الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4608 [ ص: 379 ] ( 60 ) سورة الممتحنة

                                                                                                                                                                                                                              وقال مجاهد: لا تجعلنا فتنة : لا تعذبنا بأيديهم فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا بعصم الكوافر أمر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بفراق نسائهم، كن كوافر بمكة.

                                                                                                                                                                                                                              [ 1 - باب: لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء [ الممتحنة: 1]]

                                                                                                                                                                                                                              4890 - حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار قال: حدثني الحسن بن محمد بن علي أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي يقول: سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال: " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها". فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا: أخرجي الكتاب فقالت: ما معي من كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما هذا يا حاطب؟". قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنه قد صدقكم". فقال عمر: دعني يا رسول الله فأضرب عنقه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 380 ] فقال: " إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله -عز وجل- اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".
                                                                                                                                                                                                                              قال عمرو ونزلت فيه يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم [ الممتحنة: 1] قال: لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو. [ انظر:3007 - مسلم:2494 - فتح: 8 \ 633]

                                                                                                                                                                                                                              حدثنا علي: قيل لسفيان: في هذا فنزلت لا تتخذوا عدوي ؟ قال سفيان: هذا في حديث الناس حفظته من عمرو وما تركت منه حرفا وما أرى أحدا حفظه غيري.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              هي مدنية، نزلت بعد الأحزاب وقبل النساء: كما قاله السخاوي . بكسر الحاء، كما قال السهيلي. أي: المختبرة، أضيف الفعل إليها مجازا، كما سميت سورة براءة: ( المعتبرة ) والفاضحة ( لما ) كشفت من عيوب المنافقين، ومن قاله بالفتح أضافها للمرأة التي نزلت فيها، وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وهي امرأة عبد الرحمن بن عوف وأم ولده إبراهيم. وقال مقاتل : الممتحنة اسمها سبيعة، ويقال: سعيدة- بنت الحارث الأسلمية، وكانت تحت صيفي بن الراهب وكذا ذكره ابن عباس في "تفسيره". قال ابن عسكر: كانت أم كلثوم تحت عمرو بن العاصي . قال: وروي أن الآية نزلت في أميمة بنت بشير من بني عمرو بن عوف أم عبد الله بن [ ص: 381 ] سهل بن حنيف ، وكانت تحت حسان بن الدحداحة، ففرت منه، وهو حينئذ كافر فتزوجها سهل بن حنيف .

                                                                                                                                                                                                                              ( ص ) ( وقال مجاهد : لا تجعلنا فتنة لا تعذبنا بأيديهم فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا ) هذا رواه عبد عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح عنه. ورواه الحاكم من طريق آدم بن أبي إياس ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ثم قال: على شرط مسلم .

                                                                                                                                                                                                                              ( ص ) ( بعصم الكوافر أمر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بفراق نسائهم، اللاتي كن كوافر بمكة ). أخرجه ابن أبي حاتم عن حجاج، عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                              والمراد بالكوافر: الوثنيات. وقال ابن عسكر: نزلت في امرأة لعمر بن الخطاب كانت كافرة فطلقها، فتزوجها معاوية بن صخر، واسمها قريبة ابنة أبي أمية بن المغيرة . وعند مقاتل : تزوجها أبو سفيان ، ويقال: نزلت هذه الآية في أبي السنابل بن بعكك بن السباق وفي أصحابه: هشام بن العاصي وامرأته هند ابنة أبي جهل، وعياض العميري وامرأته أم حكيم بنت أبي سفيان ، وشماس بن عثمان المخزومي وامرأته عاتكة بنت يربوع وذي اليدين بن عبد عمرو [ ص: 382 ] وامرأته هند بنت عبد العزى . وعند عبد بن حميد عن الشعبي أن امرأتين لعمر بن الخطاب خرجتا إلى المشركين فنكح إحداهما معاوية .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق البخاري بعد حديث علي: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ. . " الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في الجهاد في باب: الجاسوس. وزاد هنا: قال عمرو : ونزلت فيه: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي الآية. قال: لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو . حدثنا علي قال: قيل لسفيان: في هذا نزلت: لا تتخذوا قال سفيان : هذا في حديث الناس حفظته وما تركت منه حرفا وما أرى أحدا حفظه غيري.

                                                                                                                                                                                                                              قال البرقاني: روى نحو حديث علي سماك عن ابن عباس ، قال عمر : كتب حاطب إلى أهل مكة، فأطلع الله نبيه على ذلك فبعث عليا والزبير ، فأدركا امرأة على بعير. . الحديث. قال الحميدي : حكى البرقاني أنه أخرج -يعني في مسلم - قال الحميدي : وليس له عند أبي مسعود وخلف في الأطراف ذكر، فينظر.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (لنلقين) صوابه: ( لنلقن ) بحذف الياء كما سلف هناك، وقول عمر : ( دعني فأضرب عنق هذا المنافق ) فيه أن الجاسوس يقتل من غير استتابة، لأن الشارع أخبر أنه من أهل بدر، وأن الله غفر لهم، وأنه صادق في قوله. وقول عمرو : ( نزلت فيه يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم ) وقيل: نزلت فيه وفي قوم معه كاتبوا أهل مكة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية