الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3951 حدثني شجاع بن الوليد سمع النضر بن محمد حدثنا صخر عن نافع قال إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتي به ليقاتل عليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة وعمر لا يدري بذلك فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس فجاء به إلى عمر وعمر يستلئم للقتال فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع تحت الشجرة قال فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر وقال هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عمر بن محمد العمري أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهم يبايعون فبايع ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني شجاع بن الوليد ) أي البخاري المؤدب أبو الليث ، ثقة من أقران البخاري ، وسمع قبله قليلا ، وليس له في البخاري سوى هذا الموضع . وأما شجاع بن الوليد الكوفي فذاك يكنى أم بدر ولم يدركه البخاري .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 522 ] قوله : ( سمع النضر بن محمد ) هو الجرشي بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة ، ثقة متفق عليه ، وما له في البخاري إلا هذا الحديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا صخر ) هو ابن جويرية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن نافع قال : إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر ، وليس كذلك ، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلخ ) ظاهر هذا السياق الإرسال ، ولكن الطريق التي بعدها أوضحت أن نافعا حمله عن ابن عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عند رجل من الأنصار ) لم أقف على اسمه ، ويحتمل أنه الذي آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينه ، وقد تقدمت الإشارة إليه في أول كتاب العلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وعمر يستلئم للقتال ) أي يلبس اللأمة بالهمز وهي السلاح .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال هشام بن عمار ) كذا وقع بصيغة التعليق ، وفي بعض النسخ " وقال لي " وقد وصله الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن دحيم وهو عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم بالإسناد المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإذا الناس محدقون بالنبي - صلى الله عليه وسلم ) أي محيطون به ناظرون إليه بأحداقهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال : يا عبد الله ) القائل يا عبد الله هو عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قد أحدقوا ) كذا للكشميهني وغيره وهو الصواب . ووقع للمستملي " قال : أحدقوا " جعل بدل قد قال وهو تحريف ، وهذا السبب الذي هنا في أن ابن عمر بايع قبل أبيه غير السبب الذي قبله ، ويمكن الجمع بينهما بأنه بعثه يحضر له الفرس ، ورأى الناس مجتمعين فقال له : انظر ما شأنهم ، فبدأ بكشف حالهم فوجدهم يبايعون فبايع ، وتوجه إلى الفرس فأحضرها وأعاد حينئذ الجواب على أبيه ، وأما ابن التين فلم يظهر له وجه الجمع بينهما فقال : هذا اختلاف ، ولم يسند نافع إلى ابن عمر ذلك في شيء من الروايتين ، كذا قال ، والثانية ظاهرة في الرد عليه فإن فيها عن ابن عمر كما بيناه . ثم زعم أن المبايعة المذكورة إنما كانت حين قدموا إلى المدينة مهاجرين ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بايع الناس فمر به ابن عمر وهو يبايع ، الحديث . قلت : وبمثل ذلك لا ترد الروايات الصحيحة . فقد صرح في الرواية الأولى بأن ذلك كان يوم الحديبية ، والقصة التي أشار إليها تقدمت من وجه آخر في الهجرة ، وليس فيما نقل فيها ما يمنع التعدد ، بل يتعين ذلك لصحة الطريقين . والله المستعان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فبايع ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع ) هكذا أورده مختصرا ، وتوضحه الرواية التي قبله وهو أن ابن عمر لما رأى الناس يبايعون بايع ثم رجع إلى عمر فأخبره بذلك فخرج وخرج معه فبايع عمر وبايع ابن عمر مرة أخرى .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 523 ] الحديث التاسع والعشرون .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية