الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8525 ) فصل : وإذا ادعى رجل عبدا في يد آخر أنه اشتراه منه ، وادعى العبد أن سيده أعتقه ، ولا بينة لهما ، فأنكرهما ، حلف لهما ، والعبد له . وإن أقر لأحدهما ، ثبت ما أقر له به ، ويحلف للآخر . وإن أقام أحدهما بينة بما ادعاه ، ثبت . وإن أقام كل واحد منهما بينة بدعواه ، وكانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين ، قدمنا الأولى ، وبطلت الأخرى ; لأنه إن سبق العتق ، لم يصح البيع ; لأن بيع الحر لا يصح ، وإن سبق البيع ، لم يصح العتق ; لأنه أعتق عبد غيره . فإن قيل : يحتمل أنه عاد إلى ملكه فأعتقه . قلنا : قد ثبت الملك للمشتري ، فلا يبطله عتق البائع .

                                                                                                                                            وإن كانتا مؤرختين بتاريخ واحد ، أو مطلقتين ، أو إحداهما مطلقة ، تعارضتا ; لأنه لا ترجيح لإحداهما على الأخرى . فإن كان في يد المشتري ، انبنى ذلك على الخلاف في تقديم بينة الداخل والخارج ، فإن قدمنا بينة الداخل ، فهو للمشتري ، وإن قدمنا بينة الخارج ، قدم العتق ; لأنه خارج . وإن كان في يد البائع ، وقلنا : إن البينتين تسقطان بالتعارض ، صارا كمن لا بينة لهما ، ويرجع إلى السيد ، فإن أنكرهما ، حلف لهما ، وإن أقر بالعتق ، ثبت ، ولم يحلف العبد ; لأنه لو أقر بأنه ما أعتقه ، لم يلزمه شيء ، فلا فائدة في إحلافه ، ويحلف البائع للمشتري . وإن أقر للمشتري ثبت الملك ، ولم يحلف العبد ; لأنه لو أقر له أنه كان أعتقه ، لم يلزمه غرم ، فلا فائدة في إحلافه .

                                                                                                                                            وإن قلنا : يستعملان فاعترف لأحدهما لم يرجح باعترافه لأن ملكه قد زال فإن قلنا ترجح إحدى البينتين بالقرعة أقرعنا بينهما ، فمن خرجت قرعته ، قدمناه . قال أبو بكر هذا قياس قول أبي عبد الله . فعلى هذا ، يحلف من خرجت له القرعة ، في أحد الوجهين . وإن قلنا : يقسم . قسمنا العبد ، فجعلنا نصفه مبيعا ونصفه حرا ، ويسري العتق إلى جميعه إن كان البائع موسرا ; لأن البينة قامت عليه بأنه أعتقه مختارا ، وقد ثبت العتق في نصفه بشهادتهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية