الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ دية العبد ]

وأما جراح العبيد وقطع أعضائهم ، فإن العلماء اختلفوا فيها على قولين :

1 - فمنهم من رأى أن في جراحهم وقطع أعضائهم ما نقص من ثمن العبد .

2 - ومنهم من رأى أن الواجب في ذلك من قيمته قدر ما في ذلك الجراح من ديته ، فيكون في موضحته نصف عشر قيمته ، وفي عينه نصف قيمته ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وهو قول عمر وعلي ، وقال مالك : يعتبر في ذلك كله ما نقص من ثمنه إلا موضحته ومنقلته ومأمومته ، ففيها من ثمنه قدر ما فيها في الحر من ديته .

وعمدة الفريق الأول تشبيهه بالعروض . وعمدة الفريق الثاني تشبيهه بالحر إذ هو مسلم ومكلف .

ولا خلاف بينهم أن دية الخطأ من هذه إذا جاوزت الثلث على العاقلة . واختلف فيما دون ذلك ، فقال مالك وفقهاء المدينة السبعة وجماعة : إن العاقلة لا تحمل من ذلك إلا الثلث فما زاد ، وقال أبو حنيفة : تحمل من ذلك العشر فما فوقه من الدية الكاملة ، وقال الثوري وابن شبرمة : الموضحة فما زاد على العاقلة وقال الشافعي وعثمان البتي : تحمل العاقلة القليل والكثير من دية الخطأ .

وعمدة الشافعي هي أن الأصل هو أن العاقلة هي التي تحمل دية الخطأ فمن خصص من ذلك شيئا فعليه الدليل ، ولا عمدة للفريق المتقدم إلا أن ذلك معمول به ومشهور ، وهنا انقضى هذا الكتاب والحمد لله حق حمده .

التالي السابق


الخدمات العلمية