الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وللمرأة أن تهب حقها من القسم في جميع الزمان ، وفي بعضه لبعض ضرائرها بإذنه أو ) تهب حقها من القسم ( لهن ) أي لضرائرها ( كلهن أو ) تهبه ( له ) أي للزوج ( فيجعله لمن شاء منهن ولو أبت الموهوب لها ) ذلك لأن الحق في ذلك للواهبة والزوج فإذا رضيت هي والزوج جاز لأن لا يخرج عنهما وحق الزوج في الاستمتاع ثابت في كل وقت على كل واحدة منهن وإنما منعته المزاحمة في حق صاحبتها فإذا زالت المزاحمة بهبتها ثبت حقه في الاستمتاع بها وإن كرهت كما لو كانت منفردة .

                                                                                                                      وقد ثبت أن سودة وهبت يومها لعائشة { فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة } متفق عليه ( ولا يجوز هبة ذلك بمال ) لأن حقها في كون الزوج عندها وليس ذلك يقابل بمال ( فإن أخذت ) الواهبة ( عليه مالا لزمها رده ) إلى من أخذته منه ( وعليه ) أي الزوج ( أن يقضي لها ) زمن هبتها ( لأنها تركته بشرط العوض ولم يسلم ) العوض ( لها ) فترجع بالمعوض ( فإن كان عوضها غير المال كإرضاء زوجها عنها أو غيره جاز ) لأن عائشة { أرضت [ ص: 206 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفية فأخذت يومها وأخبرت بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره } ( وقال الشيخ قياس المذهب جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره ووقع في كلام القاضي ما يقتضي جوازه ) كأخذ العوض عن القود وفي الخلع ( ثم إن كانت تلك الليلة الموهوبة ) لإحدى الضرائر ( تلي الليلة الموهوبة لها والى ) الزوج ( بينهما ) أي الليلتين فيبيتهما عند الموهوب لها .

                                                                                                                      ( وإلا ) أي وإن لم تل الليلة الموهوب لها ( لم يجز ) أن يوالي بين الليلتين ( إلا برضا الباقيات ) لأن الموهوب لها قامت مقام الواهبة في ليلتها ، فلم تغير عن موضعها كما لو كانت الواهبة باقية فإن رضين جاز لأن الحق لا يخرج عنهن ( ومتى رجعت ) الواهبة ( في الهبة عاد حقها في المستقبل فقط ولو في بعض الليل ) لأنها هبة لم تقبض ( ولا يقضيه ) أي لا يقضي بعضا من ليلة ( إن لم يعلم ) الزوج برجوعها ( إلا بعد فراغ الليلة ) لحصول التفريط منها ( ولها ) أي المرأة ( هبة ذلك ) أي قسمها ( ونفقتها وغيرهما لزوجها ليمسكها ولها الرجوع في المستقبل ) لأنها هبة لم تقبض بخلاف ما مضى لأنه قد اتصل به القبض ( ولا قسم عليه في ملك اليمين ) .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية