الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن بدأت بطلب طلاق ) كطلقني بكذا ، أو إن ، أو إذا ، أو متى طلقتني فلك علي كذا ( فأجاب ) ها الزوج ( فمعاوضة ) من جانبها لملكها البضع في مقابلة ما بذلته ( مع شوب جعالة ) لبذلها العوض له في مقابلة تحصيله لغرضها ، وهو الطلاق الذي يستقل به كالعامل في الجعالة ( فلها الرجوع قبل جوابه ) كسائر الجعالات والمعاوضات ( ويشترط فور لجوابه ) في مجلس التواجب نظرا لجانب المعاوضة ، وإن علقت ب متى بخلاف جانب الزوج كما مر فلو طلقها بعد زوال الفورية حمل على الابتداء فيقع رجعيا بلا عوض ، وفارق الجعالة بقدرته على العمل في المجلس بخلاف عامل الجعالة غالبا وبحث أنها لو صرحت بالتراخي لم يجب الفور ، ولا يشترط توافق نظرا لشائبة الجعالة فلو قالت : طلقني بألف فطلق بخمسمائة وقع بها كرد عبدي بألف فرده بأقل ( ولو طلبت ) واحدة بألف فطلق نصفها مثلا بانت بنصف المسمى ، أو يدها مثلا بانت بمهر المثل للجهل بما يقابل اليد ، أو ( ثلاثا بألف ) ، وهو يملكهن عليها ( فطلق طلقة بثلثه ) يعني لم يقصد بها الابتداء سواء أقال بثلثه أم سكت عنه ، ولم ينو ذلك فيما يظهر من كلامهم ثم رأيت الشراح اعترضوه بأنه قيد مضر ؛ إذ لو اقتصر على طلقة واحدة استحق الثلث فلو حذف التقييد لأفهمه بالأولى ، وأيضا ففيه إيهام أنه إذا لم يعد ذكر المال وقع رجعيا والأصح أنه بائن كما تقرر ( فواحدة ) تقع لا غير ( بثلثه ) ، أو طلقتين فطلقتان بثلثيه تغليبا لشوب الجعالة ؛ إذ لو قال رد عبيدي الثلاثة ، ولك ألف رد واحدا استحق ثلث الألف [ ص: 484 ] وفارق عدم الوقوع في نظيره من جانبه ؛ لأنه تعليق فيه معاوضة ، وشرط التعليق وجود الصفة والمعاوضة التوافق ، ولم يوجدا ، وأما من جانبها فلا تعليق فيه بل فيه معاوضة أيضا كما مر وجعالة ، وهذا لا يقتضي الموافقة فغلب بخلاف التعليق فإنه يقتضيها أيضا فاستويا ، ولو أجابها ب أنت طالق ، ولم يذكر عددا ولا نواه وقعت واحدة فقط على الأوجه ، أو ب أنت طالق طلقة ونصفها فهل يستحق ثلثي الألف ، أو نصفها وجهان أصحهما الثاني نظرا للملفوظ لا للسراية ؛ لأنه الأقوى وباختياره ويأتي ما له بذلك تعلق ( وإذا خالع ، أو طلق بعوض ) ولو فاسدا ( فلا رجعة ) له ؛ لأنها إنما بذلت المال لتملك بضعها كما أنه إذا بذل الصداق لا تملك هي رفعه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 483 ] قوله : حمل على الابتداء إلخ ) فلو قال قصدت به جوابها صدق إن عذر قال في شرح الروض ما نصه والظاهر أنه لو ادعى أنه جواب وكان جاهلا لقرب عهده بالإسلام ، أو نشئه ببادية بعيدة عن العلماء صدق بيمينه ا هـ ولم يبين حكم تصديقه هل هو عدم الوقوع لفوات الفورية المشترطة ( قوله : وفارق الجعالة ) أي حيث جوزنا له التأخير ( قوله : وقع بها ) أي بالخمسمائة كذا في الروض ( قوله كرد عبدي بألف فرده بأقل ) انظر هذا مع قوله في الجعالة ولا يشترط المطابقة فلو قال إن رددت آبقي فلك دينار فقال أرده بنصف دينار استحق الدينار فإن القبول لا أثر له في الجعالة قال الإمام واعترض بقولهم في طلقني بألف فقال بمائة طلقت بها كالجعالة وقد يجاب بأن الطلاق لما توقف على لفظ الزوج أدير الأمر عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( فرع ) لو قالت طلقني نصف طلقة ، أو طلق نصفي ، أو يدي مثلا بألف ففعل ، أو ابتدأ الزوج بذلك فقبلت بانت بمهر المثل ، وكذا لو قالت طلقني بألف فطلق يدها مثلا ، وإن طلق نصفها فنصف الألف ا هـ ، وظاهر أن تطليق بعضها كتطليق يدها ؛ إذ لا يمكن التوزيع على البعض لإبهامه بخلاف نصفها ، وإن طلقت هنا بنصف الألف بخلافه في قولها السابق طلق نصفي لفساد صيغتها [ ص: 484 ] السابقة عباب ( قوله : وفارق عدم الوقوع إلخ ) أي كما تقدم في قول المصنف ولو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث ألف فلغو ( قوله وباختياره ) عطف على الأقوى



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : كطلقني بكذا ) إلى قوله كرد عبدي في المغني إلا قوله وفارق الجعالة إلى وبحث وإلى قوله ، أو بأنت طالق طلقة ونصفا في النهاية إلا قوله ثم رأيت إلى المتن ( قول المتن فلها الرجوع إلخ ) أي بلفظ يدل عليه كرجعت عما قلته ، أو أبطلته ، أو نقضته ، أو فسخته ا هـ ع ش ( قوله : كما مر ) أي في شرح ولا الإعطاء في المجلس ( قوله : حمل على الابتداء إلخ ) فلو قال قصدت به جوابها صدق إن عذر قال في شرح الروض ما نصه والظاهر أنه لو ادعى أنه جواب وكان جاهلا لقرب عهده بالإسلام ، أو نشأته ببادية بعيدة عن العلماء صدق بيمينه ا هـ ، ولم يبين حكم تصديقه هل هو عدم الوقوع لفوات الفورية المشترطة سم على حج أقول : نعم الأقرب أنه كذلك لما ذكره ا هـ ع ش ( قوله : وفارق الجعالة ) أي حيث يستحق فيها الجعل ، وإن تراخى العمل ع ش و سم ( قوله بحث أنها لو صرحت ) عبارة المغني نعم لو صرحت إلخ وعبارة النهاية والأوجه عدم اشتراط الفور إن صرحت بالتراخي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لو صرحت بالتراخي ) أي كأن قالت إن طلقتني ولو بعد شهر مثلا ا هـ ع ش ( قوله : وقع بها ) على الصحيح ؛ لأنه سامح ببعض ما طلبت أن يطلقها عليه ا هـ مغني ( قوله : بها ) أي بالخمسمائة كذا في الروض ا هـ سم ( قوله : فرده بأقل ) أي بأن نقص من ألف خمسمائة قبل أن يرد وإلا فالجعالة تلزم بتمام العمل وقوله نصفها أي الزوجة بدليل ما بعده ا هـ رشيدي ( قول المتن ولو طلبت ثلاثا إلخ ) فرع لو قالت طلقني نصف طلقة ، أو طلق نصفي ، أو يدي مثلا بألف ففعل ، أو ابتدأ الزوج بذلك فقبلت بانت بمهر المثل ، وكذا لو قالت طلقني بألف فطلق يدها مثلا ، وإن طلق نصفها فنصف الألف ، وظاهر أن تطليق بعضها كتطليق يدها ؛ إذ لا يمكن التوزيع على البعض لإبهامه بخلاف نصفها ، وإنما طلقت هنا بنصف الألف بخلافه في قولها السابق طلق نصفي لفساد صيغتها السابقة عباب ا هـ سم ( قوله : فطلق نصفها إلخ ) لعله ما لم يرد به الكل أما إذا أراده به مجازا فتبين بألف وعليه فهل يقبل قوله : فيه إذا دلت عليه القرينة ، أو لا بد من تصديقها محل تأمل فليراجع ا هـ سيد عمر أقول : أخذا مما مر عن شرح الروض أنه يقبل قوله : بيمينه ( قوله : أم سكت عنه ) أفهم أنه إذا ذكر ما يزيد على الثلث كأن قال طلقتك واحدة بألف ، أو نوى ذلك لم يقع عليه طلاق ، وهو ظاهر لعدم موافقة ما أجابها به لسؤالها ا هـ ع ش ( قوله : ولم ينو ذلك ) أي الابتداء ( قوله : فيما يظهر إلخ ) راجع إلى قوله يعني إلى هنا ( قوله : الشراح اعترضوه بأنه إلخ ) ومنهم المغني .

                                                                                                                              ( قوله : أو طلقتين ) إلى قوله نظرا للملفوظ في المغني إلا قوله وفارق إلى ولو أجابها ( قوله : [ ص: 484 ] وفارق عدم الوقوع في نظيره إلخ ) أي كما تقدم في قول المصنف ولو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث الألف فلغو ا هـ سم ( قوله : والمعاوضة ) عطف على " التعليق " وقوله التوافق عطف على " وجود الصفة " ( قوله : ولم يوجدا ) أي الصفة والتوافق ا هـ رشيدي ( قوله : كما مر ) أي في شرح ولا الإعطاء في المجلس ( قوله : وهذا إلخ ) أي الجعالة وقوله فغلب أي الجعالة على المعاوضة فالمجموع لا يقتضي الموافقة وقوله أيضا أي كما يقتضي المعاوضة الموافقة وقوله فاستويا أي التعليق والمعاوضة في اقتضاء الموافقة ا هـ كردي ( قوله : وقعت واحدة ) أي بثلث الألف ا هـ ع ش زاد المغني ولو لم يملك عليها إلا طلقة استحق الألف ؛ لأنه أفادها البينونة الكبرى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وباختياره ) عطف على الأقوى ا هـ سم ( قوله : ويأتي ) أي في الفصل الآتي بعد في شرح وقيل إن علمت الحال إلخ ( وقوله ولو فاسدا ) إلى قوله ولأنه لما صرح في النهاية والمغني إلا مسألة البراءة ( قوله : رفعه ) أي البضع




                                                                                                                              الخدمات العلمية