الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3723 حدثنا إسمعيل بن موسى حدثنا محمد بن عمر بن الرومي حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا دار الحكمة وعلي بابها قال أبو عيسى هذا حديث غريب منكر وروى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكروا فيه عن الصنابحي ولا نعرف هذا الحديث عن واحد من الثقات عن شريك وفي الباب عن ابن عباس [ ص: 155 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 155 ] قوله : ( أخبرنا محمد بن عمر بن الرومي ) اعلم أنه وقع في النسخة الأحمدية وغيرها : أخبرنا محمد بن عمر الرومي بإسقاط كلمة ابن ، وهو غلط والصواب محمد بن عمر بن الرومي بذكرها . ففي التقريب محمد بن عمر بن عبد الله بن فيروز الباهلي مولاهم ابن الرومي البصري لين الحديث من العاشرة وكذا في تهذيب التهذيب ، والخلاصة وكذا وقع عند الترمذي في مناقب زيد بن حارثة ( عن الصنابحي ) هو عبد الرحمن بن عسيلة . قوله : " أنا دار الحكمة وعلي " أي : ابن أبي طالب " بابها " أي : الذي يدخل منه إليها ، قال الطيبي : لعل الشيعة تتمسك بهذا التمثيل أن أخذ العلم ، والحكمة منه مختص به لا يتجاوز إلى غيره إلا بواسطته -رضي الله عنه- ؛ لأن الدار إنما يدخل من بابها وقد قال تعالى وأتوا البيوت من أبوابها ولا حجة لهم فيه إذ ليس دار الجنة بأوسع من دار الحكمة ولها ثمانية أبواب . انتهى ، وقال القاري : معنى الحديث : علي باب من أبوابها ، ولكن التخصيص يفيد نوعا من التعظيم ، وهو كذلك لأنه بالنسبة إلى بعض الصحابة أعظمهم وأعلمهم ، ومما يدل على أن جميع الأصحاب بمنزلة الأبواب قوله -صلى الله عليه وسلم- : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ، من الإيماء إلى اختلاف مراتب أنوارها في الاهتداء ، ومما يحقق ذلك أن التابعين أخذوا أنواع العلوم الشرعية من القراءة والتفسير ، والحديث ، والفقة من سائر الصحابة غير علي -رضي الله عنه- أيضا فعلم عدم انحصار البابية في حقه ، اللهم إلا أن يختص بباب القضاء فإنه ورد في شأنه أنه " أقضاكم " . كما أنه جاء في حق أبي أنه " أقرؤكم " ، وفي حق زيد بن ثابت أنه " أفرضكم " ، وفي حق معاذ بن جبل أنه " أعلمكم بالحلال ، والحرام " . قلت : قال الحافظ في التلخيص حديث : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " . رواه عبد بن حميد في مسنده من طريق حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر وحمزة ضعيف جدا ، ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق حميد بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وحميد لا يعرف ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه ، وذكره البزار من رواية عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر ، وعبد الرحيم كذاب ، ومن حديث أنس أيضا وإسناده واه ورواه القضاعي في مسند الشهاب له من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وفي إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي [ ص: 156 ] وهو كذاب ، ورواه أبو ذر الهروي في كتاب السنة من حديث مندل عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم منقطعا وهو في غاية الضعف ، قال أبو بكر البزار : هذا الكلام لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال ابن حزم : هذا خبر مكذوب موضوع باطل ، وقال البيهقي في الاعتقاد عقب حديث أبي موسى الأشعري الذي أخرجه مسلم بلفظ : " النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون .

                                                                                                          وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون
                                                                                                          " قال البيهقي : روي في حديث موصول بإسناد غير قوي يعني حديث عبد الرحيم العمي ، وفي حديث منقطع يعني حديث الضحاك بن مزاحم : " مثل أصحابي كمثل النجوم في السماء من أخذ بنجم منها اهتدى " قال : والذي رويناه هاهنا من الحديث الصحيح يؤدي بعض معناه ، قال الحافظ : صدق البيهقي هو يؤدي صحة التشبيه للصحابة بالنجوم خاصة أما في الاقتداء فلا يظهر في حديث أبي موسى ، نعم يمكن أن يتلمح ذلك من معنى الاهتداء بالنجوم وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض . انتهى . قوله : ( هذا حديث غريب منكر ) اختلف أهل العلم في هذا الحديث فقال ابن الجوزي وغيره إنه موضوع ، وقال الحاكم وغيره إنه صحيح ، قال الحافظ ابن حجر : والصواب خلاف قولهما معا ، وأن الحديث من قسم الحسن لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب كذا في الفوائد المجموعة للشوكاني . قوله : ( وفي الباب عن ابن عباس ) أخرجه الحاكم في مستدركه ، وقال : صحيح ، وتعقبه الذهبي .




                                                                                                          الخدمات العلمية