الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ثم خص بعض النبيين الذين جاءوا من بعد نوح بالذكر لشهرتهم وعلو مقامهم عند أهل الكتاب فقال : وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان أي وكما أوحينا إلى إبراهيم ومن بعده ; فأما إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الكرام ، فمجمع على فضله ونبوته عند أهل الكتاب كلهم وعند العرب أيضا ، وكل أولئك الأنبياء الذين ذكروا بعده من ذريته ، ويعقوب هو ابن إسحاق بن إبراهيم واشتهر بلقب ( إسرائيل ) فسائر أنبياء أهل الكتاب من ذريته ، ويسمون أنبياء بني إسرائيل ، وأما محمد خاتم النبيين والمرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، فهو من نسل أخيه الأكبر إسماعيل الذبيح صلى الله عليه وسلم .

                          [ ص: 57 ] وأما الأسباط فجمع سبط ، وهو يطلق على ولد الولد . وأسباط بني إسرائيل اثنا عشر سبطا ، فكل نسل من أولاد يعقوب العشرة ، وولدي ابنه يوسف وهما ( إفرايم ومنسى ) يسمى سبطا ; ولذلك قيل : إن الأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في ولد إسماعيل . وأما أبناء يعقوب العشرة آباء الأسباط الأخرى فهم :

                          1 - رؤبين ( بالهمزة ، ويخفف فيقال روبين ) وتصرف فيه بعض العرب فقالوا روبيل .

                          2 - شمعون 3 - يهوذا 4 - يساكر 5 - زبولون 6 - بنيامين 7 - دان 8 - نفتالي 9 - جاد 10 - أشير . فسلالة هؤلاء مع سلالة ابني يوسف هم اثنا عشر سبطا .

                          وأما سلالة ( لاوي ) الابن الثالث ليعقوب فلم تجعل سبطا مستقلا ، بل نيط بهم خدمة دينية خاصة ولهم أحكام خاصة بهم ، والمراد بالوحي إلى الأسباط : الوحي إلى الأنبياء الذين بعثوا فيهم ، وخص منهم بالذكر أشهر المرسلين ; لأن لهم كتبا يهتدى بها ، وما كل نبي يوحى إليه يكون مرسلا وله كتاب .

                          والمشهور عند المفسرين أن الأسباط هم أولاد يعقوب ، ولذلك استشكلوا الوحي إليهم وكونهم من النبيين مع ما بينه الله - تعالى - من كيدهم لأخيهم يوسف ، وكذبهم على أبيهم ، وغير ذلك مما لا يليق بالنبيين ، وأجاب بعضهم بأن ذلك كان منهم قبل النبوة ، ولا يرضى هذا من يقول : إن الأنبياء معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها . وهم يقولون بعموم هذه العصمة ، وإن كان الدليل الذي يحتجون به خاصا بالرسل منهم ، وقد علمت أن إطلاق لفظ الأسباط على أبناء إسرائيل من صلبه خاصة غلط ، وإن المتفق عليه عند أهل الكتاب عامة هو ما ذكرناه ، وما حاجهم الله - تعالى - إلا بما هو معروف عندهم ، فالآية لا تدل على نبوة إخوة يوسف من أولاد يعقوب .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية