الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين ) الآية [ 256 ] .

                                                                                                                                                                  158 - أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال : حدثنا يحيى بن حكيم ، حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كانت المرأة من نساء الأنصار تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت النضير كان فيهم من أبناء الأنصار ، فقالوا : لا ندع أبناءنا . فأنزل الله تعالى : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) . الآية .

                                                                                                                                                                  159 - أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، حدثنا محمد بن يعقوب ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين ) قال : كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد ، فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه ، فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم أناس من [ أبناء ] الأنصار ، فقالت الأنصار : يا رسول الله أبناؤنا ، فأنزل الله تعالى : ( لا إكراه في الدين ) . قال سعيد بن جبير : فمن شاء لحق بهم ، ومن شاء دخل في الإسلام .

                                                                                                                                                                  160 - وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كان له غلام أسود يقال له : صبيح وكان يكرهه على الإسلام .

                                                                                                                                                                  161 - وقال السدي : نزلت في رجل من الأنصار يكنى أبا الحصين ، وكان له ابنان ، فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت ، فلما أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية ، فتنصرا وخرجا إلى الشام ، فأخبر أبو الحصين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : اطلبهما ، فأنزل الله عز وجل : ( لا إكراه في الدين ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبعدهما الله هما أول من كفر . وكان هذا قبل أن يؤمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتال أهل الكتاب ثم نسخ قوله : ( لا إكراه في الدين ) وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة .

                                                                                                                                                                  162 - وقال مسروق : كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان ، فتنصرا قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام ، فأتاهما أبوهما ، فلزمهما وقال : والله لا أدعكما حتى تسلما ، فأبيا أن يسلما ، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر ؟ فأنزل الله عز وجل : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) فخلى سبيلهما .

                                                                                                                                                                  [ ص: 44 ] 163 - أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقرئ ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محفوظ ، حدثنا عبد الله بن هاشم ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد قال : كان ناس مسترضعين في اليهود : قريظة والنضير ، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجلاء بني النضير ، قال أبناؤهم من الأوس الذين كانوا مسترضعين فيهم : لنذهبن معهم ، ولندينن بدينهم ، فمنعهم أهلهم وأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام ، فنزلت : ( لا إكراه في الدين ) الآية .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية