الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن سرق الخامسة عزر وحبس " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يتجاوز بالسارق قطع أطرافه الأربعة في أربع سرقات ، فإن سرق في الخامسة عزر ولم يقتل ، وهو قول جمهور الفقهاء . وحكي عن عثمان بن عفان وعطاء وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعمر بن عبد العزيز : أنه يقتل في الخامسة : لرواية جابر بن عبد الله قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسارق فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق فأمر به فقتل .

                                                                                                                                            ودليلنا : ما قدمناه من رواية أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سرق السارق فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ، فإن عاد فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله وهذا قول قصد به صلى الله عليه وسلم البيان ، ولو وجب قتله في الخامسة لأبانه كما أبان قطعه في الأربع : لأنه لا يجوز أن يمسك عن بعض البيان ، كما لا يجوز أن يمسك عن جميعه ، وهو أولى من حديث جابر : لأنها قضية في عين يجوز أن تحتمل وجوها .

                                                                                                                                            وقد روى الزهري : أن القتل منسوخ : لأنه رفع إليه في الخامسة فلم يقتله ، وعلى أن الصحابة بعده أجمعوا على ترك القتل ، فدل على تقدم نسخه ، وإن لم ينقلوه ، ولأن كل معصية أوجبت حدا لم يكن تكرارها موجبا للقتل كالزنا والقذف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية