الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في العدة بوضع الحمل ( عدة الحامل ) حرة أو أمة عن فراق حي بطلاق رجعي أو بائن أو ميت ( بوضعه ) أي الحمل لقوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } فهو مخصص لآية { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ولأن المعتبر من العدة براءة الرحم وهي حاصلة بالوضع ( بشرط نسبته إلى ذي العدة ) من زوج أو واطئ بشبهة ( ولو احتمالا كمنفي بلعان ) وهو حمل لأن نفيه عنه غير قطعي لاحتمال كذبه ، ومن ثم لو استلحقه لحقه ، أما [ ص: 135 ] إذا لم يكن كونه منه كصبي لم يبلغ تسع سنين وممسوح ذكره وأنثياه مطلقا أو ذكره فقط ولم يمكن أن تستدخل منيه وإلا لحقه وإن لم يثبت الاستدخال ، وعلى هذا التفصيل يحمل بحث البلقيني اللحوق ، وغيره عدمه ، ومولود لدون ستة أشهر من العقد فلا تنقضي به ، وقول الشارح : فإذا لاعن الحامل ونفى الحمل انقضت عدتها بوضعه ، أي لفرقة الحياة لأن الملاعنة لا تعتد للوفاة ( و ) بشرط ( انفصال كله ) فلا أثر لخروج بعضه واحتاج لهذا مع قوله أولا بوضعه الذي هو صريح في وضع كله لاحتماله للشرطية ومجرد التصوير ، وزعم أنه لا يقال وضعت إلا إذا انفصل كله مردود ( حتى ثاني توأمين ) لأنهما حمل واحد كما مر ( ومتى تخلل دون ستة أشهر فتوأمان ) أو ستة فلا بل هما حملان ، فإلحاق الغزالي الستة بما دونها نسبه فيه الرافعي إلى خلل في ذلك ولمدع ادعاء نفي الخلل بأنه لا بد من لحظة للوطء أو الاستدخال عقب وضع الأول حتى يكون منه هذا الحمل الثاني وذلك يستدعي ستة أشهر ولحظة ، فحيث انتفت اللحظة لزم نقص الستة ، ويلزم من نقصها لحوق الثاني بذي العدة وتوقف انقضائها عليه .

                                                                                                                            لا يقال : يمكن مقارنة الوطء أو الاستدخال للوضع فلا يحتاج لتقدير تلك اللحظة .

                                                                                                                            لأنا نقول : هو في غاية الندور مع أنه يلزم عليه انتفاء الثاني عن ذي العدة مع إمكان كونه منه المصحوب بالغالب كما علم ، فامتنع نفيه [ ص: 136 ] عنه مراعاة لذلك الأمر النادر للاحتياط للنسب والاكتفاء فيه بمجرد الإمكان ، وحينئذ يلحق الثاني بذي العدة لأنه يكتفي في الإلحاق بمجرد الإمكان ويلزم من لحوقه به توقف انقضاء العدة على وضعه ، وفي بعض الشروح هنا ما يخالف ذلك ( وتنقضي ) العدة ( بميت ) لإطلاق الآية ، ولو مات في بطنها واستمر أكثر من أربع سنين لم تنقض إلا بوضعه لعموم الآية كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ولا مبالاة بتضررها بذلك ( لا علقة ) لأنها تسمى دما لا حملا ولا يعلم أنها أصل آدمي ( و ) تنقضي ( بمضغة فيها صورة آدمي خفية ) على غير القوابل ( أخبر بها ) بطريق الجزم أهل الخبرة ومنهم ( القوابل ) لأنها حينئذ تسمى حملا وعبروا بأخبر لأنه لا يشترط لفظ شهادة إلا إذا وجدت دعوى عند قاض أو محكم وإذا اكتفى بالإخبار بالنسبة للباطن فليكتف بقابلة كما هو ظاهر أخذا من قولهم لمن غاب زوجها فأخبرها عدل بموته أن تتزوج باطنا ( فإن لم يكن ) فيها ( صورة ) خفية ( و ) لكن ( قلن ) أي القوابل مثلا لا مع تردد ( هي أصل آدمي ) ولو بقيت تخلقت ( انقضت ) العدة بوضعها أيضا ( على المذهب ) لتيقن براءة الرحم بها كالدم بل أولى ، وإنما لم يعتد بها في الغرة وأمية الولد لأن مدارهما على ما يسمى ولدا ، وتسمى هذه مسألة النصوص لأنه نص هنا على انقضاء العدة بها وعلى عدم وجوب الغرة فيها وعدم الاستيلاد ، والفرق ما مر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في العدة بوضع الحمل ( قوله بوضع الحمل ) أي وما يتبع ذلك مما لو انقضت العدة ثم نكحت إلخ ( قوله : بوضعه ) أي ولو على غير صورة الآدمي كما يأتي عن سم . [ فرع ] قال سم على حج : يقبل قول المرأة في وضع ما تنقضي به العدة ، وظاهره ولو مع كبر بطنها لاحتمال أنه ريح م ر ، ولو مات الحمل في بطنها وتعذر خروجه لم تنقض عدتها ولم تسقط نفقتها ا هـ .

                                                                                                                            وكالنفقة السكنى [ ص: 135 ] بالأولى ( قوله وممسوح ذكره وأنثياه مطلقا ) أي أمكن استدخالها منيه أم لا ( قوله : ولم يمكن أن تستدخل منيه ) ينبغي أن محله ما إذا لم تعترف باستدخال المني بأن ساحقها فنزل منيه بفرجها ( قوله فلا تنقضي به ) ولا يشترط لاعتبار العدة بالأشهر وضع الحمل بل تنقضي العدة مع وجوده حملا على أنه من زنا ، ولا حد عليها لعدم تحقق زناها ( قوله : أي لفرقة الحياة ) ليس في كلام الشارح هنا ما يقتضي خلافه حتى يحتاج للتنبيه عليه فليتأمل ، ولعله أراد التعريض بما سيأتي عنه في فصل عدة حرة إلخ من قوله ولو احتمالا لمنفي بلعان ( قوله : وانفصال كله ) لو انفصل كله إلا شعرا انفصل عنه وبقي في الجوف لم يؤثر في انقضاء العدة ، بخلاف ما لو كان الشعر متصلا وقد انفصل كله ما عدا ذلك الشعر ، وكالشعر فيما ذكر الظفر كذا أفتى بذلك م ر ، ولو كان الحمل غير آدمي فالظاهر انقضاؤها بوضعه م ر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقول سم غير آدمي : أي بأن كان من زوجها وخلق على غير صورة الآدمي ولو وطئها غير آدمي واحتمل كون الحمل منه لا يمنع من انقضاء العدة بوضعه لأن الشرط نسبته إلى ذي العدة ولو احتمالا وهو موجود هنا ( قوله : لاحتماله للشرطية ) أي لأن يكون المعنى بشرط انفصال كله ، وقوله ومجرد التصوير يريد أن ذكر الكل صورة مما يصدق عليه الوضع ( قوله : حتى ثاني توأمين ) اعلم أن التوم بلا همز اسم لمجموع الولدين فأكثر في بطن واحد من جميع الحيوان ، وبهمز كرجل توأم وامرأة توأمة مفردا وتثنيته توأمان [ ص: 136 ] كما في المتن ، فاعتراضه بأنه لا تثنية له وهم لما علمت من الفرق بين التوم بلا همز والتوأم بالهمز ، وأن تثنية المتن إنما هي للمهموز لا غير ا هـ حج ( قوله : لم تنقض إلا بوضعه ) أي ولو خافت الزنا : قال سم : ولم تسقط نفقتها ا هـ .

                                                                                                                            وفي سم على حج : ولو استمر في بطنها مدة طويلة وتضررت بعدم انقضاء العدة وكذا لو استمر حيا في بطنها وزاد على أربع سنين حيث ثبت وجوده ولم يحتمل وضع ولا وطء ، ولا ينافي ذلك قولهم أكثر مدة الحمل أربع سنين لأنه في مجهول البقاء زيادة على الأربعة حتى لا يلحق نحو المطلق إذا زاد على الأربع ، وكلامنا في معلوم البقاء زيادة على الأربع هذا هو الذي يظهر وهو حق إن شاء الله تعالى ا هـ .

                                                                                                                            وهو ظاهر حيث ثبت وجوده كما فرضه ، لكن يبقى الكلام في الثبوت بماذا فإنه حيث علم أن أكثر الحمل أربع سنين وزادت المدة عليها كان الظاهر من ذلك انتفاء الحمل ، وأن ما تجده في بطنها من الحركة مثلا ليس مقتضيا لكونه حملا . نعم إن ثبت ذلك بقول معصوم كعيسى وجب العمل به ( قوله : فليكتف بقابلة ) أي امرأة واحدة ( قوله : أن تتزوج باطنا ) يؤخذ من ذلك أن محل الاكتفاء بالقابلة بالنسبة للباطن ، أما بالنسبة لظاهر الحال فلا يثبت إلا بأربع من النساء أو رجلين أو رجل وامرأتين ، ثم رأيته في شرح الروض صرح بالأربع بالنسبة للظاهر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 134 ] فصل ) في العدة بوضع الحمل ( قوله : بطلاق رجعي أو بائن ) الأولى حذفه ليشمل الفسخ والانفساخ ، على أن قصره على هذا لا يلاقى قوله : [ ص: 135 ] الآتي من زوج أو وطء شبهة ( قوله : وقول الشارح إلخ . ) انظر وجه تخصيص التقييد الآتي بكلام الشارح مع أن كلام الشارح مساو لكلامه نفسه ، بل كلامه هو أحوج إلى هذا التقييد لتصريحه أولا بشمول المتن للميت ، على أن الشارح الجلال لم يزد على تصوير المتن فكان اللائق جعل التقييد للمتن نفسه ( قوله : وزعم أنه لا يقال إلخ . ) قال الشهاب سم : انظر موقعه مما قبله مع قوله الصريح إلخ . ثم قال : ويجاب بأن موقعه التنبيه على وقوع هذا الزعم وأنه مردود ا هـ .

                                                                                                                            وفيه ما فيه ، إذ كيف يسوغ له رده مع جزمه به أولا ( قوله : غلطه فيه الرافعي ) قد شنع الشهاب سم على الشهاب حج في نسبته التغليط للرافعي ، مع أنه لم يصرح بتغليط ، وإنما قال إن فيه خللا ، والشهاب حج لم ينفرد بنسبة التغليط للرافعي بل سبقه إليه الأذرعي وغيره ( قوله : ولمدع ادعاء نفي الغلط ) وعبارة حج : ولقائل أن يقول وكل من العبارتين يوهم عدم السبق إلى هذا الجواب وليس كذلك بل هو لابن الرفعة مع مزيد بسط [ ص: 136 ] قوله : مراعاة لذلك ) هو معمول لنفيه



                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            وفي حج : فرع : اختلفوا في التسبب لإسقاط ما لم يصل لحد نفخ الروح فيه ، وهو مائة وعشرون يوما ، والذي يتجه وفاقا لابن العماد وغيره الحرمة ، ولا يشكل عليه جواز العزل لوضوح الفرق بينهما بأن المني حال نزوله محض جماد لم يتهيأ للحياة بوجه ، بخلافه بعد استقراره في الرحم وأخذه في مبادئ التخلق ، ويعرف ذلك بالأمارات .

                                                                                                                            وفي حديث مسلم { أنه يكون بعد اثنتين وأربعين ليلة } أي ابتداؤه كما مر في الرجعة ، ويحرم استعمال ما يقطع الحبل من أصله كما صرح به كثيرون ، وهو ظاهر ا هـ .

                                                                                                                            وقول حج والذي يتجه إلخ لكن في شرح م ر في أمهات الأولاد خلافه ، وقوله وأخذه في مبادئ التخلق قضيته أنه لا يحرم قبل ذلك وعموم كلامه الأول يخالفه ، وقوله من أصله : أي أما ما يبطل الحمل مدة ولا يقطعه من أصله فلا يحرم كما هو ظاهر ، ثم الظاهر أنه إن كان لعذر كتربية ولد لم يكره [ ص: 137 ] أيضا وإلا كره




                                                                                                                            الخدمات العلمية