الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4539 [ ص: 201 ] [ باب] قوله: وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم الآية [ فصلت: 23]

                                                                                                                                                                                                                              4817 - حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا منصور: عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي -أو ثقفيان وقرشي- كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا فأنزل الله -عز وجل- وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم الآية [ فصلت: 22]. وكان سفيان يحدثنا بهذا فيقول: حدثنا منصور أو ابن أبي نجيح أو حميد -أحدهم أو اثنان منهم- ثم ثبت على منصور، وترك ذلك مرارا غير واحدة. [ 1475،4816 - مسلم:2755 - فتح: 8 \ 562]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه أيضا وزاد فيه: كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. . إلى آخره.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 202 ] [ باب] قوله: فإن يصبروا فالنار مثوى لهم الآية [ فصلت: 24]

                                                                                                                                                                                                                              حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حذثنا سفيان الثوري قال: حدثني منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن عبد الله بنحوه.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكره، وقال نحوه، وفي آخر الذي قبله: وكان سفيان يحدثنا بهذا فيقول: ثنا منصور أو ابن أبي نجيح أو حميد يعني: الأعرج -أحدهم أو اثنان منهم- ثم ثبت على منصور ، وترك ذينك مرارا غير مرة.

                                                                                                                                                                                                                              وقد روي بغير شك أن الرجل من قريش، وذكر الثعلبي أن الثقفي اسمه عبد ياليل بن عمرو بن عمير وختناه زمعة وصفوان بن أمية، وقال ابن بشكوال: القرشي: الأسود بن عبد يغوث، والثقفي: الأخنس بن شريق.

                                                                                                                                                                                                                              ذكره ابن عباس ، وفي "تفسير الجوزي" نزلت في صفوان بن أمية وربيعة وحبيب بن عمرو الثقفيين، واختلف في الختن هل هو من قبل الزوج أو الزوجة، وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( كثيرة شحم بطونهم ) يقرأ بإضافة كثيرة إلى شحم، وهو من باب تقديم الخبر على الاسم، وكذلك ( فقه قلوبهم ) معناه: قلوبهم قليلة فقه، والأول بطونهم كثيرة شحم، وفيه تنبيه على أن الفطنة قلما تكون مع السمن.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 203 ] ومعنى تستترون تستخفون في قول الأكثرين، وقال مجاهد : تتقون. وقال قتادة : تظنون، وروي أن أول ما ينبئ عن الإنسان فخذه وكفه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( إن أخفينا ) جاء في رواية: خافتنا، وهو نحوه ; لأن المخافتة والخفت إسرار النطق، وأما الإخفاء فهو كذلك أيضا، وقيل: معناه في اللغة: أظهر، ولا يصح ذلك هنا.

                                                                                                                                                                                                                              وما ذكره سفيان من التردد أولا والقطع آخرا ظاهر لا يقدح ; لأنه تردد في أي هؤلاء الثقات حدثه ثم ثبت له التعيين واستقر عليه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: فإن يصبروا أي: في الدنيا على أعمال أهل النار وإن يستعتبوا : يسترضوا ويطلبوا العتبى فما هم من المعتبين وهذا دال على الجزع ; لأن المستعتب جزع، وقرئ بضم أوله وكسر التاء ( من المعتبين ) أي: على إرضائه ; لأنهم فارقوا دار العمل.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية