الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما يذكر من ملاحم الروم

                                                                      4292 حدثنا النفيلي حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان وملت معهم فحدثنا عن جبير بن نفير عن الهدنة قال قال جبير انطلق بنا إلى ذي مخبر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأتيناه فسأله جبير عن الهدنة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستصالحون الروم صلحا آمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا أبو عمرو عن حسان بن عطية بهذا الحديث وزاد فيه ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة إلا أن الوليد جعل الحديث عن جبير عن ذي مخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود ورواه روح ويحيى بن حمزة وبشر بن بكر عن الأوزاعي كما قال عيسى

                                                                      التالي السابق


                                                                      قال في مراصد الإطلاع : الروم جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم فيقال بلاد الروم ، ومشارق بلادهم وشمالهم الترك والروس والخزري [ الخزري بالتحريك وآخره راء بلاد الترك كذا في المراصد ] وجنوبهم الشام والإسكندرية ومغاربهم البحر والأندلس ، وكانت الرقة والشامات كلها تعد في حدودهم أيام الأكاسرة ، وكانت أنطاكية دار ملكهم إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم انتهى .

                                                                      ( مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان ) : أي ذهبا إليه ( وملت معهم ) : الظاهر معهما كما في رواية ابن ماجه أي ذهبت أنا أيضا معهما ( فحدثنا ) : الضمير المرفوع لخالد ( عن الهدنة ) : بضم هاء وسكون دال مهملة الصلح ( قال ) : أي خالد ( إلى ذي مخبر ) : بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة ابن أبي النجاشي خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، روى عنه جبير بن نفير وغيره يعد في الشاميين ذكره مؤلف المشكاة وفي التهذيب ، ويقال بالميم بدل الموحدة انتهى . قلت : كذلك في ابن ماجه بالميم بدل الموحدة ووقع في بعض النسخ أو قال : ذي مخمر الشك من أبي داود يعني شك أبو داود المؤلف في أنه قال : ذي مخبر بالموحدة أو قال : ذي مخمر بالميم بدل الموحدة ( فسأله جبير عن الهدنة ) : أي الهدنة التي تكون بين المسلمين وبين الروم كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : تكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة فيغدرون بكم رواه ابن ماجه فاللام في الهدنة للعهد أو بحذف الزوائد ( آمنا ) : أي ذا أمن فالصيغة للنسبة أو جعل آمنا للنسبة المجازية ( فتغزون أنتم ) : أي فتقاتلون أيها المسلمون ( وهم ) أي الروم المصالحون معكم ( عدوا من ورائكم ) : أي من خلفكم . [ ص: 311 ] وقال السندي في حاشية ابن ماجه : أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم ، أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم بالانفراد انتهى .

                                                                      قلت : الاحتمال الأول هو الظاهر ( فتنصرون ) : بصيغة المجهول ( وتغنمون ) : بصيغة المعلوم أي الأموال ( وتسلمون ) : من السلامة أي تسلمون من القتل والجرح في القتال ( ثم ترجعون ) : أي من عدوكم ( حتى تنزلوا ) : أي أنتم وأهل الروم ( بمرج ) : بفتح فسكون وآخره جيم أي الموضع الذي ترعى فيه الدواب قاله السندي .

                                                                      وفي النهاية أرض واسعة ذات نبات كثير ( ذي تلول ) : بضم التاء جمع تل بفتحهما وهو موضع مرتفع قاله القاري .

                                                                      وقال السندي كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل انتهى . قلت : هذا هو الظاهر في معنى التل ( من أهل النصرانية ) : وهم الأروام حينئذ قاله القاري ( الصليب ) : بالنصب مفعول يرفع وهو خشبة مربعة يدعون أن عيسى عليه السلام صلب على خشبة كانت على تلك الصورة ( فيقول ) : أي الرجل منهم ( غلب الصليب ) : أي دين النصارى قصدا لإبطال الصلح أو لمجرد الافتخار وإيقاع المسلمين في الغيظ ( فيدقه ) : أي فيكسر المسلم الصليب ( تغدر الروم ) : بكسر الدال أي تنقض العهد ( وتجمع ) : أي رجالهم ويجتمعون ( للملحمة ) : أي للحرب . ( ويثور ) : الثور الهيجان والوثب ( إلى أسلحتهم ) : جمع سلاح أي يعدون ويقومون مسرعين إلى أسلحتهم ( فيقتلون ) : وفي بعض النسخ فيقتتلون أي معهم ( تلك العصابة ) : أي جماعة المسلمين . قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه وقد تقدم في الجهاد انتهى .

                                                                      [ ص: 312 ] وقال القاري نقلا عن ميرك : ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح .




                                                                      الخدمات العلمية