الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) يسن ( في الحضر ) [ ص: 540 ] لإمام ومنفرد ، ذكره الحلبي ، والناس عنه غافلون ( طوال المفصل ) من الحجرات إلى آخر البروج ( في الفجر والظهر ، و ) منها إلى آخر - لم يكن - ( أوساطه في العصر والعشاء ، و ) باقية ( قصاره في المغرب ) أي في كل ركعة سورة مما ذكره الحلبي ، [ ص: 541 ] واختار في البدائع عدم التقدير ، وأنه يختلف بالوقت والقوم والإمام .

وفي الحجة : يقرأ في الفرض بالترسل حرفا حرفا ، وفي التراويح بين بين ، وفي النفل ليلا له أن يسرع بعد أن يقرأ كما يفهم ، ويجوز بالروايات السبع ، لكن الأولى أن لا يقرأ بالغريبة عند العوام صيانة لدينهم

التالي السابق


( قوله ذكره الحلبي ) ونقله الزاهدي في القنية عن المجرد بقوله قال أبو حنيفة : والذي يصلي وحده بمنزلة الإمام في جميع ما وصفنا من القراءة سوى الجهر . قال الزاهدي وهذا نص على أن القراءة المسنونة يستوي فيها الإمام والمنفرد والناس عنه غافلون ( قوله طوال المفصل ) بكسر الطاء جمع طويل ككريم وكرام ، واقتصر عليه في الصحاح . وأما بالضم فالرجل الطويل كما صرح به ابن مالك في مثلثه والمفصل بفتح الصاد المهملة هو السبع السابع من القرآن ; سمي به لكثرة فصله بالبسملة أو لقلة المنسوخ منه ، ولهذا يسمى بالمحكم أيضا .

واختلف في أوله . قال في البحر : والذي عليه أصحابنا أنه من الحجرات . ا هـ . قال الرملي : نظم ابن أبي شريف الأقوال فيه بقوله : مفصل قرآن بأوله أتى خلاف فصافات وقاف وسبح وجاثية ملك وصف قتالها
وفتح ضحى حجراتها ذا المصحح وزاد السيوطي في الإتقان قولين فأوصلها إلى اثني عشر قولا : الرحمن ، والإنسان ( قوله إلى آخر البروج ) عزاه في الخزائن إلى شرح الكنز للشيخ باكير ، وقال بعده : وفي النهر لا يخفى دخول الغاية في المغيا هنا ا هـ فالبروج من الطوال ، وهو مفاد عبارة الهداية المذكورة آنفا ، لكن مفاد ما نقلناه بعدها عن شرح المنية وشرح المجمع أنها من الأوساط ، ونقله في الشرنبلالية عن الكافي بل نقل القهستاني عن الكافي خروج الغاية الأولى والثانية ، وعليه فسورة - لم يكن - من القصار ، وتوقف في ذلك كله صاحب الحلية وقال : العبارة لا تفيد ذلك بل يحتاج إلى ثبت في ذلك من خارج ، والله أعلم أي لأن الغاية تحتمل الدخول والخروج فافهم ( قوله في الفجر والظهر ) قال في النهر : هذا مخالف لما في نية المصلي من أن الظهر كالعصر ، لكن الأكثر على ما عليه المصنف . ا هـ . ( قوله وباقيه ) أي باقي المفصل ( قوله أي في كل ركعة سورة مما ذكر ) أي من الطوال والأوساط والقصار ، ومقتضاه أنه لا نظر إلى مقدار معين من حيث عدد الآيات مع أنه ذكر في النهر أن القراءة من المفصل سنة والمقدار المعين سنة أخرى . ثم قال : وفي الجامع الصغير : يقرأ في الفجر في الركعتين سورة الفاتحة وقدر أربعين أو خمسين واقتصر في الأصل على الأربعين وفي المجرد : ما بين الستين إلى المائة ، والكل ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام ويقرأ في العصر والعشاء خمسة عشر في الركعتين في ظاهر الرواية ، كذا في شرح الجامع لقاضي خان ، وجزم به في الخلاصة . وفي المحيط وغيره يقرأ عشرين وفي المغرب آيات في كل ركعة . ا هـ .

أقول : كون المقروء من سور المفصل على الوجه الذي ذكره المصنف هو المذكور في المتون كالقدوري [ ص: 541 ] والكنز والمجمع والوقاية والنقاية وغيرها ، وحصر المقروء بعدد على ما ذكره في النهر والبحر مما علمته مخالف لما في المتون من بعض الوجوه كما نبه عليه في الحلية فإنه لو قرأ في الفجر أو الظهر سورتين من طوال المفصل يزيدان على مائة آية كالرحمن والواقعة ، أو قرأ في العصر أو العشاء سورتين من أوساط المفصل تزيدان على عشرين أو ثلاثين آية كالغاشية والفجر يكون ذلك موافقا للسنة على ما في المتون لا على الرواية الثانية ، ولا تحصل الموافقة بين الروايتين إلا إذا كانت السورتان موافقا للعدد المذكور ، ويلزم على ما مر عن النهر من أن المقدار المعين سنة أخرى أن تكون قراءة السورتين الزائدتين على ذلك المقدار خارجة عن السنة إلا أن يقتصر من كل سورة منهما على ذلك المقدار مع أنهم صرحوا بأن الأفضل في ركعة الفاتحة وسورة تامة ، فالذي ينبغي المصير إليه أنهما روايتان متخالفتان اختار أصحاب المتون إحداهما ، ويؤيده أنه في متن الملتقى ذكر أولا أن السنة في الفجر حضرا أربعون آية أو ستون ، ثم قال : واستحسنوا طوال المفصل فيها وفي الظهر إلخ .

فذكر أن الثاني استحسان فيترجح على الرواية الأولى لتأيده بالأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري : أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل ، وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل . قال في الكافي : وهو كالمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن المقادير لا تعرف إلا سماعا . ا هـ . ( قوله واختار في البدائع عدم التقدير إلخ ) وعمل الناس اليوم على ما اختاره في البدائع رملي . والظاهر أن المراد عدم التقدير بمقدار معين لكل أحد وفي كل وقت ، كما يفيده تمام العبارة ، بل تارة يقتصر على أدنى ما ورد كأقصر سورة من طوال المفصل في الفجر ، أو أقصر سورة من قصاره عند ضيق وقت أو نحوه من الأعذار ، { لأنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الفجر بالمعوذتين لما سمع بكاء صبي خشية أن يشق على أمه } " وتارة يقرأ أكثر ما ورد إذا لم يمل القوم ، فليس المراد إلغاء الوارد ولو بلا عذر ، ولذا قال في البحر عن البدائع : والجملة فيه أنه ينبغي للإمام أن يقرأ مقدار ما يخف على القوم ولا يثقل عليهم بعد أن يكون على التمام ، وهكذا في الخلاصة ا هـ ( قوله والإمام ) أي من حيث حسن صوته وقبحه ( قوله وفي الحجة ) اسم كتاب من كتب الفتاوى ( قوله بين بين ) أي بأن تكون بين الترسل والإسراع ( قوله ليلا ) لعل وجه التقيد به أن عادة المتهجدين كثرة القراءة في تهجدهم فلهم الإسراع ليحصلوا وردهم من القراءة تأمل ( قوله كما يفهم ) أي بعد أن يمد أقل مد قال به القراء وإلا حرم لترك الترتيل المأمور به شرعا ط ( قوله ويجوز بالروايات السبع ) بل يجوز بالعشر أيضا كما نص عليه أهل الأصول ط ( قوله بالغريبة ) أي بالروايات الغريبة والإمالات لأن بعض السفهاء يقولون ما لا يعلمون فيقعون في الإثم والشقاء ، ولا ينبغي للأئمة أن يحملوا العوام على ما فيه نقصان دينهم ، ولا يقرأ عنده قراءة أبي جعفر وابن عامر وعلي بن حمزة والكسائي صيانة لدينهم فلعلهم يستخفون أو يضحكون وإن كان كل القراءات والروايات صحيحة فصيحة ، ومشايخنا اختاروا قراءة أبي عمرو وحفص عن عاصم ا هـ من التتارخانية عن فتاوى الحجة




الخدمات العلمية