الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وحريم بئر الناضح ) وهي التي ينزع الماء منها بالبعير ( كبئر العطن ) وهي التي ينزع الماء منها باليد ، والعطن مناخ الإبل حول البئر ( أربعون ذراعا من كل جانب ) وقالا : إن للناضح فستون . وفي الشرنبلالية عن شرح المجمع : لو عمق البئر فوق أربعين يزاد عليها ا هـ . - [ ص: 435 ] لكن نسبه القهستاني لمحمد ثم قال : ويفتى بقول الإمام وعزاه للتتمة . ثم قال : وقيل التقدير في بئر وعين بما ذكر في أراضيهم لصلابتها ، وفي أراضينا رخاوة فيزاد لئلا ينتقل الماء إلى الثاني وعزاه للهداية ، وعزاه البرجندي للكافي فليحفظ ( إذا حفرها في موات بإذن الإمام ) فلو في غير موات أو فيه بلا إذن الإمام لم يكن الحكم كذلك كذا ذكره المصنف .

وعبارة القهستاني : وفيه رمز إلى أنه لو حفر في ملك الغير لا يستحق الحريم ، فلو حفر في ملكه فله من الحريم ما شاء وإلى أن الماء لو غلب على أرض تركها الملاك أو ماتوا أو انقرضوا لم يجز إحياؤها فلو تركها الماء بحيث لا يعود إليها ولم تكن حريما لعامر جاز إحياؤها وعزاه للمضمرات .

التالي السابق


( قوله وحريم بئر الناضح ) الإضافة فيه وفي بئر العطن لأدنى ملابسة قهستاني : قال في المصباح : حريم الشيء ما حوله من حقوقه ومرافقه ، يسمى به لأنه حرم على غير مالكه والناضح بعير ينضح العطن أي يبله بالماء الذي يحمله ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء ( قوله كبئر العطن ) أتى بالكاف لأنه متفق عليه ( قوله والعطن ) بفتحتين ( قوله من كل جانب ) وقيل من كل الجوانب أي من كل جانب عشرة أذرع لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام " { من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا } " عطنا لماشيته . والصحيح الأول لأن المقصود من الحريم دفع الضرر كي لا يحفر بحريمه أحد بئرا أخرى فيتحول إليها ماء بئره وهذا الضرر لا يندفع بعشرة أذرع من كل جانب فإن الأراضي تختلف بالصلابة والرخاوة عناية ( قوله وقالا إن للناضح فستون ) أي وإن للعطن فأربعون لقوله عليه الصلاة والسلام " { حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا } " ولأنه يحتاج فيه إلى أن يسير دابته للاستقاء ، وقد يطول الرشاء وبئر العطن للاستسقاء منه باليد فقلت الحاجة فلا بد من التفاوت هداية قال في التتارخانية : وفي الكبرى وبه يفتى ( قوله عن شرح المجمع ) ومثله في غرر الأفكار والجوهرة .

( قوله فوق الأربعين ) أي في بئر العطن أو فوق الستين في بئر الناضح ، فيكون له إلى ما ينتهي إليه [ ص: 435 ] الحبل أتقاني عن الطحاوي ، وفي التتارخانية عن الينابيع ولا حاجة إلى الزيادة ; ومن احتاج إلى أكثر من ذلك يزيد عليه وكان الاعتبار للحاجة لا للتقدير ولا يكون في المسألة خلاف في المعنى ا هـ ونقل العلامة قاسم في تصحيحه عن مختارات النوازل أن الصحيح اعتبار قدر الحاجة في البئر من كل جانب ( قوله ويفتى بقول الإمام ) وقدم الإفتاء بقولهما أيضا لكن ظاهر المتون والشروح ترجيح قوله : فإنهم قرروا دليله وأيدوه بما لا مزيد عليه وأخر في الهداية دليله ، فاقتضى ترجيحه أيضا كما هو عادته ، وذكر ترجيحه العلامة قاسم في تصحيحه ( قوله وعزاه البرجندي للكافي ) وكذا ذكره الولوالجي جازما به ط لكن تعبير الهداية والكافي عنه بقيل يفيد ضعفه ( قوله بإذن الإمام ) أي عنده وبدونه عندهما لأن حفر البئر إحياء هداية ( قوله لم يكن الحكم كذلك ) أي لم يثبت له الحريم المذكور ، لتوقف الملك في الإحياء على الإذن عنده ، وبدونه يجعل الحفر تحجيرا كما يأتي ( قوله وفيه رمز ) أي في قولهم في موات .

( قوله لو حفر في ملك الغير ) أي بإباحة للبقعة أو بشرائها أو نحو ذلك ( قوله فلا حريم له ) أي إلا أن يشترطه ، والظاهر أن له الاستقاء باليد لأنه لا ينتفع به إلا بالاستسقاء ويحرر ، ثم رأيت في الهندية : بئر لرجل في دار غيره لم يكن لصاحب البئر حق إلقاء الطين في داره إذا حفر البئر خانية ، فالمنع عن الإلقاء لا عن الاستقاء فتدبر ط وانظر ما سيأتي في النهر والحوض ( قوله أو انقرضوا ) يغني عنه قوله أو ماتوا ( قوله لم يجز إحياؤها ) بل هي لقطة وتقدم الكلام عليها ( قوله فلو تركها الماء ) لا حاجة إلى نقله للاستغناء عنه بما يأتي في المتن ط




الخدمات العلمية