الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويستحب قلم أظافيره ) إلا لمجاهد في دار الحرب فيستحب توفير شاربه وأظفاره ( يوم الجمعة ) وكونه بعد الصلاة أفضل إلا إذا أخره إليه تأخيرا فاحشا فيكره لأن من كان ظفره طويلا كان رزقه ضيقا وفي الحديث " { من قلم أظافيره يوم الجمعة أعاذه الله من البلايا إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام } " درر وعنه عليه الصلاة والسلام " { من قلم أظفاره [ ص: 406 ] مخالفا لم ترمد عينه أبدا } " يعني كقول علي رضي الله عنه : قلموا أظفاركم بسنة وأدب يمينها خوابس يسارها أوخسب وبيانه وتمامه في مفتاح السعادة .

وفي شرح الغزاوية روي " { أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بمسبحته اليمنى إلى الخنصر ثم بخنصر اليسرى إلى الإبهام وختم بإبهام اليمنى } " وذكر له الغزالي في الإحياء وجها وجيها ولم يثبت في أصابع الرجل نقل ، والأولى تقليمها كتخليلها .

قلت : وفي المواهب اللدنية قال الحافظ ابن حجر : إنه يستحب كيفما احتاج إليه ولم يثبت في كيفيته شيء ولا في تعيين يوم له عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يعزى من النظم في ذلك للإمام علي ثم لابن حجر قال شيخنا إنه باطل .

التالي السابق


( قوله ويستحب قلم أظافيره ) وقلمها بالأسنان مكروه يورث البرص ، فإذا قلم أظفاره أو جز شعره ينبغي أن يدفنه فإن رمى به فلا بأس وإن ألقاه في الكنيف أو في المغتسل كره لأنه يورث داء خانية ويدفن أربعة الظفر والشعر وخرقة الحيض والدم عتابية ط ( قوله فيستحب توفير شاربه وأظفاره ) الأنسب في التعبير : فيوفر أظفاره ، وكذا شاربه . وفي المنح ذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلينا : وفروا الأظافير في أرض العدو فإنها سلاح لأنه إذا سقط السلاح من يده وقرب العدو منه ربما يتمكن من دفعه بأظافيره وهو نظير قص الشارب ، فإنه سنة وتوفيره في دار الحرب للغازي مندوب ، ليكون أهيب في عين العدو ا هـ ملخصا ط ( قوله وكونه بعد الصلاة أفضل ) أي لتناله بركة الصلاة وهو مخالف لما نذكره قريبا في الحديث ( قوله إلا إذا أخره إليه ) أي إلى يوم الجمعة بأن طال جدا وأراد تأخيره إليه فيكره ( قوله وفي الحديث إلخ ) قال الزرقاني : أخرج البيهقي من مسند أبي جعفر الباقر قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة } وله شاهد موصول عن أبي هريرة لكن سنده ضعيف قال " { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص شاربه ويقلم أظفاره يوم الجمعة قبل أن يروح إلى الصلاة } ، أخرجه البيهقي وقال عقبة قال أحمد : في هذا الإسناد من يجهل قال السيوطي : وبالجملة فأرجحها أي الأقوال دليلا ونقلا يوم الجمعة والأخبار الواردة فيه ليست بواهية جدا مع أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال ا هـ مدني وقال الجراحي : وروى الديلمي بسند واه عن أبي هريرة رفعه " { من قلم أظفاره يوم السبت خرج منه الداء ودخل فيه الشفاء ومن قلمها يوم الأحد خرج منه الفاقة ودخل فيه الغنى ومن قلمها يوم الاثنين خرج منه الجنون ودخلت فيه الصحة ومن قلمها يوم الثلاثاء خرج منه المرض ودخل فيه الشفاء ومن قلمها يوم الأربعاء خرج منه الوسواس والخوف ودخل فيه الأمن والشفاء ومن قلمها يوم الخميس خرج منه الجذام ودخلت فيه العافية ومن قلمها يوم الجمعة دخلت فيه الرحمة وخرجت منه الذنوب } " .

( قوله وعنه عليه الصلاة والسلام إلخ ) لم يثبت حديثا بل وقع في كلام غير واحد كالشيخ عبد القادر قدس الله سره في غنيته وكابن قدامة في مغنيه وقال السخاوي : لم أجده لكن كان الحافظ الدمياطي ينقل ذلك عن بعض مشايخه [ ص: 406 ] ونص أحمد على استحبابه ا هـ جراحي ونقل بعضهم أن من المجرب أن من قص كذلك لم يصبه رمد ( قوله يعني إلخ ) تفسير لقوله مخالفا ( قوله قلموا أظفاركم بالسنة والأدب ) كذا في بعض النسخ وهو غير موزون وفي بعضها بسنة وأدب منكرا فيكون من مجزوء بحر الرجز بكسر الباء الموحدة في آخر البيتين ويكون قد دخل البيت الأول الخرم بنقص حرف من أوله قاله ح وهو مما لا يجوز فيه ( قوله يمينها خوابس إلخ ) رمز لكل أصبع بحرف : قال السخاوي وكذب القائل :

ابدأ بيمناك وبالخنصر في قص أظفارك واستبصر
وثن بالوسطى وثلث كما قد قيل بالإبهام والبنصر
ولتختم الكف بسبابة في اليد والرجل ولا تمتر
وفي اليد اليسرى بإبهامها والإصبع الوسطى وبالخنصر
وبعد سبابتها بنصر فإنها خاتمة الأيسر
فذاك أمن خذ به يا فتى من رمد العين فلا تزدر
هذا حديث قد روي مسندا عن الإمام المرتضى حيدر

ا هـ ( قوله والأولى تقليمها كتخليلها ) يعني يبدأ بخنصر رجله اليمين ويختم بخنصر اليسرى .

قال في الهداية عن الغرائب : وينبغي الابتداء باليد اليمنى والانتهاء بها فيبدأ بسبابتها ويختم بإبهامها ، وفي الرجل بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى ا هـ ونقله القهستاني عن المسعودية ( قوله قلت إلخ ) وكذا قال السيوطي : قد أنكر الإمام ابن دقيق العيد جميع هذه الأبيات وقال لا تعتبر هيئة مخصوصة ، وهذا لا أصل له في الشريعة ، ولا يجوز اعتقاد استحبابه لأن الاستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل وليس استسهال ذلك بصواب ا هـ ( قوله وما يعزى من النظم ) وهو قوله : في قص ظفرك يوم السبت آكلة تبدو وفيما يليه تذهب البركه
وعالم فاضل يبدأ بتلوهما وإن يكن في الثلاث فاحذر الهلكه
ويورث السوق في الأخلاق رابعها وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه
والعلم والرزق زيدا في عروبتها عن النبي روينا فاقتفوا نسكه
ا هـ .




الخدمات العلمية