الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويحل التقاطه ) للعلم برضا مالكه ( وتركه أولى ) وقيل أخذه مكروه وأطالوا في الانتصار له ؛ لأنه دناءة نعم إن علم أن الناثر لا يؤثر به ولم يقدح أخذه في مروءته لم يكن تركه أولى ويكره أخذه من الهواء بإزار أو غيره فإن أخذه منه أو التقطه أو بسط ثوبه لأجله فوقع فيه ملكه بالأخذ ولو صبيا وإن أخذه قن ملكه سيده فإن وقع بحجره من غير أن يبسط له فسقط منه قبل قصد أخذه بعذر أو غيره زال اختصاصه به وإلا بقي ولا يملكه ؛ لأنه لم يوجد منه عند وقوعه بحجره قصد تملك ولا فعل لكنه أولى به فيحرم على غيره أخذه منه ولا يملكه بخلاف ما مر في التحجر له ؛ لأن ذاك غير مملوك بخلاف هذا فإنه باق بملك الناثر ولم يأذن له في أخذه ممن هو أولى به [ ص: 438 ] وبهذا يتضح إلحاقهم سقي أرض أو حفر حفرة لا بقصد الاصطياد فتوحل أو وقع فيها صيد وإلجاء سمكة لبركة كبيرة وأخذ صيد من داره التي لم يغلق بابها عليه بالتحجر في أنه وإن كان أحق به لكن يملكه آخذه وإن أثم بدخوله ملكه لا بالنثار وأما ما أوهمه كلامهما هنا من الفرق بين هذه الصورة والتحجر فهو مبني على ضعيف كما أفاده كلامهما في باب الصيد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وقيل أخذه مكروه ) قد تشكل الكراهة بما في الخبر فجاذبنا وجاذبناه إن صح الاحتجاج به إلا أن يحمل ما فيه على ما ذكره بقوله نعم إلخ .

                                                                                                                              ( قوله أو بسط ثوبه إلخ ) عبارة شرح الإرشاد أو بسط ذيله له قال في شرحه الصغير وخرج وقوعه فيه اتفاقا فإنه لا يملكه بل يكون أولى به فيحرم على غيره أخذه إلا إن ظن رضاه أو سقط من ثوبه وإن لم ينفضه وإذا حرم لم يملك أخذه كأخذ فرخ طير عشش بملك الغير أو سمك دخل مع الماء حوضه أو ثلج وقع [ ص: 438 ] في ملكه وإنما ملك المحيي ما تحجره الغير ؛ لأن المتحجر غير مالك فليس الإحياء تصرفا في ملك الغير بخلاف هذه الصور ا هـ فلينظر هذا مع ما ذكره هنا .

                                                                                                                              ( قوله بالتحجر ) متعلق بإلحاقهم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله نعم إن علم ) إلى قوله ؛ لأن ذاك في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله لا يؤثر به ) أي لا يخص به بعضهم دون بعض ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله منه ) أي من الهواء .

                                                                                                                              ( قوله بالأخذ ) الأولى ليشمل الصورة الأخيرة حذفه كما في المغني وشرح المنهج ( قوله وإلا ) أي بأن لم يسقط أو سقط بعد قصد أخذه هذا مقتضى صنيعه فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله بقي ) أي اختصاصه ( قوله فيحرم على غيره إلخ ) عبارة النهاية والمغني فلو أخذه غيره ففي ملكه أي الغير وجهان جاريان فيما لو عشش طائر في ملكه فأخذ فرخه غيره وفيما إذا دخل السمك مع الماء في حوضه وفيما إذا وقع الثلج في ملكه فأخذه غيره وفيما إذا أحيا ما تحجره غيره لكن الأصح في الصور كلها الملك أي للآخذ الثاني كالإحياء ما عدا صورة النثار لقوة الاستيلاء فيها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا يملكه ) أي الغير ( قوله ولم يأذن له ) مقتضاه أنه إذا أذن المالك ملكه فليحرر وعليه فينبغي أن العلم بالرضا من المالك كالإذن وواضح أن إذن من وقع في حجره وعلمه برضاه مبيح للآخذ وتملكه ا هـ سيد عمر [ ص: 438 ] قوله وبهذا ) أي بالفرق المذكور بين التحجر والنثار .

                                                                                                                              ( قوله فتوحل إلخ ) نشر مرتب وقوله فيها إلخ أي الأرض أوالحفرة تنازع فيه الفعلان .

                                                                                                                              ( قوله وإلجاء سمكة ) أي دخولها .

                                                                                                                              ( قوله بالتحجر ) متعلق بإلحاقهم ا هـ سم ( قوله لا بالنثار ) عطف على قوله بالتحجر .

                                                                                                                              ( قوله كما أفاده كلامهما إلخ ) ( خاتمة )

                                                                                                                              في آداب الأكل تسن التسمية قبل الأكل والشرب ولو من جنب وحائض ولو سمى مع كل لقمة فهو حسن وأقلها بسم الله وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم وهي سنة كفاية للجماعة ومع ذلك تسن لكل منهم فإن تركها أوله أتى بها في أثنائه وإن تركها في أثنائه أتى بها في آخره ويسن الحمد بعد الفراغ من ذلك ويجهر بهما ليقتدى به فيهما ويسن غسل اليد قبله وبعده لكن المالك يبتدئ به فيما قبله ويتأخر به فيما بعده ويسن أن يأكل بثلاث أصابع للاتباع وتسن الجماعة والحديث غير المحرم كحكاية الصالحين على الطعام وتقليل الكلام أولى ويسن لعق الإناء والأصابع وأكل ساقط لم يتنجس أو تنجس ولم يتعذر تطهيره وطهر ويسن مؤاكلة عبيده وصغاره وزوجاته وأن لا يخص نفسه بطعام إلا لعذر كدواء بل يؤثرهم على نفسه ولا يقوم المالك عن الطعام وغيره يأكل ما دام يظن به حاجة إلى الأكل ومثله من يقتدى به .

                                                                                                                              وأن يرحب بضيفه ويكرمه ويحمد الله على حصوله ضيفا عنده ويكره الأكل متكئا ومضطجعا ويكره الأكل مما يلي غيره ومن الأعلى والوسط ويستثنى من ذلك نحو الفاكهة مما يتنفل به فيأخذ من أي جانب ويكره تقريب فمه من الطعام بحيث يقع من فمه إليه شيء ، وذمه لا قوله لا أشتهيه أو ما اعتدت أكله ويكره نفض يده في القصعة والشرب من فم القربة والأكل بالشمال والتنفس والنفخ في الإناء والبزاق والمخاط حال أكلهم وقرن تمرتين ونحوهما كعنبتين بغير إذن الشركاء ويسن للضيف وإن لم يأكل أن يدعو للمضيف كأن يقول أكل طعامكم الأبرار وأفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة ويسن قراءة سورة الإخلاص وقريش ويندب أن يشرب بثلاث أنفاس بالتسمية في أولها والحمد في أواخرها ويقول في آخر الأول الحمد لله ويزيد في الثاني رب العالمين وفي الثالث الرحمن الرحيم وأن ينظر في الكوز قبل الشرب ولا يتجشى فيه بل ينحيه عن فمه بالحمد ويرده بالتسمية . والشرب قائما خلاف الأولى .

                                                                                                                              ومن آداب الأكل أن يلتقط فتات الطعام وأن يقول المالك لضيفه ولغيره كزوجته وولده إذا رفع يده من الطعام كل ويكرر عليه ما لم يتحقق أنه اكتفى منه ولا يزيد على ثلاث مرات وأن يتخلل ولا يبتلع ما يخرج من أسنانه بالخلال بل يرميه ويتمضمض بخلاف ما يجمعه بلسانه من بينها فإنه يبلعه وأن يأكل قبل أكله اللحم لقمة أو لقمتين أو ثلاثا من الخبز حتى يسدا الخلل وأن لا يشم الطعام ولا يأكله حارا حتى يبرد ومن آداب الضيف أن لا يخرج إلا بإذن صاحب المنزل وأن لا يجلس في مقابلة حجرة النساء أو سترتهن وأن لا يكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام ومن آداب المضيف أن يشيع الضيف عند خروجه إلى باب الدار وينبغي للآكل أن يقدم الفاكهة ثم اللحم ثم الحلاوة وإنما قدمت الفاكهة ؛ لأنها أسرع استحالة فينبغي أن تقع أسفل المعدة ويندب أن يكون على المائدة نقل وسيأتي إن شاء الله تعالى زيادة على ذلك في باب الأطعمة ا هـ مغني وكذا في الإحياء زيادات كثيرة على ذلك




                                                                                                                              الخدمات العلمية