الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 449 ] ( باب صفة ) أي كيفية ( الصلاة )

                                                                                                                            المشتملة على واجب ، وينقسم لداخل في ماهيتها ويسمى ركنا ، ولخارج عنها ويسمى شرطا ، وسيأتي في الباب الآتي وعلى مندوب وينقسم أيضا لما يجبر بالسجود ويسمى بعضا لتأكد شأنه بالجبر لشبهه بالبعض حقيقة وسيأتي في سجود السهو ، ولما لم يجبر ويسمى هيئة وهو ما عدا الأبعاض ، ويعبر عنه بعبارات أخرى فيقال : ما شرع للصلاة إن وجب لها فشرط ، أو فيها فركن ، أو سن وجبر فبعض ، وإلا فهيئة ، وشبهت الصلاة بالإنسان فالركن كرأسه والشرط كحياته والبعض كأعضائه والهيئات كشعره ( أركانها ثلاثة عشر ) ركنا كذا في المحرر بجعل الطمأنينة في محالها صفة تابعة ، ويؤيده ما يأتي في التقدم والتأخر بركن ، وظاهر عبارة الحاوي أنها أربعة عشر بجعل الطمأنينة في محالها الأربع الآتية ركنا واحدا ، وفي الروضة كأصلها سبعة عشر بجعلها في كل من محالها ركنا ، والخلاف لفظي ، قيل ويصح أن يكون معنويا أيضا ، بدليل أنه لو شك في السجود في طمأنينة الاعتدال مثلا فإن جعلناها تابعة لم يؤثر شكه ، كما لو شك في بعض حروف الفاتحة بعد فراغها ، أو مقصودة لزمه العود للاعتدال فورا كما لو شك في أصل قراءة الفاتحة بعد الركوع فإنه يعود إليها كما يأتي فيتأمل . ويرد بتأثير شكه فيها ، وإن جعلناها تابعة فلا بد من تداركها ، ويفرق بينها وبين الشك في بعض حروف الفاتحة بعد فراغه منها بأنهم اغتفروا ذلك فيها لكثرة حروفها وغلبة الشك فيها ، وبعد المصلي ركنا كالصائم حيث عد ركنا والبائع ركنا تكون الجملة خمسة عشر . وقد يقال : يمكن الفرق بينهما بأن الفاعل إنما جعل ركنا في البيع نظرا للعقد المترتب وجوده عليه [ ص: 450 ] كالمعقود عليه ، ولهذا كان التحقيق أنهما شرطان لأنهما خارجان عنه ، وفي الصوم لأن ماهيته غير موجودة في الخارج وإنما تتعقل بتعقل الفاعل ، فجعل ركنا لتكون تابعة له ، بخلاف نحو الصلاة توجد خارجا فلم يحتج للنظر لفاعلها ، ثم الركن كالشرط في أنه لا بد منه ، ويفارقه بما مر وبأن الشرط ما اعتبر في الصلاة بحيث يقارن كل معتبر سواه ، والركن ما اعتبر فيها لا بهذا الوجه ، ولا يرد الاستقبال لأنه وإن كان حاصلا في القيام والقعود حقيقة هو حاصل في غيرهما عرفا مع أنه ببعض مقدم البدن حاصل حقيقة أيضا ، وشمل هذا التعريف التورك كترك الكلام ونحوه وهو ما في الروضة كأصلها ، لكن صوب في المجموع أنها مبطلات :

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 449 ] ( باب صفة الصلاة )

                                                                                                                            ( قوله : أي كيفية الصلاة ) عبارة الإسنوي المراد بالصفة هنا الكيفية ا هـ . أقول : غرضه من سوقها الإشارة إلى أن تفسيرها بالكيفية تفسير مراد ( قوله المشتملة ) في التعبير عن الشرط الخارج بالاشتمال تسمح ، وكأنه أراد به مطلق التعلق وذلك يستوي فيه الركن والشرط ( قوله : وينقسم ) أي الواجب ( قوله : وينقسم ) أي المندوب ( قوله : ويعبر عنه ) أي هذا التفصيل المتقدم من قوله المشتملة على واجب وينقسم إلخ وقوله وعلى مندوب إلخ ( قوله : وشبهت الصلاة ) هذه حكمة لتقسيم ما تشتمل عليه الصلاة إلى الأقسام الأربعة المذكورة ( قوله : قيل ) قائله حج ( قوله : أيضا ) الأولى إسقاطها ، لأن القائل إنه لفظي لا يجعله معنويا ، وكذا عكسه ، ثم رأيت في نسخة صحيحة إسقاط لفظ أيضا ( قوله : ويرد بتأثير شكه فيها ) أي في طمأنينة الاعتدال ( قوله : اغتفروا ذلك فيها ) أي الفاتحة ( قوله : وبعد ) مستأنف ، وقوله المصلي ركنا : أي مع جعل الطمأنينة في محالها الأربعة ركنا ( قوله : المرتب وجوده عليه ) قد يقال : إن كان المراد بترتب وجوده عليه أن العقد فعل وهو لا يوجد بدون فاعل فالصلاة كذلك [ ص: 450 ] قوله : ولهذا ) أي لكون البائع إنما عد ركنا في البيع لترتبه عليه كان التحقيق أنهما شرطان ، لأنه حيث كانت العلة ترتب العقد على وجوده كان خارجا عن العقد ( قوله : أنهما شرطان ) أي العاقد والمعقود عليه ( قوله : وفي الصوم ) أي وإنما عد الصائم ركنا في الصوم إلخ ( قوله : توجد خارجا ) أي عن القوى : أي المذكورة ، ومن ثم كانت القراءة فيها مسموعة والأفعال مشاهدة ( قوله : ويفارقه بما مر ) أي من أن الركن داخل فيها والشرط خارج عنها ( قوله : وبأن الشرط ما اعتبر في الصلاة ) أي كالطهارة ( قوله : وشمل هذا التعريف ) أي قوله وبأن الشرط ما اعتبر في الصلاة ( قوله : أنها مبطلات ) أي فهي موانع لا شروط .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 448 - 449 ] ( باب صفة الصلاة ) ( قوله : ولخارج عنها ويسمى شرطا وسيأتي في الباب الآتي ) لك أن تقول : لو أراد بالصفة هنا ما يشمل الشرط لترجم للشروط بفصل أو نحوه ، ولما ترجم له بباب على أنا نمنع كون الشرط الخارج عن الماهية من جملة الكيفية ( قوله : تكون الجملة خمسة عشر ) أي بناء على ظاهر عبارة الحاوي وظاهر تعويله عليه دون ما قبله وما [ ص: 450 ] بعده أنه مختاره ( قوله : غير موجودة في الخارج ) رده الشهاب سم بأن ماهية الصوم الإمساك المخصوص بمعنى كف النفس على الوجه المخصوص ، وهو فعل كما صرحوا به في الأصول انتهى . وأقول : الظاهر أن المراد من كلام الشارح أن صورة الصلاة تشاهد بخلاف صورة الصوم ( قوله : لكن صوب في المجموع أنها ) يعني الإخلال بها




                                                                                                                            الخدمات العلمية