الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والجماعة سنة مؤكدة للرجال ) قال الزاهدي : أرادوا بالتأكيد الوجوب إلا في جمعة وعيد فشرط . وفي التراويح سنة كفاية ، وفي وتر رمضان مستحبة على قول . وفي وتر غيره وتطوع على سبيل التداعي مكروهة ، وسنحققه . ويكره تكرار الجماعة بأذان وإقامة في مسجد محلة لا في مسجد طريق أو مسجد لا إمام له ولا مؤذن

التالي السابق


( قوله قال الزاهدي إلخ ) توفيق بين القول بالسنية والقول بالوجوب الآتي ، وبيان أن المراد بهما واحد أخذا من استدلالهم بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد بترك الجماعة . وفي النهر عن المفيد : الجماعة واجبة ، وسنة لوجوبها بالسنة ا هـ وهذا كجوابهم عن رواية سنية الوتر بأن وجوبها ثبت بالسنة قال في النهر : إلا أن هذا يقتضي الاتفاق على أن تركها مرة بلا عذر يوجب إثما مع أنه قول العراقيين . والخراسانيون ن على أنه يأثم إذا اعتاد الترك كما في القنية . ا هـ .

وقال في شرح المنية : والأحكام تدل على الوجوب ، من أن تاركها بلا عذر يعزر وترد شهادته ، ويأثم الجيران بالسكوت عنه ، وقد يوفق بأن ذلك مقيد بالمداومة على الترك كما هو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم " { لا يشهدون الصلاة } " وفي الحديث الآخر " { يصلون في بيوتهم } " كما يعطيه ظاهر إسناد المضارع نحو بنو فلان يأكلون البر : أي عادتهم ، فالواجب الحضور أحيانا ، والسنة المؤكدة التي تقرب منه المواظبة . ا هـ . ويرد عليه ما مر عن النهر ، إلا أن يجاب بأن قول العراقيين يأثم بتركها مرة مبني على القول بأنها فرض عين عند بعض مشايخنا كما نقله الزيلعي وغيره ، أو على القول بأنها فرض كفاية كما نقله في القنية عن الطحاوي والكرخي وجماعة ، فإذا تركها الكل مرة بلا عذر أثموا فتأمل ( قوله فشرط ) بناء على القول بوجوب العيد ; أما على القول بسنيتها فتسن الجماعة فيها كما في الحلية والبحر ; ثم قال في البحر : ولا يخفى أن الجماعة شرط الصحة على كل من القولين ا هـ أي شرط لصحة وقوعها واجبة أو سنة فافهم ( قوله سنة كفاية ) أي على كل أهل محلة ، لما في منية المصلي من بحث التراويح ، من أن إقامتها بالجماعة سنة على سبيل الكفاية حتى لو ترك أهل محلة ، كلهم الجماعة فقد تركوا السنة وأساءوا في ذلك ، وإن تخلف من أفراد الناس وصلى في بيته فقد ترك الفضيلة ا هـ ( قوله على قول ) وغير مستحبة على قول آخر بل يصليها وحده في بيته ، وهما قولان مصححان وسيأتي قبيل إدراك الفريضة ترجيح الثاني بأنه المذهب ( قوله وفي وتر غيره إلخ ) كراهة الجماعة فيه هو المشهور ، وذكره القدوري في مختصره ، وذكر في غيره عدم الكراهة ، ووفق في الحلية بحمل الأول على المواظبة والثاني على الفعل أحيانا ، وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى ( قوله على سبيل التداعي ) بأن يقتدي أربعة فأكثر بواحد ( قوله وسنحققه ) أي قبيل إدراك الفريضة . [ تتمة ]

قال في الحلية : وأما الجماعة في صلاة الخسوف ظاهر كلام الجم الغفير من أهل المذهب كراهتها . وفي شرح الزاهدي : وقيل جائزة عندنا لكنها ليست بسنة . ا هـ . مطلب في تكرار الجماعة في المسجد

( قوله ويكره ) أي تحريما لقول الكافي لا يجوز والمجمع لا يباح وشرح الجامع الصغير إنه بدعة كما في رسالة السندي ( قوله بأذان وإقامة إلخ ) عبارته في الخزائن : أجمع مما هنا ونصها : يكره تكرار الجماعة في مسجد محلة [ ص: 553 ] بأذان وإقامة ، إلا إذا صلى بهما فيه أولا غير أهله ، لو أهله لكن بمخافتة الأذان ، ولو كرر أهله بدونهما أو كان مسجد طريق جاز إجماعا ; كما في مسجد ليس له إمام ولا مؤذن ويصلي الناس فيه فوجا فوجا ، فإن الأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة كما في أمالي قاضي خان ا هـ ونحوه في الدرر ، والمراد بمسجد المحلة ما له إمام وجماعة معلومون كما في الدرر وغيرها . قال في المنبع : والتقييد بالمسجد المختص بالمحلة احتراز من الشارع ، وبالأذان الثاني احترازا عما إذا صلى في مسجد المحلة جماعة بغير أذان حيث يباح إجماعا . ا هـ . ثم قال في الاستدلال على الإمام الشافعي النافي للكراهة ما نصه : ولنا { أنه عليه الصلاة والسلام كان خرج ليصلح بين قوم فعاد إلى المسجد وقد صلى أهل المسجد فرجع إلى منزله فجمع أهله وصلى } " ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد ولأن في الإطلاق هكذا تقليل الجماعة معنى ، فإنهم لا يجتمعون إذا علموا أنهم لا تفوتهم .

وأما مسجد الشارع فالناس فيه سواء لا اختصاص له بفريق دون فريق ا هـ ومثله في البدائع وغيرها ، ومقتضى هذا الاستدلال كراهة التكرار في مسجد المحلة ولو بدون أذان ; ويؤيده ما في الظهيرية : لو دخل جماعة المسجد بعد ما صلى فيه أهله يصلون وحدانا وهو ظاهر الرواية ا هـ وهذا مخالف لحكاية الإجماع المارة ، وعن هذا ذكر العلامة الشيخ السندي تلميذ المحقق ابن الهمام في رسالته أن ما يفعله أهل الحرمين من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه اتفاقا . ونقل عن بعض مشايخنا إنكاره صريحا حين حضر الموسم بمكة سنة 551 منهم الشريف الغزنوي . وذكر أنه أفتى بعض المالكية بعدم جواز ذلك على مذهب العلماء الأربعة . ونقل إنكار ذلك أيضا عن جماعة من الحنفية والشافعية والمالكية حضروا الموسم سنة 551 ا هـ وأقره الرملي في حاشية البحر ، لكن يشكل عليه أن نحو المسجد المكي والمدني ليس له جماعة معلومون ، فلا يصدق عليه أنه مسجد محلة ، بل هو كمسجد شارع ، وقد مر أنه لا كراهة في تكرار الجماعة فيه إجماعا فليتأمل ،

هذا وقدمنا في باب الأذان عن آخر شرح المنية عن أبي يوسف أنه إذا لم تكن الجماعة على الهيئة الأولى لا تكره وإلا تكره ، وهو الصحيح ، وبالعدول عن المحراب تختلف الهيئة كذا في البزازية انتهى . وفي التتارخانية عن الولوالجية : وبه نأخذ




الخدمات العلمية