الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وليس له مساكنتها ومداخلتها ) أي دخول محل هي فيه ، وإن لم يكن على جهة المساكنة مع انتفاء نحو المحرم الآتي فيحرم عليه ذلك ولو أعمى وإن كان الطلاق رجعيا ورضيت لأن ذلك يجر للخلوة المحرمة بها ، والكلام هنا حيث لم يزد مسكنها على سكنى مثلها لما سيذكر في الدار والحجرة والعلو والسفل ( فإن كان في الدار ) التي ليس فيها سوى مسكن واحد ( محرم لها ) بصير كما قاله الزركشي ( مميز ) بأن كان يحتشم ويمنع وجوده وقوع خلوة بها باعتبار العادة الغالبة فيما يظهر من كلامهم ، وبه يجمع بين ما أوهمته عبارة المصنف كالروضة من التناقض في ذلك لأن المدار على مظنة عدم الخلوة ولا تحصل إلا حينئذ ( ذكر ) أو أنثى ، وحذفه للعلم به من زوجته وأمته بالأولى ( أو ) محرم ( له ) مميز بصير كما مر نظيره ( أنثى أو زوجة أخرى ) كذلك ( أو أمة ) أو امرأة أجنبية كذلك وكل منهن ثقة يحتشمها بحيث يمنع وجودها وقوع فاحشة بحضرتها وكالأجنبية ممسوح أو عبدها بشرط التمييز والبصر والعدالة .

                                                                                                                            والأوجه أن الأعمى الفطن ملحق بالبصير حيث أدت فطنته لمنع وقوع ريبة بل هو أقوى من المميز السابق ( جاز ) مع كراهة كل من مساكنتها إن وسعتهما الدار وإلا وجب انتقالها ومداخلتها إن كانت ثقة للأمن من المحذور حينئذ ، بخلاف ما إذا انتفى شرط مما ذكر ، وإنما حلت خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما ، بخلاف عكسه لما في وقوع فاحشة من امرأة بحضور مثلها من البعد لأنها تحتشمها ولا كذلك الرجل مع مثله ، ومنه يؤخذ امتناع خلوة رجل [ ص: 163 ] بمرد يحرم عليه نظرهم بل ولا أمرد بمثله وهو ظاهر ويمتنع خلوة رجل بغير ثقات وإن كثرن ( ولو كان في الدار حجرة ) وهي كل بناء محوط أو نحوها كطبقة ( فسكنها أحدهما ) أي الزوجين ( و ) سكن ( الآخر ) الحجرة ( الأخرى ) من الدار ( فإن اتحدت المرافق ) لها وهي ما يرتفق به فيها ( كمطبخ ومستراح ) ومصب ماء ومرقى سطح ونحو ذلك ( اشترط محرم ) أو نحوه ممن ذكر .

                                                                                                                            وخرج بفرضه الكلام في حجرتين ما لو لم يكن في الدار إلا البيت وصفة فإنه لا يجوز له أن يساكنها ولو مع محرم لأنها لا تتميز من المسكن بموضع نعم إن بني بينهما حائل وبقي لها ما يليق بها سكنى جاز ( وإلا ) بأن لم تتحد المرافق بل اختصت كل من الحجرتين بمرافق ( فلا ) يشترط نحو محرم إذ لا خلوة ( و ) لكن ( ينبغي ) أن يشترط كما في الشرح الصغير ونقله في الروضة وأصلها عن البغوي ( أن يغلق ) قال القاضي أبو الطيب والماوردي : ويسمر ( ما بينهما من باب ) وأولى من إغلاقه سده و ( أن لا يكون ممر إحداهما ) يمر به ( على الأخرى ) حذرا من وقوع خلوة ( وسفل ) بضم أوله بخطه ويجوز كسره ( وعلو ) بضم أوله بخطه ، ويجوز فتحه وكسره ( كدار وحجرة ) فيما ذكر فيهما والأولى أن تكون في العلو حتى لا يمكنه الاطلاع عليها قاله في التجريد .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فإن كان في الدار ) يشعر ذلك بأنه لو لم يكن في الدار وأراد أن يأتي إليها ليمنع من خلوتها بالزوج لم يجب ذلك وأنه لو كان فيها وامتنع من دوام السكنى إلا بأجرة له على مكثه ليمنع الخلوة لم يجب أيضا ( قوله والأوجه أن الأعمى الفطن إلخ ) قد يتوقف في ذلك ( قوله : ومنه يؤخذ امتناع ) عبارة حج : ومنه يؤخذ أنه لا تحل خلوة إلخ ، وبه يعلم أن قوله ولا أمرد بمثله نظر فيه [ ص: 163 ] الشارح للمعنى لأن الامتناع عبارة عن عدم الحل فكأنه قال لا تحل إلخ ( قوله : بمرد ) ظاهره ولو كثروا جدا ( قوله وإن كثرن ) وفي التوسط عن القفال لو دخلت امرأة المسجد على رجل لم يكن خلوة لأنه يدخله كل أحد ا هـ حج .

                                                                                                                            وإنما يتجه ذلك في مسجد مطروق لا ينقطع طارقوه عادة ، ومثله في ذلك الطريق أو غيره المطروق كذلك بخلاف ما ليس مطروقا كذلك ا هـ حج .

                                                                                                                            ويؤخذ منه أن المدار في الخلوة على اجتماع لا تؤمن معه الريبة عادة ، بخلاف ما لو قطع بانتفائها في العادة فلا يعد خلوة ( قوله : يمر به ) أي بسببه ( قوله : وعلو ) عبارة المختار : وعلو الدار بضم العين وكسرها ضد سفلها بضم السين وكسرها ا هـ .

                                                                                                                            ومثله في المصباح ، وعبارة القاموس : وعلو الشيء مثلثه ا هـ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : بين ما أوهمته عبارة المصنف كالروضة من التناقض ) عبارة التحفة بين ما أوهمته عبارة المتن والروضة إلخ . أي فالتناقض المتوهم واقع بين عبارة المتن وبين عبارة الروضة ، وإلا فكلام المصنف بمجرده لا يوهم تناقضا ، فالصواب إبدال [ ص: 163 ] الكاف واوا في كلام الشارح ( قوله : بمرد يحرم عليه نظرهم ) لعل المراد يحرم عليه نظرهم لو فرضوا إناثا ليخرج الصغار والمحارم ، ، وإلا فالمراد لا يحرم نظرهم على المذهب خلافا لاختيار المصنف السابق في النكاح ، ولا يقال يحرم نظرهم بشهوة ، لأنا نقول لا خصوصية للرد بذلك .




                                                                                                                            الخدمات العلمية