الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 224 ] باب طلب الشفعة . ( ويطلبها الشفيع في مجلس علمه ) من مشتر أو رسوله أو عدل أو عدد ( بالبيع ) وإن امتد المجلس كالمخيرة هو الأصح درر وعليه المتون ، خلافا لما في جواهر الفتاوى أنه على الفور وعليه الفتوى [ ص: 225 ] ( بلفظ يفهم طلبها كطلبت الشفعة ونحوه ) كأنا طالبها أو أطلبها ( وهو ) يسمى ( طلب المواثبة ) أي المبادرة ، والإشهاد فيه ليس بلازم بل لمخافة الجحود ( ثم ) يشهد ( على البائع لو ) العقار ( في يده أو على المشتري وإن ) لم يكن ذا يد لأنه مالك أو عند العقار ( فيقول اشترى فلان هذه الدار وأنا شفيعها وقد كنت طلبت الشفعة وأطلبها الآن فاشهدوا عليه ، وهو طلب إشهاد ) ويسمى طلب التقرير ( وهذا ) الطلب لا بد منه ، [ ص: 226 ] حتى لو تمكن ولو بكتاب أو رسول ولم يشهد بطلت شفعته ( وإن لم يتمكن ) منه ( لا ) تبطل ولو أشهد في طلب المواثبة عند أحد هؤلاء كفاه وقام مقام الطلبين ثم بعد هذين الطلبين يطلب عند قاض فيقول اشترى ( فلان دار كذا وأنا شفيعها بدار كذا لي ) لو قال بسبب كذا كما في الملتقى لشمل الشريك في نفس المبيع ( فمره يسلم ) الدار ( إلى ) هذا لو قبضها المشتري وطلب الخصومة لا يتوقف عليه ( وهو ) يسمى ( طلب تمليك وخصومة وبتأخيره مطلقا ) بعذر وبغيره شهرا أو أكثر ( لا تبطل الشفعة ) حتى يسقطها بلسانه ( به يفتى ) وهو ظاهر المذهب

وقيل يفتى بقول محمد إن أخره شهرا بلا عذر بطلت كذا في الملتقى ، يعني دفعا للضرر . قلنا : دفعه برفعه للقاضي ليأمره بالأخذ أو الترك . [ ص: 227 ] ( وإذا طلب ) الشفيع ( سأل القاضي الخصم عن مالكية الشفيع لما يشفع به ، فإن أقر بها ) أي بملكية ما يشفع به ( أو نكل عن الحلف على العلم أو برهن الشفيع ) أنها ملكه ( سأله عن الشراء ) هل اشتريت أم لا ( فإن أقر به أو نكل عن اليمين على الحاصل ) في شفعة الخليط ( أو على السبب ) في شفعة الجوار لخلاف الشافعي كما مر في كتاب الدعوى ( أو برهن الشفيع قضي له بها ) هذا إذا لم ينكر المشتري طلب الشفيع الشفعة ، فإن أنكر فالقول له بيمينه ابن كمال ( وإن لم يحضر الثمن وقت الدعوى وإذا قضي لزمه إحضاره ، وللمشتري حبس الدار ليقبض ثمنه ، فلو قيل للشفيع ) أي بعد القضاء ، وأما قبله فتبطل عند محمد لعدم التأكد ذكره الزيلعي [ ص: 228 ] ( أد الثمن فأخر لم تبطل ) شفعته ( والخصم ) للشفيع المشتري مطلقا ، و ( البائع قبل التسليم ) الأول بملكه والثاني بيده ابن كمال ( و ) لكن ( لا تسمع البينة عليه حتى يحضر المشتري ) لأنه المالك ( ويفسخ بحضوره ) ولو سلم للمشتري لا يلزم حضور البائع لزوال الملك واليد عنه ابن الكمال ( ويقضي ) القاضي ( بالشفعة والعهدة ) لضمان الثمن عند الاستحقاق ( على البائع قبل تسليم المبيع إلى المشتري ، و ) العهدة ( على المشتري لو بعده ) لما مر .

التالي السابق


باب طلب الشفعة

( قوله من مشتر ) متعلق بعلمه ح ( قوله أو عدل أو عدد ) أي لو كان المخبر فضوليا ، والمراد بالعدد عدد الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان ، وأفاد عدم اشتراط العدالة في العدد وكذا في المشتري لأنه خصم ، ولا تشترط العدالة في الخصوم ، ومثله رسوله كما في التتارخانية . وفيها إن كان الفضولي واحدا غير عدل فإن صدقه ثبت الشراء ، وإن كذبه لا وإن ظهر صدق الخبر عند أبي حنيفة ا هـ . قال في الدرر : وقالا يكفي واحد حرا كان أو عبدا صبيا أو امرأة إذا كان الخبر صدقا ( قوله بالبيع ) متعلق بعلمه ( قوله وإن امتد المجلس ) ما لم يشتغل بما يدل على الإعراض درر البحار ( قوله كالمخيرة ) أي كخيار المخيرة وهي التي قال لها زوجها أمرك بيدك ( قوله هو الأصح ) واختاره الكرخي ( قوله وعليه المتون ) أي ظاهرها ذلك لأنهم عبروا بالمجلس ( قوله خلافا لما في جواهر الفتاوى إلخ ) أشار إلى عدم اختياره لمخالفته لظاهر المتون ، لكن هذا القول مناسب لتسميته طلب المواثبة ولظاهر الحديث الآتي ، وظاهر الهداية اختياره ونسبه إلى عامة المشايخ قال في الشرنبلالية وهو ظاهر الرواية ، حتى لو سكت هنية بغير عذر ولم يطلب أو تكلم بكلام لغو بطلت شفعته كما في الخانية والزيلعي وشرح المجمع ا هـ ، وقوله وعليه الفتوى من كلام الجوهري وهذا ترجيح صريح مع كونه ظاهر الرواية فيقدم على ترجيح المتون بمشيهم على خلافه لأنه ضمني .

[ فروع ]

أخبر بكتاب والشفعة في أوله أو وسطه وقرأه إلى آخره بطلت هداية . سمع وقت الخطبة فطلب بعد الصلاة إن بحيث يسمع الخطبة لا تبطل وإلا ففيه اختلاف المشايخ ، ولو أخبر في التطوع فجعله أربعا أو ستا [ ص: 225 ] فالمختار أنها تبطل لا إن أتم ما بعد الظهر أربعا في الصحيح ، ولو ستا تبطل ولا تبطل إن أتم القبلية أربعا ، وسلامه على غير المشتري يبطلها ولو عليه لا كما لو سبح أو حمدل أو حوقل أو شمت عاطسا تتارخانية : أي على رواية اعتبار المجلس كفاية وشرنبلالية .

مطلب لو سكت لا تبطل ما لم يعلم المشتري والثمن وفي الخانية : أخبر بها فسكت ، قالوا لا تبطل ما لم يعلم المشتري والثمن ، كالبكر إذا استؤمرت ثم علمت أن الأب زوجها من فلان صح ردها ا هـ . أقول : وبه أفتى المصنف التمرتاشي في فتاواه فليحفظ ( قوله بلفظ يفهم طلبها ) متعلق بقوله يطلبها ، والمراد أي لفظ كان ، حتى حكى ابن الفضل : لو قال القروي شفعة شفعه كفى تتارخانية ( قوله طلب المواثبة ) سمي به تبركا بلفظه صلى الله عليه وسلم " { الشفعة لمن واثبها } " ، أي طلبها على وجه السرعة أتقاني ( قوله أي المبادرة ) مفاعلة من الوثوب على الاستعارة ، لأن من يثب : هو من يسرع في طي الأرض بمشيه أتقاني ( قوله والإشهاد فيه ليس بلازم ) كذا في الهداية وغيرها ، لأن طلب المواثبة ليس لإثبات الحق بل ليعلم أنه غير معرض عن الشفعة نهاية ومعراج ( قوله بل لمخافة الجحود ) أي جحود المشتري الطلب . كما قالوا : إذا وهب الأب لطفله وأشهد على ذلك ، وما ذكروا الإشهاد لكونه شرطا لصحة الهبة بل لإثباتها عند إنكار الأب معراج . قال السائحاني : وظاهره أنه لا يصدق بيمينه مع أنه يصدق إذا قال طلبت حين علمت ، نعم لو قال علمت أمس وطلبت كلف إقامة البينة كما في الدرر ا هـ . هذا وظاهر كلام الدرر أن الإشهاد فيه لا يلزم فيما إذا كان في مكان خال من الشهود لأنه صرح بأن مما يبطلها ترك الإشهاد عليه مع القدرة لأنه دليل الإعراض لكن قال الشرنبلالي : إنه سهو ، لأن الشرط الطلب فقط دون الإشهاد عليه ا هـ ويأتي تمام الكلام فيه في الباب الآتي .

وفي القهستاني : يجب الطلب وإن لم يكن عنده أحد لئلا تسقط الشفعة ديانة وليتمكن من الحلف عند الحاجة كما في النهاية ، ولا يشترط الإشهاد فيصح بدونه لو صدقه المشتري كما في الاختيار وغيره ا هـ ، فهذا دليل على أنه غير شرط مطلقا وكذا يدل عليه تصديقه بيمينه فيما مر فتدبر ( قوله ثم يشهد إلخ ) أتى بثم إشارة إلى أن مدة هذا الطلب ليست على فور المجلس في الأكثر بل مقدرة بمدة التمكن من الإشهاد كما في النهاية وغيرها قهستاني ( قوله لو العقار في يده ) وإلا فلا يصح الإشهاد على ما ذكره القدوري وعصام والناطقي ; واختاره الصدر الشهيد وذكر شيخ الإسلام وغيره أنه يصح استحسانا كما في المحيط قهستاني ( قوله وإن لم يكن ذا يد إلخ ) رد على المصنف في المنح لمخالفته لما في الجوهرة والدرر والنهاية والخانية وغيرها ( قوله أو عند العقار ) لتعلق الحق به اختيار ( قوله وهو طلب إشهاد ) أقول : ظاهر عباراتهم لزوم الإشهاد فيه لكن رأيت في الخانية : إنما سمي الثاني طلب الإشهاد لا لأن الإشهاد شرط بل لتمكنه من إثبات الطلب عند جحود [ ص: 226 ] الخصم ا هـ تأمل ( قوله حتى لو تمكن إلخ ) أشار إلى أن مدته مقدرة بالتمكن منه كما مر ، فلو افتتح التطوع بعد طلب المواثبة قبل طلب الإشهاد بطلت خانية .

مطلب طلب عند القاضي قبل طلب الإشهاد بطلت وأفتى في الخيرية بسقوطها إذا طلب عند القاضي قبل طلب الإشهاد فليحفظ . وفي الخانية : إن كان المتبايعان والشفيع والدار في مصر والدار في يد البائع فإلى أيهم ذهب الشفيع وطلب صح ، ولا يعتبر فيه الأقرب والأبعد لأن المصر مع تباعد الأطراف كمكان واحد إلا أن يجتاز على الأقرب ولم يطلب فتبطل ، وإن كان الشفيع وحده في مصر آخر فإلى أيهم ذهب صح ، وإن أحد المتبايعين في مصر الشفيع فطلب من الأبعد بطلت ا هـ ملخصا ( قوله لي ) أي مملوكة لي حال من دار ( قوله لشمل الشريك في نفس المبيع ) لأن قوله بدار كذا يفيد أنها غير الدار المشفوعة فيكون جارا أو شريكا في الحقوق فقط ، بخلاف قوله بسبب كذا فإنه يشمل الثلاثة فافهم ( قوله هذا ) أي قول الشفيع للقاضي مره أي أمر المشتري مفروض فيما لو قبضها المشتري يعني أو وكيله ( قوله وطلب الخصومة لا يتوقف عليه ) أي على قبض المشتري ، إذ لو كانت في يد البائع يصح الطلب أيضا ويأمره بتسليمها للشفيع ، وإنما يتوقف على حضرة المشتري وحده مطلقا أو مع البائع لو قبل التسليم كما سيذكره قريبا . وحاصل كلامه أن كون الأمر متوجها للمشتري ليس بقيد ، لأن قبضه غير شرط لصحة الطلب فافهم ( قوله به يفتى ) كذا في الهداية والكافي درر . قال في العزمية : وقد رأيت فتوى المولى أبي السعود على هذا القول ( قوله وقيل يفتى بقول محمد ) قائله شيخ الإسلام وقاضي خان في فتاواه وشرحه على الجامع ، ومشى عليه في الوقاية والنقاية والذخيرة والمغني .

وفي الشرنبلالية عن البرهان أنه أصح ما يفتى به . قال : يعني أنه أصح من تصحيح الهداية والكافي ، وتمامه فيها ، وعزاه القهستاني إلى المشاهير كالمحيط والخلاصة والمضمرات وغيرها . ثم قال : فقد أشكل ما في الهداية والكافي ( قوله بلا عذر ) فلو بعذر كمرض وسفر أو عدم قاض يرى الشفعة بالجوار في بلده لا تسقط اتفاقا شرح مجمع ( قوله يعني دفعا للضرر ) بيان لوجه الفتوى بقول محمد . قال في شرح المجمع : وفي جامع الخاني : الفتوى اليوم على قول محمد لتغير أحوال الناس في قصد الإضرار ا هـ ، وبه ظهر أن إفتاءهم بخلاف ظاهر الرواية لتغير الزمان فلا يرجح ظاهر الرواية عليه وإن كان مصححا أيضا كما مر في الغصب في مسألة صبغ الثوب بالسواد وله نظائر كثيرة ، بل قد أفتوا بما يخالف رواية أئمتنا الثلاثة كالمسائل المفتى فيها بقول زفر وكمسألة الاستئجار على التعليم ونحوه فافهم ( قوله قلنا إلخ ) أي في الجواب عن ذلك ، وظاهر كلام الشارح أنه يميل إلى ظاهر الرواية كالمصنف ، وهو خلاف ظاهر كلامه في شرحه على الملتقى . والجواب عنه أنه ليس كل أحد يقدر على المرافعة ، وقد لا يخطر بباله أن دفع الضرر بذلك خصوصا بعدما إذا بنى أو غرس فإن الضرر أشد ، وقد [ ص: 227 ] شاهدت غير مرة من جاء يطلبها بعد عدة سنين قصدا للإضرار وطمعا في غلاء السعر ، فلا جرم كان سد هذا الباب أسلم ، والله أعلم ( قوله وإذا طلب الشفيع إلخ ) ذكر سؤال القاضي الخصم عقب طلب الشفيع ، وليس كذلك بل القاضي يسأل أولا الشفيع عن موضع الدار وحدودها لدعواه فيها حقا فلا بد من العلم بها ثم هل قبض المشتري الدار إذ لو لم يقبض لم تصح دعواه عليه ما لم يحضر البائع ، ثم عن سبب شفعته وحدودها ما يشفع به فلعل دعواه بسبب غير صالح أو هو محجوب بغيره

ثم متى علم وكيف صنع ، فلعله طال الزمان أو أعرض ، ثم عن طلب التقرير كيف كان وعند من أشهد : وهل كان أقرب أم لا ؟ فإذا بين ولم يخل بشرط تم دعواه وأقبل على الخصم فسأله زيلعي ملخصا ( قوله الخصم ) وهو المشتري زيلعي ، أي لأن المصنف فرضه كذلك ( قوله عن مالكية الشفيع ) لأنه بمجرد كونها في يده لا يستحق الشفعة ابن ملك ( قوله أو نكل ) قدمه هنا وفيما يأتي على قوله أو برهن مع أن المناسب تأخيره عنه ، لأن النكول بعد العجز عن البرهان رعاية للاختصار ، إذ لو أخره احتاج على إبراز الفاعل فافهم ( قوله على العلم ) بأن يقول بالله ما أعلم أنه مالك لما يشفع به لأنها يمين على فعل الغير ، وهذا قول الثاني ، وعند الثالث على البتات والفتوى على الأول كما في القهستاني . قال ابن ملك : وهذا إذا قال المشتري ما أعلم ، ولو قال أعلم أنه غير مملوك يحلف على البتات ( قوله أو برهن إلخ ) بأن يقولا إنها ملك هذا الشفيع قبل أن يشتري هذا المشتري هذا العقار وهي له إلى الساعة ولم نعلم أنها خرجت عن ملكه ، فلو قالا إنها لهذا الجار لا يكفي كما في المحيط . وعن أبي يوسف لا حاجة إلى البرهان قهستاني ( قوله سأله عن الشراء ) ليثبت كونه خصما عنده ابن ملك ( قوله على الحاصل في شفعة الخليط ) لأن ثبوت الشفعة فيه متفق عليه ، فيقول بالله ما استحق الشفيع في هذا العقار الشفعة من الوجه الذي ذكره قهستاني ، لأن في الاستحلاف على السبب إضرارا للمدعى عليه لجواز أن يكون قد فسخ العقد ابن ملك

( قوله أو على السبب إلخ ) بأن يقول بالله ما اشتريت هذه الدار ، لأنه لو حلف فيه على الحاصل يصدق في يمينه في اعتقاده فيفوت النظر في حق المدعي ( قوله هذا إذا لم ينكر المشتري إلخ ) ظاهره أنه إذا أنكر طلبه الشفعة وقد كان أنكر الشراء فأقام عليه البرهان به أو عجز عنه فطلب يمينه فنكل أن يكون القول قوله ، ولا يعد متناقضا ويحرر ط ( قوله فالقول له بيمينه ) أي المشتري ، فإن أنكر طلب المواثبة حلف على العلم أو طلب التقرير فعلى البتات لإحاطة العلم به كما في الكبرى قهستاني ، لكن قدمنا عنه عن النهاية أن طلب المواثبة واجب لئلا تسقط شفعته وليتمكن من الحلف عند الحاجة ، ومفاده أن القول للشفيع بيمينه في طلب المواثبة إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا قال علمت أمس وطلبت أما إذا قال طلبت حين علمت فالقول له بيمينه كما قدمناه عن الدرر فتدبر ( قوله وإن لم يحضر الثمن ) إن وصلية : أي لم يحضره إلى مجلس القاضي ، لأن الثمن لا يجب قبل القضاء . قال في الهداية : وهذا ظاهر رواية الأصل . وعن محمد لا يقضى حتى يحضره وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة ، لأن الشفيع عساه يكون مفلسا ( قوله فلو قيل للشفيع إلخ ) أي [ ص: 228 ] قيل له ذلك بعد القضاء بها فأخر : أي قال ليس عندي الثمن أو أحضره غدا أو ما أشبه ذلك لا تبطل شفعته بالإجماع ، وإن قال ذلك قبل القضاء تبطل عند محمد نص عليه الزيلعي رملي

