الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8679 ) مسألة : قال : ( ومن أنكر التدبير ، لم يحكم عليه إلا بشاهدين عدلين ، أو شاهد ويمين العبد ) وجملته أنالعبد إذا ادعى على سيده أنه دبره ، فدعواه صحيحة ; لأنه يدعي استحقاق العتق . ويحتمل أن لا تصح الدعوى ; لأن السيد إذا أنكر التدبير كان بمنزلة إنكار الوصية ، وإنكار الوصية رجوع عنها ، في أحد الوجهين ، فيكون إنكار التدبير رجوعا عنه ، والرجوع عنه يبطله ، في أحد الوجهين ، فتبطل الدعوى . والصحيح أن الدعوى صحيحة ; لأن الصحيح أن الرجوع عن التدبير لا يبطله ، ولو أبطله فما ثبت كون الإنكار رجوعا ، ولو ثبت ذلك ، فلا يتعين الإنكار جوابا للدعوى ، فإنه يجوز أن يكون جوابها إقرارا . فإذا ثبت هذا ، فإن السيد إن أقر ، فلا كلام ، وإن أنكر ولم تكن للعبد بينة ، فالقول قول المنكر مع يمينه ; لأن الأصل عدمه ، وإن كانت للعبد [ ص: 327 ] بينة ، حكم بها ، ويقبل فيه شاهدان عدلان ، بلا خلاف .

                                                                                                                                            وإن لم يكن له إلا شاهد واحد ، وقال : أنا أحلف معه . أو شاهد وامرأتان ، ففيه روايتان ; إحداهما ، لا يحكم به . وهو مذهب الشافعي ; لأن الثابت به الحرية ، وكمال الأحكام ، وهذا ليس بمال ، ولا المقصود منه المال ، ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال ، فأشبه النكاح والطلاق .

                                                                                                                                            والثانية ، يثبت بذلك ; لأنه لفظ يزول به ملكه عن مملوكه ، فأشبه البيع . وهذا أجود ; لأن البينة إنما تراد لإثبات الحكم على المشهود عليه ، وهي في حقه إزالة ملكه عن ماله ، فثبت بهذا .

                                                                                                                                            وإن حصل به غرض آخر للمشهود له ، فلا يمنع ذلك من ثبوته بهذه البينة ، ولأن العتق مما يتشوف إليه ، ويبنى على التغليب والسراية ، فينبغي أن يسهل طريق إثباته ، وإن كان الاختلاف بين العبيد وورثة السيد بعد موته ، فهو كما لو كان الخلاف مع السيد ، إلا أن الدعوى صحيحة ، بغير خلاف ; لأنهم لا يملكون الرجوع ، وأيمانهم على نفي العلم ; لأن الخلاف في فعل موروثهم ، وأيمانهم على نفي فعله ، وتجب اليمين على كل واحد من الورثة ، ومن نكل منه ، عتق نصيبه ، ولم يسر إلى باقيه . وكذلك إن أقر ; لأن إعتاقه بفعل الموروث ، لا بفعل المقر ، ولا الناكل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية