الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1740 412 - حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه تزويج المحرم، وفيه بيان أيضا لما أبهمه في الترجمة وهو أنه جائز.

                                                                                                                                                                                  وأبو المغيرة، بضم الميم وكسرها، عبد القدوس بن الحجاج الحمصي، مات سنة ثنتي عشرة ومائتين، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمر.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه النسائي أيضا في الحج عن صفوان بن عمرو الحمصي، وفيه وفي الصوم عن شعيب بن شعيب، وفي الصوم أيضا عن سليمان بن أيوب مرسلا، وروى الترمذي من حديث هشام بن حسان عن عكرمة: " عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم".

                                                                                                                                                                                  ورواه البخاري من رواية وهيب عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس نحوه، ورواه أبو داود عن مسدد، عن حماد بن زيد، عن أيوب، ورواه الترمذي أيضا من حديث عمرو بن دينار قال: سمعت أبا الشعثاء يحدث عن ابن عباس أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، وأبو الشعثاء اسمه جابر بن زيد.

                                                                                                                                                                                  ورواه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، كلهم من رواية سفيان عن عمرو بن دينار نحوه، وقال الترمذي: وفي الباب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها.

                                                                                                                                                                                  (قلت): أخرجه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي في سننه من رواية أبي عوانة، عن أبي الضحى، عن مسروق: " عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- تزوج وهو محرم"، وأخرجه الطحاوي أيضا ولفظه: " تزوج رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- بعض نسائه وهو محرم"، وأبو عوانة الوضاح، وأبو الضحى مسلم بن صبيح.

                                                                                                                                                                                  (قلت): وفي الباب أيضا عن أبي هريرة رواه الطحاوي من رواية كامل أبي العلاء، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "تزوج رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- ميمونة وهو محرم"، واحتج بهذا الحديث إبراهيم النخعي، والثوري، وعطاء بن أبي رباح، والحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وعكرمة، ومسروق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد قالوا: لا بأس للمحرم أن ينكح، ولكنه لا يدخل بها حتى يحل، وهو قول ابن عباس، وابن مسعود، وقال سعيد بن المسيب، وسالم، والقاسم، وسليمان بن يسار، والليث، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا يجوز للمحرم أن ينكح ولا ينكح غيره، فإن فعل ذلك فالنكاح باطل، وهو قول عمر، وعلي - رضي الله تعالى عنهما- واحتجوا في ذلك بما رواه مسلم، حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير، فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك، وهو أمير الحاج فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه- يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب"، وأخرجه أبو داود أيضا عن القعنبي، عن مالك إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ولا ينكح" بضم الياء وكسر الكاف من الإنكاح، ومعناه: لا ينكح غيره؛ أي: لا يعقد على غيره، ووجهه أنه لما كان ممنوعا من نكاح نفسه مدة الإحرام كان معزولا تلك المدة أن يعقد لغيره، وشابه المرأة التي لا تعقد على نفسها وعلى غيرها.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ولا يخطب" ؛ لما في الخطبة من التعرض إلى النكاح، ثم قالوا لأهل المقالة الأولى: من يتابعكم أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم، وهذا أبو رافع وميمونة يذكران أن ذلك كان منه وهو حلال، فذكروا ما رواه الترمذي، حدثنا قتيبة، قال: حدثنا حماد بن زيد عن مطر الوراق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع قال: " تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما ".

                                                                                                                                                                                  وحديث ميمونة رواه مسلم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا جرير بن حازم قال: حدثنا أبو فزارة، عن يزيد بن الأصم قال: حدثتني ميمونة ، " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو حلال ، قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس"، وأخرجه [ ص: 196 ] الترمذي، وفي آخره: " وبنى بها حلالا، وماتت بسرف، ودفنها في الظلة التي بنى فيها"، وأجاب أهل المقالة الأولى عن هذا بأن في حديث أبي رافع مطرا الوراق، وهو عندهم ليس ممن يحتج بحديثه، وقد رواه مالك، وهو أضبط منه وأحفظ، فقطعه، وقال الترمذي : وهذا حديث حسن، ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق، عن ربيعة.

                                                                                                                                                                                  ورواه مالك بن أنس، عن سليمان بن يسار ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو حلال " رواه مالك مرسلا قال: رواه أيضا سليمان بن بلال، عن ربيعة مرسلا، وقال أبو عمر : حديث مالك عن ربيعة في هذا الباب غير متصل، وقد رواه مطر الوراق فوصله، رواه حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع، وهذا عندي غلط في مطر؛ لأن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة تسع وعشرين، ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وغير جائز ولا ممكن أن يسمع سليمان من أبي رافع، فلا معنى لرواية مطر، وما رواه مالك أولى، والعجب من البيهقي يعرف هذا المقدار في هذا الحديث ثم يسكت عنه! ويقول: مطر بن طهمان الوراق قد احتج به مسلم بن الحجاج.

                                                                                                                                                                                  قلنا: ولئن سلمنا ذلك فهو ليس كرواة حديث ابن عباس، ولا قريبا منهم، وقد قال النسائي : مطر ليس بالقوي، وعن أحمد كان في حفظه سوء، وأجابوا عن حديث ميمونة بأن عمرو بن دينار قد ضعف يزيد بن الأصم في خطابه للزهري، وترك الزهري الإنكار عليه، وأخرجه من أهل العلم، وجعله أعرابيا بوالا على عقبيه، وهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام، وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار والزهري، ومع هذا فالذين رووا أنه - صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم نحو سعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد أعلى وأثبت من الذين رووا أنه تزوجها وهو حلال، وميمون بن مهران، وحبيب بن الشهير ونحوهما لا يلحقون هؤلاء الذين ذكرناهم.

                                                                                                                                                                                  وروى ابن أبي شيبة، عن عيسى بن يونس، عن ابن جريج، عن عطاء قال: " تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو محرم".

                                                                                                                                                                                  وفي الطبقات لابن سعد: أنبأنا أبو نعيم، حدثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: كنت جالسا عند عطاء، فسأله رجل: هل يتزوج المحرم؟ فقال عطاء: ما حرم الله النكاح منذ أحله. قال ميمون: فذكرت له حديث يزيد بن الأصم: " تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو حلال قال: فقال عطاء: ما كنا نأخذ هذا إلا عن ميمونة، وكذا نسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو محرم".

                                                                                                                                                                                  وأنبأنا ابن نمير، والفضل بن دكين، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي: " أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم"، وأنبأنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، وأنبأنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا قرة بن خالد، حدثنا أبو يزيد المديني قالا: " إن النبي - صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم"، وروى الطحاوي من حديث عبد الله بن محمد بن أبي بكر قال: سألت أنس بن مالك، عن نكاح المحرم فقال: ما به بأس، هل هو إلا كالبيع، وذكره أيضا ابن حزم، عن معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت) قال ابن حزم: يقول: من أجاز نكاح المحرم لا يعدل يزيد بن الأصم أعرابي بوال على عقبيه بابن عباس؟ قالوا: وقد يخفى على ميمونة كون سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- محرما، فالمخبر بكونه كان محرما معه زيادة علم، قالوا: وخبر ابن عباس وارد بزيادة حكم فهو أولى، وقالوا في خبر عثمان: معناه لا يوطئ غيره ولا يطأ. قال أبو محمد: هو ابن حزم، وهذا ليس بشيء، أما تأويلهم في خبر عثمان فقد بينه قوله - صلى الله عليه وسلم-: " ولا يخطب" فصح أنه أراد النكاح الذي هو العقد، وأما ترجيحهم ابن عباس على يزيد فنعم، والله لا يقرن يزيد بعبد الله ولا كرامة! وهذا تمويه منهم؛ لأن يزيد إنما رواه عن ميمونة، وروى أصحاب ابن عباس عن ابن عباس، ونحن لا نقرن ابن عباس صغير من الصحابة إلى ميمونة أم المؤمنين، لكن نعدل يزيد إلى أصحاب ابن عباس، ولا نقطع بفضلهم عليه، وأما قولهم: قد يخفى على ميمونة إحرامه إذا تزوجها فيعارضون بأن يقال لهم: قد يخفى على ابن عباس إحلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من إحرامه، فالمخبرة بكونه قد أحل زائدة علما، وأما قولهم: خبر ابن عباس وارد بحكم زائد فليس كذلك، بل خبر عثمان هو الزائد الحكم، فبقي أن يرجح خبر عثمان وخبر ميمونة على خبر ابن عباس.

                                                                                                                                                                                  فنقول: خبر يزيد عنها هو الحق، وقول ابن عباس وهم لا شك فيه؛ لوجوه: أولها: أنها على علم بنفسها منه. ثانيها: أنها كانت إذ ذاك امرأة كاملة، وكان ابن عباس يومئذ ابن عشرة أعوام وأشهر، فبين الضبطين فرق لا يخفى. ثالثها: أنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- إنما تزوجها في عمرة القضاء، هذا مما لا يختلف فيه اثنان، ومكة يومئذ دار حرب [ ص: 197 ] وإنما هادنهم النبي - عليه الصلاة والسلام- على أن يدخلها معتمرا، ويبقى فيها ثلاثة أيام فقط، ثم يخرج، فأتى من المدينة محرما بعمرة، ولم يقدم شيئا إذ دخل على الطواف والسعي، وتم إحرامه في الوقت، ولم يشك أحد في أنه إنما تزوجها بمكة حاضرا بها لا بالمدينة، فصح أنها بلا شك إنما تزوجها بعد تمام إحرامه لا في حال طوافه وسعيه، فارتفع الإشكال جملة، وبقي خبر عثمان وميمونة لا معارض لهما، ثم لو صح خبر ابن عباس بيقين، ولم يصح خبر ميمونة لكان خبر عثمان هذا الزائد الوارد بحكم لا يحل خلافه؛ لأن النكاح قد أباحه الله تعالى في كل حال، ثم لما أمر - صلى الله عليه وسلم- أن لا ينكح المحرم كان بلا شك ناسخا للحال المتقدمة من الإباحة، لا يمكن غير هذا أصلا، وكان يكون خبر ابن عباس منسوخا بلا شك؛ لموافقته للحال المنسوخة بيقين. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): الجواب عن كل فصل، أما عن قوله: يزيد إنما رواه عن ميمونة، وهي امرأة عاقلة وابن عباس صغير، فلقائل أن يقول: إن كان يزيد رواه عن خالته، فابن عباس من الجائز غير المنكر أن يرويه عنه - صلى الله تعالى عليه وسلم- أو يرويه عن أبيه الذي ولي عقد النكاح بمشهد عنه ومرأى، أو يرويه عن خالته المرأة العاقلة وأيا ما كان فليس صغيرا، فروايته مقدمة على رواية يزيد بن الأصم، ولأن لعبد الله متابعين وليس ليزيد عن خالته متابع منهم: عطاء، بقوله: بسند صحيح ما كنا نأخذ هذا إلا من ميمونة - رضي الله تعالى عنها- ومسروق بسند صحيح، وليس لقائل أن يقول: لعل عطاء ومسروقا أخذاه عن ابن عباس؛ لتصريح عطاء بأخذه إياه من ميمونة، وأما مسروق فلا نعلم له رواية عن عبد الله، فدل أنه أخذه عن غيره.

                                                                                                                                                                                  وأما عن قوله: نعدل يزيد إلى أصحاب عبد الله، ولا نقطع بفضلهم عليه، فكيف يكون شخص واحد حديثه عند مسلم وحده يعدل بعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء، وعكرمة في آخرين من أصحاب عبد الله الذين رووا عنه هذا الحديث.

                                                                                                                                                                                  وأما عن قوله: هي أعلم بنفسها من عبد الله، فنقول بموجبه: نعم، هي أعلم بنفسها؛ إذ حدثت عطاء، وابن أختها بما هي أعلم به من غيرها.

                                                                                                                                                                                  وأما عن قوله: إنما تزوجها بمكة حاضرا بها فيرده ما رواه مالك عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعث أبا رافع ورجلا من الأنصار يزوجانه ميمونة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالمدينة قبل أن يخرج. انتهى. فيشبه أنهما زوجاه إياها وهو ملتبس بالإحرام في طريقه إلى مكة، ولما حل بنى بها، وذكر موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- معتمرا في ذي القعدة، فلما بلغ موضعا ذكره بعث جعفر بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه- بين يديه إلى ميمونة يخطبها عليه، فجعلت أمرها إلى العباس، فزوجها منه".

                                                                                                                                                                                  وقد أوضح ذلك أبو عبيدة في كتابه الزوجات توجه - صلى الله عليه وسلم- إلى مكة معتمرا سنة سبع، وقدم جعفر يخطب عليه ميمونة، فجعلت أمرها إلى العباس، فأنكحها النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو محرم، وبنى بها بسرف وهو حلال.

                                                                                                                                                                                  وأما عن قوله: وبقي خبر عثمان وميمونة لا معارض لهما، فنقول: المعارضة لا تكون إلا مع التساوي، والتساوي هنا غير ممكن؛ لأن حديث ابن عباس رواه عنه من ذكرناهم من الأئمة الأعلام، وحديث عثمان رواه نبيه بن وهب، وهو من أفراد مسلم، وليس له من الحفظ والعلم ما يساوي أحدا منهم، فإذا كان كذلك فكيف تصح دعوى النسخ فيه؟

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): قال قوم ممن رد حديث ابن عباس على تسليم صحته: إن معنى تزوجها محرما أي: في الحرم وهو حلال؛ لأنه يقال لمن هو في الحرم: محرم، وإن كان حلالا، وهي لغة شائعة معروفة، ومنه البيت المشهور.


                                                                                                                                                                                  قتلوا ابن عفان الخليفة محرما



                                                                                                                                                                                  (قلت): أجمعوا على أن كسرى قتل بالمدائن من بلاد فارس، وقد قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                  قتلوا كسرى بليل محرما



                                                                                                                                                                                  أفتراه كان يسكن الحرم أو أحرم بالحج.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت) قالوا: قد تعارض معنى فعله - عليه الصلاة والسلام- وقوله والراجح القول؛ لأنه يتعدى إلى الغير، والفعل قد يكون مقصورا عليه.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قد فهم الجواب من قولنا الآن: إن التعارض قد يكون عند التساوي.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): قال بعض الشافعية: إن هذا من خصائصه وهو أصح الوجهين عندهم.

                                                                                                                                                                                  (قلت): دعوى التخصيص تحتاج إلى دليل.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): يحتمل أنه زوجها حلالا، وظهر أمر تزوجها وهو محرم، (قلت): هذا لا يساوي شيئا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم- قدم مكة محرما لا حلالا، فكيف يتصور ذلك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية