الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وفيه الحد قياسا على الخمر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما شارب الخمر فعليه الحد سكر منه أو لم يسكر . وقد دللنا عليه . وأما شارب النبيذ فإن سكر منه حد في قول الجميع ، وإن لم يسكر منه حد في قول من حرمه ، ولم يحد في قول من أحله . وقد دللنا على تحريمه فوجب فيه الحد كالخمر ، وهما في الحد سواء . وإن كان الخمر أغلظ مأثما كما أن الحد في الخمر يستوي فيه من سكر منه ومن لم يسكر ، وإن كان السكر أغلظ مأثما ، فهذا حكم الحد . فأما التكفير فلا يكفر مستحل النبيذ ، ويكفر مستحل الخمر .

                                                                                                                                            وقد مضى وجه الفرق بينهما . وأما التفسيق : فيفسق شارب الخمر في قليلها وكثيرها . وأما شراب النبيذ فيفسق في كثير المسكر ، والتفسيق في قليله معتبر بحال شاربه . فإن تأوله في شربه ، إما باجتهاد نفسه ، إن كان من أهل الاجتهاد ، أو بفتيا فقيه من أهل الاجتهاد ، لم يفسق وإن حد .

                                                                                                                                            وإن شربه غير متأول فسق وحد ، فاستوى حده في الحالين . وإن افترق بفسقه فيهما .

                                                                                                                                            وقال مالك : يفسق في الحالين ، كما يحد فيهما ، ولا تبقى مع وجوب حده عدالة . [ ص: 408 ] ودليلنا : هو أن شرب ما اختلف فيه لا يوجب الفسق إذا تأوله ، كشارب لبن الأتن ، ولأن العدالة لا تمنع من وجوب الحد إذا تاب بعد شربه وقبل حده . فإنه يحد وهو عدل ، كذلك لا يمتنع أن يجب الحد عليه وهو عدل : لتسوية بين حال الابتداء والانتهاء .

                                                                                                                                            والفرق بين الحد والتفسيق في التأويل : لأن الحد موضوع للزجر ، فاستوى فيه حال المتأول وغير المتأول . والتفسيق : مختص بالحظر ، فافترق فيه حكم المتأول وغير المتأول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية