الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود (42) وقوم إبراهيم وقوم لوط (43) وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير (44) فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد (45) أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (46) ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون (47) وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير (48) قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين (49) فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم (50) والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم (51) وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم (52) ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد (53) وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم (54) [ ص: 2429 ] ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم (55) الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم (56) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين (57)

                                                                                                                                                                                                                                      انتهى الدرس السابق عند الإذن بالقتال لحماية العقائد والشعائر; ووعد الله بالنصر لمن ينهضون بتكاليف العقيدة، ويحققون النهج الإلهي في حياة الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ انتهى من بيان تكاليف الأمة المؤمنة أنشأ يطمئن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى تدخل يد القدرة الإلهية لنصره; ولخذلان أعدائه، كما تدخلت من قبل لنصرة إخوانه الرسل - عليهم السلام - وأخذ المكذبين على مدار الأجيال. وأخذ يوجه المشركين إلى تأمل مصارع الغابرين إن كانت لهم قلوب للتأمل والتدبر، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم يطمئن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أن الله يحمي رسله من كيد الشيطان كما يحميهم من كيد المكذبين. ويبطل ما يحاوله الشيطان ويحكم آياته ويجلوها للقلوب السليمة. فأما القلوب المريضة والقلوب الكافرة فتظل الريبة فيها حتى تنتهي بها إلى شر مصير..

                                                                                                                                                                                                                                      فالدرس كله بيان لآثار يد القدرة وهي تتدخل في سير الدعوة، بعد أن يؤدي أصحابها واجبهم، وينهضوا بتكاليفهم التي سبق بها الدرس الماضي في السياق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية