الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3928 حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا والله ما ينضجون كراعا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضبع وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا ثم ناولها بخطامه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرت لها قال عمر ثكلتك أمك والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلحقت عمر امرأة شابة ) لم أقف على اسمها ولا على اسم زوجها ولا اسم أحد من أولادها ، وزوجها صحابي ؛ لأن من كان له في ذلك الزمان أولاد يدل على أن له دراكا ، وهذه بنت صحابي لا يبعد أن يكون لها رؤية ، فالذي يظهر أن زوجها صحابي أيضا ، وفي رواية معن عن مالك عند الإسماعيلي " فلقينا امرأة قد شبثت بثيابه " وللدارقطني من هذا الوجه " إني امرأة مؤتمة " وله من طريق سعيد بن داود عن مالك " فتعلقت بثيابه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وترك صبية صغارا ) في رواية سعيد بن داود " وخلف صبيين صغيرين " فيحتمل أن يكون معهما بنت أو أكثر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقالت : يا أمير المؤمنين ) زاد الدارقطني من طريق عبد العزيز بن يحيى عن مالك " فقال من معه : دعي أمير المؤمنين " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما ينضجون ) بضم أوله وسكون النون وكسر الضاد المعجمة بعدها جيم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كراعا ) بضم الكاف هو ما دون الكعب من الشاة ، قال الخطابي : معناه أنهم لا يكفون أنفسهم معالجة ما يأكلونه ، ويحتمل أن يكون المراد لا كراع لهم فينضجونه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ليس لهم ضرع ) بفتح الضاد المعجمة وسكون الراء : ليس لهم ما يحلبونه . وقوله : ( ولا زرع ) أي ليس لهم نبات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وخشيت أن تأكلهم الضبع ) أي السنة المجدبة ، ومعنى تأكلهم أي تهلكهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأنا بنت خفاف ) بضم المعجمة وفاءين الأولى خفيفة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إيماء ) بكسر الهمزة ويقال بفتحها وسكون التحتانية والمد ، وخفاف صحابي مشهور قيل : له ولأبيه ولجده صحبة حكاه ابن عبد البر ، قال : وكانوا ينزلون غيقة يعني بغين معجمة وتحتانية ساكنة وقاف ويأتون المدينة كثيرا ، ولخفاف هذا حديث عند مسلم موصول .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( شهد أبي الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) ذكر الواقدي من حديث أبي رهم الغفاري قال : " لما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبواء أهدى له إيماء بن رحضة الغفاري مائة شاة وبعيرين يحملان لبنا ، وبعث بها مع ابنه خفاف ، فقبل هديته وفرق الغنم في أصحابه ودعا بالبركة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بنسب قريب ) يحتمل أن يريد قرب نسب غفار من قريش ؛ لأن كنانة تجمعهم . أو أراد أنها انتسبت إلى شخص واحد معروف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بعير ظهير ) أي قوي الظهر معد للحاجة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اقتاديه ) بقاف ومثناة وفي رواية سعيد بن داود " وقودي هذا البعير " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى يأتيكم الله بخير ) في رواية سعيد بن داود " بالرزق " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال رجل ) لم أقف على اسمه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثكلتك أمك ) هي كلمة تقولها العرب للإنكار ولا تريد بها حقيقتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إني لأرى أبا هذه ) يعني خفافا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأخاها ) لم أقف على اسمه وكان لخفاف ابنان الحارث ومخلد لكنهما تابعيان فوهم من فسر الأخ الذي ذكره عمر بأحدهما ؛ لأن مقتضى هذه القصة أن يكون الولد المذكور صحابيا ، وإذا ثبت ما ذكره ابن عبد البر أن لخفاف وأبيه وجده صحبة اقتضى أن يكون هؤلاء أربعة في نسق لهم صحبة ، وهم ولد خفاف ، وخفاف وإيماء ورحضة ، فتذاكر بهم مع بيت الصديق خلافا لمن زعم أنه لم يوجد أربعة في نسق لهم صحبة الا في بيت الصديق ، وقد جمعت من وقع له ذلك ولو من طريق ضعيف فبلغوا عشرة أمثلة ، منهم زيد بن حارثة وأبوه وولده أسامة وولد أسامة ، لأن الواقدي وصف أسامة بأنه تزوج في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وولد له .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قد حاصرا حصنا ) لم أعرف الغزوة التي وقع فيها ذلك ، ويحتمل احتمالا قريبا أن تكون خيبر لأنها كانت بعد الحديبية وحوصرت حصونها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نستفيء ) بالمهملة وبالفاء وبالهمز أي نسترجع ، يقول : هذا المال أخذته فيئا . وفي رواية الحموي بالقاف بغير همز . وقوله : " سهماننا " أي أنصباؤنا من الغنيمة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية