الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1686 354 - حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن عروة بن الزبير قال: سألت عائشة رضي الله عنها قالت: ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا من تعليق الحديث السابق لإنكار عائشة على ابن عمر في كون عمرته في رجب، وهنا أيضا أنكرت اعتماره صلى الله عليه وسلم [ ص: 113 ] في رجب بقولها: وما اعتمر في رجب قط، وأورده مختصرا عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن عطاء بن أبي رباح، وأخرجه مسلم مطولا فقال: حدثنا هارون بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال: أخبرنا ابن جريج قال: سمعت عطاء يخبر قال: أخبرني عروة بن الزبير قال: كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة، وأنا أسمع ضربها بالسواك تستن، قال: فقلت: يا أبا عبد الرحمن، اعتمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في رجب؟ قال: نعم، فقلت لعائشة: أي أماه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قلت: يقول: اعتمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في رجب، فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن! لعمري ما اعتمر في رجب، وما اعتمر في عمرة إلا وإنه لمعه. قال: وابن عمر يسمع فما قال: لا، ولا نعم، سكت.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): نفت عائشة، وأثبت ابن عمر، والقاعدة تقديم الإثبات على النفي، فهلا حكم لابن عمر على عائشة.

                                                                                                                                                                                  (قلت): إن إثبات ابن عمر كونها في رجب يعارضه إثبات آخر، وهو كونها في ذي القعدة، فكلاهما ناف لوقت، ومثبت لوقت آخر، فعائشة وإن نفت رجبا فقد أثبتت كونها في ذي القعدة، وقد اتفقت عائشة، وابن عمر، وابن عباس على نفي الزيادة في عدد عمره صلى الله عليه وسلم على أربع، وأثبتت عائشة كون الثلاثة في ذي القعدة خلا التي في حجته، فترجح إثبات عائشة لذلك، فإن إثبات ابن عباس أيضا كذلك، وانفرد ابن عمر بإثبات رجب، فكان إثبات عائشة مع ابن عباس أقوى من إثبات ابن عمر وحده، وانضم لذلك كون عائشة أنكرت عليه ما أثبته من الاعتمار في رجب، وسكت، فوجب المصير إلى قول عائشة رضي الله عنها.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): قال الإسماعيلي: هذا الحديث لا يدخل في باب: كم اعتمر، وإنما يدخل في باب: متى اعتمر صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.

                                                                                                                                                                                  (قلت): أجاب بعضهم بأن غرض البخاري الطريق الأولى، وإنما أورد هذا لينبه على الخلاف في السياق، وقال صاحب التوضيح: بل داخل فيه، والزمان وقع استطرادا.

                                                                                                                                                                                  (قلت): الأوجه في ذلك ما ذكرته في أول شرح الحديث؛ أنه من تعليق الحديث السابق، وداخل في عداده، فالترجمة تشمل الكل، فافهم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية