الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 635 ] [ ص: 636 ] [ ص: 637 ] قوله تعالى : ( أولئك الذين خسروا أنفسهم )

                    أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي قال : ثنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن منصور الطبري الحافظ قال : 1022 - أخبرنا محمد بن جعفر قال : أخبرنا عبيد الله قال : ثنا أحمد قال : ثنا عبد الله قال : ثنا معاوية ، عن علي : عن ابن عباس في قوله : ( أولئك الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ) .

                    قال : هم الكفار الذين خلقهم الله للنار ،وخلق النار لهم ، فزالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنة ، قال الله : ( خسر الدنيا والآخرة ) .

                    وقوله : ( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) .

                    1023 - يقول : لولا إيمانكم ، فأخبر الله الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين .

                    قوله تعالى : ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) .

                    1024 - أخبرنا محمد بن جعفر ، ثنا عبيد الله بن ثابت ، ثنا أحمد بن منصور ، ثنا أبو صالح ، ثنا معاوية ، عن علي بن أبي طلحة .

                    [ ص: 638 ] عن ابن عباس في قوله : ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) .

                    وقوله : ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) .

                    وقوله : ( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) .

                    وقوله : ( ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) .

                    وقوله : ( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ) .

                    وقوله : ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) .

                    وقوله : ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) .

                    وقوله : ( جعلنا في أعناقهم أغلالا ) .

                    وقوله : ( من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ) .

                    وقوله : ( فمنهم شقي وسعيد ) .

                    ونحو هذا من القرآن .

                    وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى ، فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول .

                    [ ص: 639 ] ثم قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) .

                    يقول : ( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) .

                    ثم قال : ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) .

                    ويقول : ( ليس لك من الأمر شيء ) .

                    قوله تعالى : ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) .

                    1025 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن يوسف قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب \ح\

                    1026 - وأخبرنا عبد الله بن أحمد قال : ثنا عبد الله بن محمد بن زياد ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب قال : ثنا حيوة قال : حدثني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( كتب الله مقادير الخلق كلهم قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء ) .

                    أخرجه مسلم في الصحيح .

                    [ ص: 640 ] 1027 - أخبرنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ( قال : أنا محمد بن هارون الروياني ثنا محمد بن إسحاق أنبأ إسحاق بن عيسى أنا مالك عن زياد بن سعد ) عن عمرو بن مسلم : عن طاوس قال : أدركت ناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : كل شيء بقدر .

                    وسمعت عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ) .

                    أخرجه مسلم في الصحيح .

                    1028 - أخبرنا عبد الله بن مسلم بن يحيى ، وعبيد الله بن أحمد بن علي ، وعبد السلام بن علي بن محمد بن عمير قالوا : ثنا الحسين بن ( إسماعيل ثنا محمد بن عمر بن أبي مذعور ) ثنا عبد الله بن إدريس ثنا ربيعة بن عمر عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن الأعرج .

                    عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله تبارك وتعالى ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقولن : لو أني فعلت كذا وكذا ، ولكن ( قل ) قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ) .

                    [ ص: 641 ] أخرجه مسلم .

                    1029 - أخبرنا عبيد الله بن أحمد أخبرنا الحسين بن إسماعيل قال : ثنا علي بن أحمد الجواربي الواسطي قال : ثنا يعقوب بن محمد - يعني الزهري - قال : ثنا عبد العزيز - يعني ابن محمد الدراوردي - عن عمرو بن أبي عمرو عن الأعرج : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن النذر لا يقدر لابن آدم شيئا لم يكن الله قدره ولكن النذر يوافق القدر فيخرج ذلك من البخيل ما لم يكن يريد أن يخرجه ) .

                    أخرجه مسلم .

                    1030 - أخبرنا محمد بن عمر بن محمد بن حميد قال : ثنا أحمد بن عبد الله الوكيل قال : ثنا العباس بن يزيد قال : ثنا سفيان بن عيينة \ح\ :

                    1031 - وأخبرنا محمد بن الحسين الفارسي قال ثنا محمد بن عمير البزاز - بمصر - قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى قال : ثنا سفيان \ح\

                    1032 - وأخبرنا محمد بن عبد الله بن القاسم قال : ثنا محمد بن [ ص: 642 ] جعفر بن يزيد قال : ثنا علي بن حرب قال : ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن طاوس : سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حاج آدم موسى فقال موسى : يا آدم أنت أبونا أخرجتنا من الجنة .

                    فقال آدم : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده تلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟

                    قال : فحج آدم موسى "
                    واللفظ لعلي بن حرب .

                    أخرجه البخاري ومسلم .

                    1033 - أخبرنا محمد بن علي بن عبد الله بن مهدي الأنباري قال ثنا أحمد بن عمرو المدني قال : ثنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن حميد ، أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني نحو هذا الحديث - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى .

                    فقال موسى : أنت خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته ثم أهبط الناس بخطيئتك إلى الأرض .

                    [ ص: 643 ] قال آدم لموسى : أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ؟ قال موسى : بأربعين عاما .

                    قال آدم : فهل وجدت فيها ( وعصى آدم ربه فغوى ) ؟

                    قال : نعم .

                    قال : فتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة .

                    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فحج آدم موسى
                    ) .

                    أخرجه البخاري ومسلم من حديث كلم الزهري .

                    1034 - أخبرنا عبد الرحمن بن عمر قال : أخبرنا محمد بن جعفر قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد قال : ثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تحاج آدم وموسى فقال موسى : أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة إلى الأرض ؟

                    فقال له آدم : أنت موسى الذي أعطاك الله - عز وجل - كل شيء واصطفاك على الناس برسالته ؟

                    [ ص: 644 ] قال : نعم .

                    قال : تلومني على أمر قد كان كتب قبل أن أفعله من قبل أن أخلق ؟

                    فحج آدم موسى
                    " .

                    أخرجه جميعا .

                    1025 - أخبرنا عبد الله بن مسلم بن يحيى ، أخبرنا الحسين بن إسماعيل ، ثنا أحمد بن المقدام قال : ثنا بشر بن المفضل ، عن داود ، عن عامر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " حج آدم موسى قال : أنت آدم أبو البشر الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة ؟

                    فقال : نعم .

                    أنت موسى الذي اصطفاك الله على الناس برسالاته وبكلامه ؟

                    قال : بلى .

                    قال : ألست تجد فيما أنزل عليك أنه سيخرجني منها قبل أن يدخلنيها ؟

                    قال : فخصم آدم موسى
                    " .

                    1036 - أخبرنا عيسى بن علي ، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال : ثنا هدبة بن خالد قال : حدثنا حماد بن سلمة عن حميد ، عن الحسن : عن جندب - أو غيره - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لقي آدم موسى فقال موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته [ ص: 645 ] وأسجد لك ملائكته ، ثم فعلت ما فعلت وأخرجت ذريتك من الجنة ؟

                    قال : وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك وآتاك التوراة ، فأنا أقدم أم الذكر ؟

                    فقال : بل الذكر .

                    فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فحج آدم موسى
                    " .

                    1037 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن القاسم قال : أخبرنا أبو بشر مكرم بن بكر بن محمود بن مكرم قال : ثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود - المنادي - قال : ثنا يونس بن محمد قال : ثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه : عن يحيى بن يعمر قال : كان رجل من جهينة وفيه رهق وكان يتوثب على جيرانه ، ثم إنه قرأ القرآن وفرض الفرايض وقص على الناس ، ثم إنه صار من أمره أنه زعم أن العمل أنف من شاء عمل خيرا ، ومن شاء [ ص: 646 ] عمل شرا .

                    قال : فلقيت أبا الأسود الديلي فذكرت ذلك له .

                    فقال : كذب ، ما رأينا أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يثبت القدر .

                    ثم إني حججت وحميد بن عبد الرحمن الحميري فلما قضينا حجنا وكنا قلنا : نأتي المدينة فنلقى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسألهم عن القدر .

                    فلما أتينا المدينة لقينا أناسا من الأنصار فلم نسألهم قلنا : حتى نلقى ابن عمر ، أو أبا سعيد الخدري .

                    قال : فلقينا ابن عمر فاكتنفته أنا وصاحبي قال : فقمت عن يمينه وقام عن شماله قال : قلت : تسأله أو أسأله ؟

                    قال : لا بل أسأله - لأني كنت أبسط لسانا منه - .

                    قال : قلت : يا أبا عبد الرحمن إن ناسا عندنا بالعراق قد قرءوا القرآن وفرضوا الفرايض وقصوا على الناس يزعمون أن العمل أنف من شاء عمل خيرا ، ومن شاء عمل شرا .

                    قال : فإذا لقيتم ذلك فقولوا : يقول ابن عمر : هو منكم بريء وأنتم منه براء ، ابن عمر منكم بريء وأنتم منه براء ، فوالله لو جاء أحدهم من العمل بمثل أحد ما تقبل منه حتى يؤمن بالقدر .

                    [ ص: 647 ] لقد حدثني عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أن موسى لقي آدم فقال : يا آدم أنت خلقك الله بيده وأسجد لك الملائكة وأسكنك الجنة فوالله لولا ما فعلت ما دخل أحد من ذريتك النار .

                    قال : فقال : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه تلومني بما قد كان كتب علي قبل أن أخلق .

                    فاحتجا إلى الله فحج آدم موسى ، فاحتجا إلى الله فحج آدم موسى ، فاحتجا إلى الله فحج آدم موسى
                    ) .

                    لقد حدثني عمر أن رجلا في آخر عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أدنو منك ؟

                    قال : نعم .

                    قال : فجاء حتى وضع يده على ركبته .

                    فقال : ما الإسلام ؟

                    قال : ( تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ) .

                    قال : فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت ؟

                    قال : نعم .

                    قال : صدقت .

                    قال : فجعل الناس يتعجبون منه ، يقولون : انظر إليه يسأله ثم يصدقه .

                    قال : فما الإحسان ؟

                    قال : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك ) .

                    قال : فإذا فعلت ذلك فقد أحسنت ؟

                    [ ص: 648 ] قال : ( نعم ) .

                    قال : صدقت .

                    قال : فجعل الناس يتعجبون يقولون : انظروا إليه يسأله ثم يصدقه .

                    قال : فما الإيمان ؟

                    قال : ( أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين والجنة والنار والبعث بعد الموت والقدر كله ) .

                    قال : فإذا فعلت ذلك فقد آمنت ؟

                    قال : ( نعم ) .

                    قال : صدقت .

                    قال : فجعل الناس يتعجبون ويقولون : انظروا كيف يسأله ثم يصدقه .

                    قال : فمتى الساعة ؟

                    قال : ( ما المسئول أعلم بها من السائل ) .

                    قال : فما أعلامها ؟

                    قال : ( أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة الصم البكم ملوكا يتطاولون في البناء ) .

                    ثم انصرف ، فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بعد ذلك ، فقال : تدرون من الرجل الذي أتاكم ؟ قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم
                    .

                    [ ص: 649 ] أخرجه مسلم عن حجاج بن الشاعر عن يونس بن محمد عن المعتمر .

                    1038 - أخبرنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن هارون الروياني قال : ثنا أبو سعيد الأشج قال : ثنا محمد بن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن محارب بن دثار : عن ابن بريدة قال : قدمنا المدينة فأتينا عبد الله بن عمر فقلنا : يا أبا عبد الرحمن إنا بأرض قوم يزعمون أن لا قدر .

                    فقال : من المسلمين ، ممن يصلي إلى القبلة ؟

                    قال : نعم ممن يصلي إلى القبلة .

                    قال : فغضب حتى وددت أني لم أكن سألته .

                    ثم قال : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أن عبد الله بن عمر منهم بريء وأنهم منه براء .

                    [ ص: 650 ] ثم قال : إن شئت حدثناك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                    فقلت : أجل .

                    قال : كنا عند رسول الله فأتاه رجل حسن الثياب طيب الريح حسن الوجه .

                    فقال : السلام عليكم يا رسول الله .

                    قال : وعليك .

                    قال : يا رسول الله أدنو منك ؟

                    قال : ادن .

                    فقلنا : ما رأينا كاليوم رجلا أحسن ثوبا ولا أطيب ريحا ولا أحسن وجها ولا أشد توقيرا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                    ثم قال : يا رسول الله أدنو منك ؟

                    قال : نعم . فدنا منه نبذة .

                    قال : فقلنا مثل مقالتنا .

                    ثم قال الثالثة : أدنو منك يا رسول الله ؟

                    قال : نعم .

                    قال : فدنا حتى ألزق ركبته بركبة رسول الله .

                    فقال : يا رسول الله ما الإسلام ؟

                    قال : تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، وتغتسل من الجنابة .

                    قال : صدقت .

                    قال : فقلنا : ما رأينا كاليوم رجلا كأنه يعلم رسول الله .

                    قال : وما الإيمان ؟

                    قال : أن تؤمن بالله ورسوله ، واليوم الآخر والملائكة والكتاب [ ص: 651 ] والنبيين والقدر كله خيره وشره حلوه ومره .

                    قال : صدقت .

                    فقلنا : والله ما رأينا كاليوم قط فوالله كأنه يعلم رسول الله .

                    قال : يا رسول الله متى الساعة ؟

                    قال : ما المسئول بأعلم بها من السائل . ثم انصرف .

                    فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : علي بالرجل .

                    قال : فقمنا بأجمعنا نطلب الرجل فطلبناه فلم نقدر عليه .

                    فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا جبريل جاء ليعلمكم دينكم ، وما أتاني في صورة إلا عرفته قبل مرتي هذه
                    .

                    1039 - أخبرنا علي بن محمد بن عمر قال : ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : ثنا علي بن حرب الموصلي قال : ثنا محمد بن فضيل ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة : عن يحيى بن يعمر قال : وردنا المدينة فلقينا ابن عمر .

                    فقلنا : إنا قوم نطعن في الأرض فنلقى قوما يزعمون أن لا قدر ... فذكره .

                    قال الشيخ أبو القاسم الحافظ : وهذا أولى بالصواب من حديث الأشج ، وحديث ابن بريدة روي عن علقمة بن مرثد وغيره ، عن يحيى بن يعمر .

                    [ ص: 652 ] 1040 - أخبرنا عيسى بن علي بن عيسى قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : ثنا علي بن الجعد قال : أخبرنا زهير بن معاوية عن الأعمش ، عن زيد بن وهب قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : ثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق \ح\ :

                    1041 - وأخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : ثنا محمد بن زياد بن فروة قال : ثنا أبو شهاب الحناط ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب : عن ابن مسعود : حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \ح\ :

                    1042 - وأخبرنا عبد العزيز بن محمد بن أحمد قال : أخبرنا الحسين بن إسماعيل قال : ثنا يوسف بن موسى قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب : عن عبد الله بن مسعود قال : ثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق : ( إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث إليه الملك - وفي حديث زهير : ثم يبعث الله إليه الملك - بأربع كلمات : رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد ، فوالذي نفسي بيده - وفي حديث أبي شهاب : فوالذي لا إله غيره - إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع ، ثم يدركه ما سبق له في الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، [ ص: 653 ] وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، ثم يدركه ما سبق له في الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ، واللفظ لحديث جرير إلا ما بينت .

                    أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والعلماء كلهم وأجمعوا على صحته .

                    1043 - وأخبرنا عبد الرحمن بن أحمد القزويني قال : ثنا علي بن أحمد بن محمد المعروف ببالويه القزويني قال : ثنا أبو علي الحسن بن علي بن نصر وهو الطوسي قال : ثنا محمد بن يزيد الأسفاطي البصري محدث البصرة قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقلت : يا رسول الله حدثت عن عبد الله بن مسعود حيث يقول : حدثني الصادق المصدوق - أعني حديث القدر - فقال : ( نعم ، أي والله الذي لا إله إلا هو حدثت به ، رحم الله عبد الله بن مسعود حيث حدث به ، ورحم الله زيد بن وهب حيث حدث به ، ورحم الله الأعمش حيث حدث به ، ورحم الله من حدث به قبل الأعمش ، ورحم الله من حدث به بعد الأعمش )

                    1044 - قال ابن قتيبة في كتاب مختلف الحديث : حكي عن [ ص: 654 ] أبي الهذيل العلاف أنه لما روي له عن عبد الله بن مسعود هذا الحديث فقال : كذب عبد الله بن مسعود على رسول الله - صلى عليه وسلم - .

                    وكذب أبو الهذيل الكافر الجاحد لعنه الله .

                    1045 - أخبرنا علي بن محمد بن أحمد بن يعقوب قال : أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى قال : ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار \ح\ :

                    1046 - وأخبرنا عيسى بن علي قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : ثنا داود بن عمرو ، سمع أبا الطفيل يقول : قال حذيفة بن أسيد : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة يقول الملك - في حديث ابن عيينة فيقول - : أي رب أشقي أم سعيد ؟ فيقول الله - عز وجل - ، فيكتبانه ، فيقول الملك : ذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله ويكتب الملك .

                    قال : ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص منها
                    .

                    أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة .

                    1047 - أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن خيران وعبيد الله بن أحمد بن علي قالا : أخبرنا أحمد بن علي بن العلاء قال : ثنا أبو الأشعث قال : ثنا ابن أبي عدي عن ابن جريج قال : حدثني أبو الزبير عن أبي الطفيل قال : [ ص: 655 ] سمعت عبد الله بن مسعود يقول : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره .

                    قال : قلت : خزيا للشيطان أيسعد ويشقى قبل أن يعمل ؟

                    قال : فأتى حذيفة بن أسيد فأخبره بما قال ابن مسعود .

                    قال : أفلا أخبرك بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟

                    قلت : بلى .

                    قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إذا استقرت النطفة في الرحم اثنين وأربعين صباحا نزل ملك الأرحام فخلق عظمها ولحمها وسمعها وبصرها ، ثم قال : أي رب أشقي أم سعيد ؟ فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك فيخرج الملك بالصحيفة ، وما زاد فيها وما نقص
                    ) .

                    لفظهما قريب .

                    أخرجه مسلم من حديث ابن جريج .

                    1048 - أخبرنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن هارون الروياني قال : ثنا أبو داود قال : ثنا حماد بن زياد \ح\ :

                    1049 - وأخبرنا أحمد بن عبيد الله قال : أنبا أحمد علي بن عبد الله بن مبشر قال : ثنا أحمد بن سنان قال : ثنا يزيد بن هارون قال : ثنا حماد بن يزيد قال : ثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس : عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله وكل بالرحم ملكا فيقول : يا رب نطفة علقة ، يا رب مضغة .

                    [ ص: 656 ] فإذا أراد أن يقضي خلقها قال : أي رب ذكر أو أنثى ؟ أشقي أو سعيد ؟ وما الرزق وما الأجل ؟

                    فيكتب ذلك وهو في بطن أمه
                    .

                    أخرجه البخاري ومسلم من حديث حماد بن يزيد .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية