الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4563 4844 - حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي، حدثنا يعلى، حدثنا عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله. فقال علي: نعم. فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية -يعني الصلح الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركين- ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟! قال: " بلى". قال: ففيم أعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا. فقال: " يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا". فرجع متغيظا، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولن [ ص: 260 ] يضيعه الله أبدا. فنزلت سورة الفتح. [ انظر:3181 - مسلم:1785 - فتح: 8 \ 587].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث جابر - رضي الله عنه - كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة. وقد سلف، وقيل: وخمسمائة، وقيل: وثلاثمائة كما سلف هناك أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر عن عقبة بن صهبان، عن عبد الله بن مغفل ، أي: بالغين المعجمة، المزني: فيمن شهد الشجرة، نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف.

                                                                                                                                                                                                                              وعن عقبة بن صهبان، قال: سمعت عبد الله بن مغفل المزني: في البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس.

                                                                                                                                                                                                                              أما حديث نهيه عن الخذف فسيأتي في الأدب أيضا. قال الليث : الخذف: رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك أو بين إبهامك والسبابة، وعبارة ابن فارس : خذفت الحصاة إذا رميتها بين إصبعيك.

                                                                                                                                                                                                                              وأما حديث نهيه عن البول في مستحمه، ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه، قال الترمذي : حديث غريب، واستدركه الحاكم ، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وذكر له شاهدا، وأعله عبد الحق كما بين ابن القطان وهمه فيه.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: وفي سنده أشعث بن عبد الله الحداني، وثقه النسائي وغيره، وأورده العقيلي في "الضعفاء"، وقال: وفي حديثه وهم، ثم ذكر له هذا الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 261 ] وقد روي موقوفا، وادعى بعض الحفاظ أنه أصح وكره جماعات من الصحابة فمن بعدهم البول في المغتسل، منهم ابن مسعود ، حتى قال عمران : من بال في مغتسله لم يطهر، وعن ليث بن أبي سليم ، عن عطاء ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما طهر الله رجلا يبول في مغتسله، ورخص فيه ابن سيرين وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه ، عن علي بن محمد الطنافسي قال: إنما هذا في الحفيرة، وأما اليوم فمغتسلاتهم بجص وصاروج -يعني: النورة، وأخلاطها- والمقير، فإذا بال وأرسل عليها الماء فلا بأس. وكذا قال الخطابي عن مغتسل يكون جددا صلبا، ولم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويروى عن عطاء : إذا كان يسيل فلا بأس. وعن ابن المبارك : وقد وسع في البول فيه إذا جرى فيه الماء. وقال به أحمد في رواية واختيرت.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الثوري ، عمن سمع أنس بن مالك يقول: إنما كره مخافة اللمم، وعن أفلح بن حميد قال: رأيت القاسم بن محمد يبول في مغتسله، وأغرب ابن التين فقال: قوله في البول يريد نهيه - عليه السلام - عن البول في الماء الدائم الذي يغتسل فيه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 262 ] وذكر عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه -وكان من أصحاب الشجرة. وهذا سلف هناك أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر حديث ابن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله. فقال علي: نعم. فقال سهل بن حنيف : اتهموا رأيكم.

                                                                                                                                                                                                                              فذكره في المغازي والجزية والاعتصام، وأخرجه مسلم والنسائي .

                                                                                                                                                                                                                              و ( يدعون ) -بفتح أوله- كذا الرواية. وكأن هذا الرجل لم يرد التلاوة.

                                                                                                                                                                                                                              وقول سهل: ( اتهموا رأيكم ). يريد: أن الإنسان قد يرى رأيا، والصواب غيره، والمعنى: لا تعلموا بآرائكم يعني: مضي الناس إلى الصلح بين علي ومعاوية ، وذلك لأن سهلا ظهر له من أصحاب علي كراهة التحكيم.

                                                                                                                                                                                                                              قوله: ( فلم يصبر حتى جاء أبا بكر ) . قال الداودي : وليس بمحفوظ، إنما كلم أبا بكر ثم كلم النبي - صلى الله عليه وسلم -.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية