الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر طرف من سيرته

من ذلك أنه أقر عمال عمر سنة ، وولى زيد بن ثابت القضاء ، ورزقه على ذلك ستين درهما ، وضمه إلى علي بن أبي طالب حين كثر الناس ، وكان أول كتاب كتبه عثمان إلى عماله:

"أما بعد: فإن الله تعالى أمر الأئمة أن يكونوا رعاة ، ولم يتقدم إليهم أن يكونوا جباة ، وإن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة ، ولم يخلقوا جباة ، وليوشكن أئمتكم أن يصيروا جباة ، ولا يصيروا رعاة ، ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين" .

وقال عمرو بن شعيب : أول من منع الحمام الطيارة والجلامقات عثمان حين ظهرت بالمدينة فأمر عليها عثمان رجلا فمنعهم منها .

[أخبرنا عبد الرحمن بن القزاز ، أخبرنا عبد الصمد بن علي بن المأمون ، أخبرنا ابن حيويه ، حدثنا البغوي ، حدثنا عمي مسلم ، حدثنا مبارك ] ، عن الحسن قال: رأيت عثمان نائما في المسجد ورداؤه تحت رأسه ، فيجيء الرجل فيجلس إليه ، ثم يجيء الرجل فيجلس إليه ، ثم يجيء الرجل فيجلس إليه كأنه أحدهم .

[أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا الحارث بن أسامة ، عن علي بن مسعدة ] ، عن عبد الله الرومي ، قال: كان عثمان يلي وضوء الليل بنفسه . قال: فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك .

فقال: لهم الليل يستريحون فيه .

[قال محمد بن سعد : وأخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام ] ، عن محمد بن سيرين: أن عثمان كان يحيي الليل ، فيختم القرآن في ركعة . [ ص: 339 ]

ومن الحوادث في هذه السنة:

أنه لما قتل عمر اتهم ابنه عبيد الله: الهرمزان وجفينة فقتلهما ، وكان الهرمزان قد أسلم ، وجفينة نصراني .

[أخبرنا محمد بن الحسين ، وإسماعيل بن أحمد قالا: أخبرنا ابن النقور قال: أخبرنا المخلص قال: حدثنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب قال: حدثنا سيف ، عن يحيى بن سعيد] عن سعيد بن المسيب: أن عبد الرحمن بن أبي بكر غداة طعن عمر رضي الله عنه قال: مررت على أبي لؤلؤة عشاء أمس ومعه جفينة والهرمزان ، وهما نجي ، فلما رهقتهم ثاروا وسقط منهم خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فانظروا بأي شيء قتل؟ فجاء قاتل أبي لؤلؤة بالخنجر الذي وصف عبد الرحمن ، فسمع بذلك عبيد الله ، فأمسك حتى مات عمر ، ثم اشتمل على السيف ، فأتىالهرمزان فقتله ، فلما عضه السيف قال: لا إله إلا الله ، ثم مضى حتى أتى جفينة -وكان نصرانيا من أهل الحيرة ظئرا لسعد بن مالك ، أقدمه المدينة للملح الذي بينه وبينه ، وليعلم بالمدينة الكتابة- فلما علاه بالسيف قبص من عينيه ، وتلقى ذلك صهيبا ، فبعث إليه عمرو بن العاص ، فلم يزل به حتى ناوله السيف ، وثاوره سعد ، فأخذ بشعره ، وجاءوا إلى صهيب .

[وحدثنا سيف ، عن ابن الشهيد الحجي] ، عن ابن سابط قال: لما بويع عثمان قال: قولوا فيما أحدث عبيد الله بن عمر . فقالوا: القود القود . ونادى جمهور الناس لعلكم تريدون أن تتبعوا عمر ابنه ، الله الله ، أبعد الله الهرمزان وجفينة . قال سيف: وفي رواية أخرى: فقال عثمان لابن الهرمزان: هذا قاتل أبيك ، وأنت أولى به منا ، فاذهب به [ ص: 340 ] فاقتله . قال: فخرجت به وما في الأرض أحد إلا معي ، إلا أنهم يطلبون إلي فيه ، فقلت لهم: إلي قتله؟ قالوا: نعم . فقلت: ألكم أن تمنعوه؟ قالوا: لا . فتركته لله عز وجل فاحتملوني ، فوالله ما بلغت المنزل إلا على رءوس الرجال وأكفهم .

واختلف فيمن حج بالناس هذه السنة ، فقال أبو معشر والواقدي : حج بهم عبد الرحمن بأمر عثمان ، وقال آخرون: بل حج عثمان رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية