الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا حاذته ) ولو بعضو واحد ، وخصه الزيلعي بالساق [ ص: 573 ] والكعب ( امرأة ) ولو أمة ( مشتهاة ) حالا كبنت تسع مطلقا وثمان وسبع لو ضخمة أو ماضيا كعجوز ( ولا حائل بينهما ) أقله قدر ذراع في غلظ أصبع ، أو فرجة تسع رجلا ( في صلاة ) وإن لم تتحد [ ص: 574 ] كنيتها ظهرا بمصلي عصر على الصحيح سراج ، فإنه يصح نفلا على المذهب بحر ، وسيجيء ( مطلقة ) خرج الجنازة ( مشتركة ) فمحاذاة المصلية لمصل ليس في صلاتها مكروهة لا مفسد فتح ( تحريمة ) وإن سبقت ببعضها ( وأداء ) ولو حكما [ ص: 575 ] كلاحقين بعد فراغ الإمام ، بخلاف المسبوقين والمحاذاة في الطريق ( واتحدت الجهة ) فلو اختلفت كما في جوف الكعبة وليلة مظلمة فلا فساد ( فسدت صلاته ) لو مكلفا وإلا لا ( إن نوى ) الإمام وقت شروعه لا بعده ( إمامتها ) وإن لم تكن حاضرة على الظاهر ، ولو نوى امرأة معينة أو النساء إلا هذه عملت نيته ( وإلا ) ينوها ( فسدت صلاتها ) [ ص: 576 ] كما لو أشار إليها بالتأخير فلم تتأخر لتركها فرض المقام فتح . وشرطوا كونها عاقلة ، وكونهما في مكان واحد في ركن كامل ، فالشروط عشرة ( ومحاذاة الأمرد الصبيح ) المشتهى ( لا يفسدها على المذهب ) تضعيف لما في جامع المحبوبي ودرر البحار من الفساد . لأنه في المرأة غير معلول بالشهوة ، بل بترك فرض المقام كما حققه ابن الهمام .

التالي السابق


( قوله وخصه الزيلعي إلخ ) حيث قال المعتبر في المحاذاة الساق والكعب في الأصح ، وبعضهم اعتبر القدم ا هـ فعلى قول البعض لو تأخرت عن الرجل ببعض القدم تفسد وإن كان ساقها وكعبها متأخرا عن ساقه وكعبه ، وعلى الأصح لا تفسد وإن كان بعض قدمها محاذيا لبعض قدمه بأن كان أصابع قدمها عند كعبه مثلا تأمل .

هذا ، ومقتضى قوله وخصه الزيلعي أن قوله ولو بعض واحد خارج عما ذكره الزيلعي فيكون قولا ثالثا في المسألة كما فهمه في البحر . وظاهر كلام الزيلعي أنه ليس في المسألة قول ثالث وإلا لذكره ، بل المراد بالعضو من المرأة قدمها ، ومن الرجل أي عضو كان على ما صرح به في النهاية ; ونصه : شرطنا المحاذاة مطلقا لتتناول كل الأعضاء أو بعضها ، فإنه ذكر في الخلاصة محالا على فوائد القاضي أبي علي النسفي رحمه الله تعالى : المحاذاة أن يحاذي عضو منها عضوا من الرجل ، حتى لو كانت المرأة على الظلة ورجل بحذائها أسفل منها ، إن كان يحاذي الرجل شيئا منها تفسد صلاته ، وإنما عين هذه الصورة لتكون قدم المرأة محاذية للرجل ; لأن المراد بقوله أن يحاذي عضو منها هو قدم المرأة لا غير ، فإن محاذاة غير قدمها لشيء من الرجل لا يوجب فساد صلاته ، نص على هذا في فتاوى الإمام قاضي خان في أواسط فصل من يصح الاقتداء به ومن لا يصح . وقال : المرأة إذا صلت مع زوجها في البيت ، إن كان قدمها بحذاء قدم الزوج لا تجوز صلاتهما بالجماعة ، وإن كان قدماها خلف قدم الزوج إلا أنها طويلة تقع رأس المرأة في السجود قبل رأس الزوج جازت صلاتهما لأن العبرة للقدم ; ألا ترى أن صيد الحرم إذا كان رجلاه خارج الحرم ورأسه في الحرم يحل أخذه ، وإن كان على العكس لا يحل انتهى كلام النهاية ، ونقله في السراج وأقره ; وفي القهستاني : المحاذاة أن تساوي قدم المرأة شيئا من أعضاء الرجل ، فالقدم مأخوذ في مفهومه على ما نقل عن المطرزي ; فمساواة غير قدمها لعضوه غير مفسدة ا هـ . فقد ثبت بما ذكرناه وجود المحاذاة بالقدم في مسألة الظلة المذكورة خلافا لما زعمه في البحر ، وأنه لا فرق بين التعبير بالعضو وبالقدم ، خلافا لما زعمه في البحر أيضا ، وأنه لو اقتدت به متأخرة عنه بقدمها صحت صلاتهما وإن لزم منه محاذاة بعض أعضائها لقدمه أو غيره في حالة الركوع أو السجود لأن المانع ليس محاذاة أي عضو منها لأي عضو منه ، ولا محاذاة قدمه لأي عضو منها ، بل المانع محاذاة قدمها فقط لأي عضو منه . [ تنبيه ]

اعترض في البحر تفسير المحاذاة بما ذكر هنا الزيلعي بأنه قاصر لأنه لا يشمل التقدم ، وقد صرحوا بأن المرأة الواحدة تفسد صلاة ثلاثة إذا وقفت في الصف ، من عن يمينها ، ومن عن يسارها ، ومن خلفها ; فالتفسير [ ص: 573 ] الصحيح للمحاذاة ما في المجتبى : المحاذاة المفسدة أن تقوم بجنب الرجل من غير حائل أو قدامه . ا هـ . وأجاب في النهر بأن المرأة إنما تفسد صلاة من خلفها إذا كان محاذيا لها ، كما قيد به الزيلعي ، وذكره في السراج أيضا ، وصرح به الحاكم الشهيد في كافيه ا هـ ويأتي تمامه قريبا ( قوله امرأة ) مفهومه أن محاذاة الخنثى المشكل لا تفسد ، وبه صرح في التتارخانية ( قوله ولو أمة ) ومثلها الخنثى كما قدمناه عن الإمداد ح ، ولا وجه للمبالغة بالأمة ولعلها ولو أمه بهاء الضمير ط . وعبارته في الخزائن : ولو محرمه أو زوجته ، وخرج به الأمرد . ا هـ . ( قوله كبنت تسع مطلقا ) يفسره لاحقه . قال في البحر : واختلفوا في حد المشتهاة وصحح الزيلعي وغيره أنه لا اعتبار بالسن من السبع على ما قيل أو التسع ، وإنما المعتبر أن تصلح للجماع بأن تكون عبلة ضخمة . والعبلة : المرأة التامة الخلق ا هـ فكلام الشارح غير معتمد لأنه قد يوجد خصوصا في هذا الزمان بنت تسع لا تطيق الوطء ط ( قوله أو فرجة تسع رجلا ) معطوف على حائل لكنه منون لوصفه بالجملة . ا هـ . ح . وفي معراج الدراية : لو كان بينهما فرجة تسع الرجل أو أسطوانة ، قيل لا تفسد ، وكذا إذا قامت أمامه وبينهما هذه الفرجة . ا هـ .

واستشكله في البحر بما اتفقوا على نقله عن أصحابنا ، من أن المرأة تفسد صلاة رجلين من جانبيها ، واحد عن يمينها ، وواحد عن يسارها ، وكذا المرأتان والثلاث ; وكذا تفسد صلاة من خلفها ، فالواحدة تفسد من خلفها صلاة رجل ، ولو كانتا اثنتين فصلاة رجلين ، ولو ثلاثا فصلاة ثلاثة ثلاثة إلى آخر الصفوف ، ولو كن صفا بين الرجال والإمام لا يصح اقتداء الرجال . قال : ووجه إشكاله أن الرجل الذي هو خلفها أو الصف الذي هو خلفهن بينه وبينها فرجة قدر مقام الرجل ، وقد جعلوا الفرجة كالحائل فيمن عن جانبها أو خلفها ، فتعين أن يحمل على ما إذا كان خلفها من غير فرجة محاذيا لها بحيث لا يكون بينه وبينها قدر مقام رجل ، ولهذا قال في السراج : ولو قامت وسط الصف تفسد صلاة واحد عن يمينها وواحد عن يسارها وواحد خلفها بحذائها دون الباقين ، فقد شرط أن يكون من خلفها محاذيا لها للاحتراز عن وجود الفرجة ، وكذا صرح به الزيلعي والحاكم الشهيد ا هـ ملخصا ، وقدمنا نحوه قريبا عن النهر . وأفاد في النهر أيضا أن اشتراط المحاذاة للفساد ليس خاصا بتقدم المرأة الواحدة بل الصف من النساء كذلك ، أي فحيث لم يحاذهن صفوف الرجال فلا فساد .

والحاصل أن المراد من إفساد صلاة من خلفها أن يكون محاذيا لها من خلفها : أي بأن يكون مسامتا لها غير منحرف عنها يمنة أو يسرة قدر مقام الرجل لا مطلق كونه خلفها ، ومراد البحر من تعيين الحمل على المحاذاة ما ذكرنا ، وليس مراده بالمحاذاة ما فهمه المحشي من قيام الرجل خلفها ، بأن يكون وجهه إلى ظهرها قريبا منها بحيث لا يكون بينه وبينها قدر مقام الرجل لأن مرادهم أنها تفسد صلاة رجل من الصف الذي خلفها ، ولا بد من وجود فرجة بين الصفين أكثر من قدر مقام الرجل ، وهذا منشأ الإشكال ; وقد استشهد صاحب البحر على جوابه بعبارة السراج وغيرها مما فيه التصريح بالصفوف ، فعلم أن مراده اشتراط محاذاتها لمن خلفها في الصف المتأخر ، فيتعين حملها على ما ذكرناه ، وإلا لزم أن لا يفسد الصف سوى صلاة صف واحد من الرجال ، ولا الثلاث سوى صلاة ثلاثة رجال من الصف الذي خلفهن فقط دون باقي الصفوف فافهم ( قوله في صلاة وإن لم تتحد ) أشار إلى تعميم الصلاة بما ذكره القهستاني بقوله : فريضة أو نافلة ، واجبة أو سنة : أي تطوع أو فريضة في حق الإمام تطوع في حق المقتدين . قال : وفيه إشارة إلى أن محاذاة المجنونة لا تفسد ; لأن صلاتها ليست بصلاة في الحقيقة [ ص: 574 ]

( قوله على الصحيح ) متعلق بمحذوف تقديره فسدت صلاتهما . ا هـ . ح وهذا بناء على قولهما إنه لا يبطل أصل الصلاة ببطلان وصفها ، فإذا لم تصح صلاتها ظهرا صحت نفلا ، فهي متحدة من حيث أصل الصلاة وإن زاد عليها الإمام بوصف الفرضية ، فقوله وإن لم تتحد يعني صورة باعتبار نيتها . وأما على قول محمد بأنه يبطل الأصل ببطلان الوصف فلا تفسد صلاة من حاذته لأنها ليست بمصلية ، وقد جعله في البحر خلاف المذهب وسيأتي الكلام فيه . وأما ما في المنح من قوله إنه مفرع على بقاء أصل الصلاة عند فساد الاقتداء فكأنه سبق قلم لأن الاقتداء صحيح ، وإنما فسدت نيتها الفرضية وبقي اقتداؤها أصل صلاة الإمام وهو النفل وإن زاد عليها الإمام بوصف الفرضية كما قلنا أفاده الرحمتي ( قوله وسيجيء ) أي في قوله وإذا فسد الاقتداء لا يصح بشروعه في صلاة نفسه ( قوله مطلقة ) وهي ما عهدها مناجاة للرب سبحانه وتعالى ، وهي ذات الركوع والسجود ، أو الإيماء للعذر بحر ( قوله خرج الجنازة ) وكذا سجدة التلاوة ، كما في شرح المنية وغيره . وينبغي إخراجها بقوله في صلاة ، وينبغي إلحاق سجدة الشكر بها ; وكذا سجود السهو لعدم تحقق المحاذاة فيه بالقدم والساق حالة القيام تأمل ( قوله فمحاذاة إلخ ) الأولى ذكره بعد قوله تحريمة كما فعل في شرح المنية لأن الاحتراز عن هذه الصورة بتقييد الاشتراك بالتحريمة كما سنذكره لا بمطلق الاشتراك ; وإلا فالاشتراك في اتحاد الصلاة مثلا موجود فيها ( قوله ليس في صلاتها ) بأن صليا منفردين أو مقتديا أحدهما بإمام لم يقتد به الآخر شرح المنية ( قوله مكروهة ) الظاهر أنها تحريمية لأنها مظنة الشهوة والكراهة على الطارئ ط . قلت : وفي معراج الدراية : وذكر شيخ الإسلام مكان الكراهة الإساءة والكراهة أفحش . ا هـ . ( قوله تحريمة ) الاشتراك في التحريمة أن تبني صلاتها على صلاة من حاذته أو على صلاة إمام من حاذته بحر ، وعلمت محترزه بما ذكرناه آنفا ( قوله وإن سبقت ببعضها ) أي الصلاة ، فلا يشترط أن تدرك أول الصلاة في الصبح ، بل لو سبقها بركعة أو ركعتين فحاذته فيما أدركت تفسد عليه بحر ، وسواء كبرت قبل المحاذي أو معه أو بعده ح ( قوله وأداء ) بأن يكون أحدهما إمامه للآخر ، أو يكون لهما إمام فيما يؤديانه حقيقة كالمدرك ، أو حكما كاللاحق ح . والأولى أن يقول وتأدية ، لئلا يتوهم مقابلته للقضاء مع أنها تفسد في كل صلاة نهر .

وأورد صدر الشريعة هنا شيئين :

أحدهما أن ذكر الأداء يعني عن التحريمة ، إذ لا توجد الشركة في الأداء بدون الشركة في التحريمة .

ثانيهما أن الشركة في التحريمة غير شرط ، فإن الإمام إذا استخلف رجلا فاقتدت المرأة بالخليفة وحاذت رجلا ممن اقتدى بالإمام الأول فسدت صلاة الرجل مع أنه لا شركة بينهما في التحريمة . وأجاب في النهر عن الأول ، بأنهم ذكروا الشركة في التحريمة لأن الشركة في الأداء تتوقف عليها . وفرق بين التنصيص على الشيء وبين كونه لازما لشيء . وأجاب عنه أيضا في شرح المنية بأنه احتراز عما لو اقتدى كل منهما بإمام غير الذي اقتدى به الآخر في صلاة واحدة لأنهما اشتركا أداء لأنه صدق عليهما أن لهما إماما فيما يؤديانه لكنهما لم يشتركا تحريمة . ا هـ . [ ص: 575 ]

أقول : وفيه نظر لأن المراد أن يكون لهما إمام واحد تأمل . وأجيب عن الثاني بأن الشركة ثابتة بين الإمام والمأموم تقديرا بناء على أن تحريمة الخليفة مبنية على تحريمة الإمام الأول فتحصل المشاركة بينهما تحريمة ( قوله كلاحقين ) أي أحدهما امرأة ، فلو حاذته في حال الأداء فسدت صلاته ولو بعد فراغ الإمام لاشتراكهما في الصلاة أداء حكما ( قوله بخلاف المسبوقين ) محترز قوله وأداء فإنهما وإن اشتركا تحريمة لم يشتركا أداء لأن المسبوق المنفرد فيما يقضي إلا في مسائل ليست هذه منها كما سيأتي ، ومثله لو كان أحدهما مسبوقا والآخر لاحقا كما أفاده ح .

وأما لو كانا مسبوقين لاحقين ، فقال في الفتح : فيه تفصيل ، فإنهما لو اقتديا في الثالثة فأحدثا فذهبا فتوضآ ثم حاذته في القضاء ، إن كان الأولى أو الثانية وهي الثالثة والرابعة للإمام تفسد لوجود الشركة فيهما لأنهما فيهما لاحقان ، وإن حاذته في الثالثة والرابعة فلا لعدمها لأنهما مسبوقان ، وهذا بناء على أن اللاحق المسبوق يقضي وجوبا أولا ما لحق به ثم ما سبق به ، وباعتباره تفسد وإن صح عكسه عندنا خلافا لزفر ا هـ . قال في النهر : وينبغي أنه إن نوى قضاء ما سبق به أولا أن ينعكس حكم المسألة ا هـ ( قوله والمحاذاة في الطريق ) معطوف على المسبوقين : أي لا تفسد أيضا إذا حاذته في الطريق للطهارة فيما إذا سبقهما الحدث في الأصح لأنهما غير مشتغلين بالقضاء بل بإصلاح الصلاة لا بحقيقتها وإن كانا في حرمتها ، إذ حقيقتها قيام وقراءة إلخ وليس شيء من ذلك ثابتا فلم توجد الشركة أداء ، وتمامه في الفتح ( قوله كما في جوف الكعبة ) قيد به إذ لا تمكن المحاذاة اختلاف الجهة في خارج فافهم ( قوله وليلة مظلمة ) بأن صليا بالتحري كل منهما إلى جهة ( قوله فسدت صلاته ) جواب قوله وإذا حاذته : أي فسدت صلاته دونها إن لم يكن إماما نهر ، فلو كان إماما فسدت صلاة الجميع إلا إذا أشار إليها بالتأخير كما يأتي . قال في البحر : وأشار بقوله فسدت صلاته إلى أنها لو اقتدت به مقارنة لتكبيره محاذية له وقد نوى إمامتها لم تنعقد تحريمته ، وهو الصحيح كما في الخانية لأن المفسد للصلاة إذا قارن الشروع منع من الانعقاد ( قوله لو مكلفا ) لأن فساد صلاة الرجل لكونه هو المخاطب بتأخيرها ، فإذا لم يؤخرها فقد ترك فرض المقام . قال في الفتح : وفيه أي في هذا التعليل إشارة إلى اشتراط العقل والبلوغ ، فإن الخطاب إنما يتعلق بأفعال المكلفين ، كذا في بعض شروح الجامع ، فلا تفسد صلاة الصبي بالمحاذاة على هذا . ا هـ . ( قوله إن نوى إمامتها ) قال في البحر : هذا القيد مستغنى عنه بذكر الاشتراك السابق . وأقول : غير خاف أنه لا يفهم منه اشتراط النية وإن استلزمه بعد العلم بذلك نهر ( قوله لا بعده ) ظاهره أن صلاتها مع المحاذي صحيحة في هذه الصورة ; لأنه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء ط .

أقول : وفي القنية رامزا إلى شرف الأئمة : ونية الإمام إمامة النساء ، تعتبر وقت الشروع لا بعده . ا هـ . وظاهره أن ذلك شرط في مدة اقتدائهن ، فلو نوى إمامة المرأة بعد شروعه لم يصح اقتداؤها فلا تفسد صلاة من حاذته تأمل ( قوله على الظاهر ) هو استظهار من صاحب البحر بعد حكايته روايتين في المسألة ، ويؤيده أن الفارسي في شرحه على تلخيص الجامع حكى الاشتراط بقيل ( قوله عملت نيته ) فلا تفسد المستثناة ولا غير المعينة لعدم صحة اقتدائهما ( قوله فسدت صلاتها ) ظاهره أنها لا تصير شارعة في الفرض ولا في نفل أيضا . وحكى [ ص: 576 ] في القنية في الثاني روايتين : أي بناء على ما سيأتي ، من أنه إذا فسد الاقتداء هل يصح شروعه في صلاة نفسه أم لا وسيأتي الكلام عليه . [ تنبيه ]

ظاهر إطلاقه أنه لا تصح صلاتها بلا نية الإمام إمامتها في الجمعة والعيدين أيضا ، فالنية شرط فيهما أيضا . قال في النهر : وبه قال كثير إلا أن الأكثر على عدمه فيهما ، وهو الأصح كما في الخلاصة ، وجعل الزيلعي الأكثر على الاشتراط وأجمعوا على عدمه في الجنازة ا هـ . وظاهر عود الضمير في صلاتها على المرأة المحاذية أي لإمام أو لمقتد أنها لو اقتدت غير محاذية لأحد اقتداؤها وإن لم ينوها إلا إذا نفى إمامة النساء كما في القهستاني ، وحينئذ فلا يشترط لصحة اقتداء المرأة نية الإمام إمامتها إلا إذا كانت محاذية وإلا فلا يشترط ، وقدم المصنف في بحث النية أن فيه اختلافا ، وقدمنا هناك عن الحلية أنه يشترط أن لا تتقدم بعد وتحاذي أحدا من إمام أو مأموم ، فإن تقدمت وحاذت لا يبقى اقتداؤها ولا تتم صلاتها . ا هـ . وذكر في النهاية هنا أن هذا قول أبي حنيفة الأول .

وظاهره أن قوله الأخير اشتراط النية مطلقا والعمل على المتأخر كما لا يخفى ، ولهذا أطلق في متن المختار تركه ; ولا تدخل المرأة في صلاة الرجال إلا أن ينويها الإمام ; ومثله في المتن المجمع ( قوله كما لو أشار إليها بالتأخير إلخ ) قال في الفتح : وفي الذخيرة والمحيط : إذا حاذته بعد ما شرع ونوى إمامتها فلا يمكنه التأخير بالتقدم خطوة أو خطوتين للكراهة في ذلك ، فتأخيرها بالإشارة وما أشبه ذلك ، فإذا فعل فقد أخر فيلزمها التأخر ، فإن لم تفعل فقد تركت حينئذ فرض المقام فتفسد صلاتها دونه . ا هـ .

واستفيد من قوله بعد ما شرع أنها لو حضرت قبل شروعه ونوى إمامتها محاذيا لها وقد أشار إليها بالتأخر تفسد صلاته ، فالإشارة بالتأخر إنما تنفع إذا حضرت بعد الشروع ناويا إمامتها . قال ط : والظاهر أن الإمام ليس بقيد ا هـ أي فلو حاذت المقتدي بعد الشروع وأشار إليها بالتأخر ولم تتأخر فسدت صلاتها دونه ، وينبغي أن يعد هذا في الشروط ، بأن يقال : ولم يشر إليها بالتأخر إذا حضرت بعد شروعه ، وينبغي أن يكون هذا في المرأة البالغة ، أما غيرها فغير مكلفة بفرضية المقام تأمل ( قوله وشرطوا كونها عاقلة ) مستغنى عنه بقوله في صلاة لأن المجنونة لا تنعقد صلاتها نهر ، وقدمناه عن القهستاني ( قوله وكونهما في مكان واحد ) حتى لو كان أحدهما على دكان علو قامة والآخر على الأرض لا تفسد صلاته شرح المنية ، وهذا وإن كان معلوما من المحاذاة إلا أن المشايخ ذكروه إيضاحا نهر عن المعراج ( قوله في ركن كامل ) أي في أداء ركن بالفعل عند محمد . وعند أبي يوسف مقدار الركن .

والذي في الخانية المحاذاة مفسدة قلت أو كثرت . قال في البحر : وظاهر إطلاق المصنف اختياره ( قوله فالشروط عشرة ) بل أكثر بزيادة ما قدمه من كون الذي حاذته مكلفا وبزيادة ما قدمناه من عدم الإشارة إليها بالتأخر إذا حضرت بعد شروعه ( قوله والصبيح المشتهى ) إنما قيد بذلك لأنه محل الخلاف ، وإلا فغيره لا يفسد بالاتفاق ( قوله غير معلول بالشهوة ) أي ليست علة الفساد الشهوة ، ولذا أفسدنا بالعجوز الشوهاء وبالمحرم كأمه وبنته ; وأما عدم الفساد فيمن لم تبلغ حد الشهوة كبنت سبع فلقصورها عن درجة النساء ، فكان الأمر بتأخيرهن غير شامل لها ظاهرا ، هذا ما ظهر لي فتأمله




الخدمات العلمية