المستثنيات ثمانية ويزاد تاسعة : وهي ما قدمناه قريبا عن الرملي والتتبع بنفي الحصر




الخدمات العلمية