( قوله والخصم للشفيع المشتري مطلقا إلخ ) المراد بالإطلاق قبل التسليم أو بعده وبالتسليم تسليم المبيع للمشتري وبالأول المشتري وبالثاني البائع والباء في بملكه وبيده للسببية أي إن الأول خصم بسبب ملكه والثاني بسبب كون العقار المبيع بيده ، وفي ذكر الإطلاق هنا نظر يظهر من سوق كلام ابن الكمال ، فإنه قال : والخصم للشفيع البائع والمشتري إن لم يسلم أحدهما بيده والآخر بملكه فلا تسمع البينة على البائع حتى يحضر المشتري ، وإن سلم إلى المشتري لا يشترط حضور البائع لزوال الملك واليد عنه ا هـ ملخصا . وحاصله أن الخصم قبل التسليم هو البائع والمشتري وبعده المشتري وحده ، فقول الشارح الخصم المشتري إن أراد وحده لا يصح قوله مطلقا ، وإن أراد مع البائع لا يناسب قوله قبل التسليم ، فكان عليه أن لا يذكر الإطلاق . وأما كون الخصم بعد التسليم هو المشتري وحده فسينبه عليه بعده فتدبر ( قوله ولكن لا تسمع ) الاستدراك في محله بالنظر إلى مجرد المتن ، وأما بالنظر إلى عبارة الشارح حيث زاد أولا المشتري ، فهو مستدرك والمقام مقام التفريع كما قدمناه في عبارة ابن الكمال تأمل ( قوله لأنه المالك ) قال الزيلعي : لأن الشفيع مقصوده أن يستحق الملك واليد فيقضي القاضي بهما لأن لأحدهما يدا وللآخر ملكا ا هـ . أي فلذا كان لا بد من حضورهما كما في الهداية ، وفي قوله ويفسخ بحضوره إشارة إلى علة أخرى لحضور المشتري وهي أن يصير مقضيا عليه بالفسخ كما نبه عليه في الهداية ، لأن القضاء على الغائب لا يجوز ملكا أو فسخا كفاية

( قوله ويفسخ بحضوره ) أي حضور المشتري . وصورة الفسخ أن يقول : فسخت شراء المشتري ولا يقول فسخت البيع لئلا يبطل حق الشفعة لأنها بناء على البيع فتتحول الصفقة إلى الشفيع ويصير كأنه المشتري ، أفاده صاحب الجوهرة فلم ينفسخ أصله وإنما انفسخت إضافته إلى المشتري ط وهذا في الحكم على البائع قبل التسليم ، أما بعده فالحكم على المشتري لأن البائع صار أجنبيا كما مر ويكون الأخذ منه شراء من المشتري كما يأتي قريبا تأمل ( قوله لزوال الملك واليد عنه ) فصار أجنبيا هداية .

[ فرع ] اشترى دارا بألف وباعها لآخر بألفين ثم حضر الشفيع وأراد أخذها بالبيع الأول . قال أبو يوسف : يأخذها من ذي اليد بألف ويقال اطلب بائعك بألف أخرى . وعندهما يشترط حضرة المشتري الأول ، وإن طلب البيع الثاني لا يشترط حضرة الأول اتفاقا تتارخانية ( قوله والعهدة ) بالجر مع جواز الرفع قهستاني ، فقوله على البائع متعلق بيقضي وعلى الرفع خبر ( قوله لضمان الثمن إلخ ) أي ضمان الثمن الذي تقلده الشفيع إذا استحق المبيع ( قوله وعلى المشتري لو بعده ) في التتارخانية عن الثاني إذا كان المشتري نقد الثمن ولم يقبض الدار حتى قضي للشفيع بالشفعة فنقد الشفيع الثمن للمشتري فالعهدة عليه وإن للبائع فالعهدة عليه ا هـ طوري ( قوله لما مر ) من قوله لزوال الملك واليد عنه




الخدمات العلمية