الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8662 ) فصل : وإن دبر كل واحد منهما نصيبه ، فمات أحدهما ، عتق نصيبه ، وبقي نصيب الآخر على التدبير ، إن لم يف ثلثه بقيمة حصة شريكه ، وإن كان يفي به ، فهل يسري العتق إليه . على روايتين . وإن قال كل واحد منهما : إذا متنا ، فأنت حر . فقال أبو بكر : قال أحمد : إذا مات أحدهما ، فنصيبه حر . وظاهر هذا أن أحمد [ ص: 320 ] جعل هذا اللفظ تدبيرا من كل واحد منهما لنصيبه ، ومعناه إذا مات كل واحد منا ، فنصيبه حر ; فإنه قابل الجملة بالجملة ، فيصرف إلى مقابلة البعض ، كقوله : ركب الناس دوابهم ، ولبسوا ثيابهم ، وأخذوا رماحهم . يريد لبس كل إنسان ثوبه ، وركب دابته وأخذ رمحه . وكذلك إن قال : أعتقوا عبيدهم . كان معناه ، أعتق كل واحد عبده وقال القاضي : هذا تعليق للحرية بموتهما جميعا ، وإنما قال أحمد : يعتق نصيبه ; بناء على أن وجود بعض الصفة يقوم مقام جميعها . ولا يصح هذا ; لأنه لو كانت هذه العلة ، لعتق العبد كله ، لوجود بعض صفة كل واحد منهما ، ولأننا قد أبطلنا هذا القول بما ذكرنا من قبل ، ومقتضى قول القاضي أن لا يعتق شيء منه قبل موتهما جميعا .

                                                                                                                                            وإن قال كل واحد منهما : أردت أن العبد حر بعد آخرنا موتا . انبنى هذا على تعليق الحرية على صفة توجد بعد الموت ، وقد ذكرنا الخلاف في ذلك ; فإن قلنا بجواز ذلك ، عتق بعد موت الآخر منهما ، عليهما جميعا ، وإن قلنا : لا يصح ذلك ، عتق نصيب الآخر منهما بالتدبير . وفي سرايته إلى باقيه ، إن كان ثلثه يحتمل ذلك ، روايتان . وإن قال كل واحد منهما : إذا مت قبل شريكي ، فنصيبي له ، فإذا مات فهو حر ، وإن مت بعده ، فنصيبي حر . فقد وصى كل واحد منهما للآخر ، فإذا مات أحدهما ، صار العبد كله للآخر ، فإذا مات عتق كله عليه ، وصار ولاؤه كله له ، إن قلنا : لا يصح تعليق العتق على صفة بعد الموت . وإن قلنا : يصح . عتق عليهما ، وولاؤه بينهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية