الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ولو وكله بأن يشتري له رقبة ، أو مملوكا ، لا تجوز له الوكالة ، وإن بين الثمن لتمكن الجهالة في الجنس ; وهذا لأن الذكور مع الإناث من بني آدم . جنسان مختلفان ; لاختلافهما في المنافع ، فلا يصح التوكيل إلا ببيان الجنس ، وإذا وكله بشراء جارية وسمى جنسها وثمنها فاشتراها له عوراء ، أو عمياء ، أو مقطوعة اليدين والرجلين ، أو إحداهما ; أو مقعدة ، فهو جائز على الآمر في قول أبي حنيفة - رحمه الله - إذا اشتراها بمثل القيمة ، أو بما يتغابن الناس فيه ، وعندهما كذلك في قطعاء اليد والعوراء ، فأما العمياء ، والمقطوعة اليدين ، والرجلين ، والمقعدة ، فلا يجوز على الآمر ، ويكون مشتريا لنفسه ، وهذا بناء على ما سبق ، فإنهما يعتبران العرف والشراء ، والعمياء والمقعدة غير متعارف بين الناس ، فأما العوراء فمعيبة ، وشراء المعيب متعارف توضيحه : [ ص: 40 ] أن العمى وقطع اليدين يفوت منفعة الجنس ، وذلك استهلاك حكم ، ولهذا لا يجوز التكفير بالرقبة العمياء ، فأما العور وقطع إحدى اليدين فليس باستهلاك ، ألا ترى أن التكفير به يصح .

وأبو حنيفة - رحمه الله - بنى على أصله أن المطلق يجري على إطلاقه ، ما لم يقم دليل التقييد ، وقد سمى له الجارية مطلقا ، واسم الجارية حقيقة في العمياء ، ومقطوعة ، اليدين ، ولا يثبت التقيد بالعرف ، لأن العرف مشترك ، فقد يشتري المرء رقبة عمياء ، ترحما عليها ، لابتغاء مرضاة الله - عز وجل - أو قصدا إلى ولائها ، أو إلى ولاء أولادها ، بخلاف الرقبة في كفارة اليمين ، فإن دليل التقييد هناك قد قام ، وهو أن الكفارات أجزية الأفعال ، وهي مشروعة للزجر عن ارتكاب أسبابها ، ولا يحصل الزجر بالعمياء ومقطوعة اليدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية