الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          713 - مسألة : والذي لا يجد من أين يؤدي زكاة الفطر فليست عليه ; لما ذكرنا في المسألة التي قبل هذه ، ولا تلزمه وإن أيسر بعد ذلك ; لما ذكر أيضا ؟ فمن قدر على التمر ولم يقدر على الشعير لغلائه ، أو قدر على الشعير ولم يقدر على التمر لغلائه - : أخرج صاعا ولا بد من الذي يقدر عليه ، لما ذكرنا أيضا . فإن لم يقدر إلا على بعض صاع أداه ولا بد ، لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .

                                                                                                                                                                                          ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وهو واسع لبعض الصاع ، فهو مكلف إياه ، وليس واسعا لبعضه ، فلم يكلفه . [ ص: 263 ] وهذا مثل الصلاة ، يعجز عن بعضها ويقدر على بعضها ، ومثل الدين ، يقدر على بعضه ولا يقدر على سائره ؟ وليس هذا مثل الصوم ، يعجز فيه عن تمام اليوم ، أو تمام الشهرين المتتابعين ; ولا مثل الرقبة الواجبة ، والإطعام الواجب في الكفارات ، والهدي الواجب ، يقدر على البعض من كل ذلك ولا يقدر على سائره ; فلا يجزئه شيء منه . لأن من افترض عليه صاع في زكاة الفطر فلا خلاف في أنه جائز له أن يخرج بعضه ثم بعضه ثم بعضه . ولا يجوز تفريق اليوم ، ولا يسمى من لم يتم صوم اليوم صائم يوم ، إلا حيث جاء به النص فيجزئه حينئذ ؟ وأما بعض الرقبة فإن الله تعالى نص بتعويض الصيام من الرقبة إذا لم توجد فلم يجز تعدي النص ، وكان معتق بعض رقبة مخالفا لما أمر به وافترض عليه من الرقبة التامة ، أو من الإطعام المعوض منها ، أو الصيام المعوض منها . وأما بعض الشهرين فمن بعضها ، أو فرقهما فلم يأت بما أمر به متتابعا ، فهو عليه أو عوضه حيث جاء النص بالتعويض منه . وأما الهدي فإن بعض الهدي مع بعض هدي آخر لا يسمى هديا ، فلم يأت بما أمر به ; فهو دين عليه حتى يقدر عليه ؟ وأما الإطعام فيجزئه ما وجد منه حتى يجد باقيه ; لأنه لم يأت مرتبطا بوقت محدود الآخر - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية