الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ثم روي أن جبريل نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الثلاثاء وهو بأعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي ، فانفجرت منه عين فتوضأ جبريل منها : ليريه كيف الطهور ، فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما توضأ ، ثم قام جبريل فصلى ، وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصلاته ، فكانت هذه أول عبادة فرضت عليه .

                                                                                                                                            ثم انصرف جبريل ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خديجة ، فتوضأ لها حتى توضأت وصلى بها كما صلى به جبريل ، فكانت أول من توضأ وصلى بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإنذار من يأمنه
                                                                                                                                            .

                                                                                                                                            فاختلف في أول من أسلم بعد خديجة على ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : أن علي بن أبي طالب أول من أسلم من الذكور وصلى ، وهو ابن تسع سنين ، وقيل : ابن عشر سنين ، وهذا قول زيد بن أرقم وجابر بن عبد الله .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن أول من أسلم وصلى أبو بكر ، رضي الله عنه ، وهو قول أبي أمامة الباهلي . وقال الشعبي : سألت ابن عباس عن أول الناس إسلاما فقال : أما سمعت قول حسان بن ثابت :


                                                                                                                                            إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا     خير البرية أتقاها وأعدلها
                                                                                                                                            بعد النبي وأوفاها بما حملا     الثاني اثنين والمحمود مشهده
                                                                                                                                            وأول الناس منهم صدق الرسلا

                                                                                                                                            والقول الثالث : أن أول من أسلم زيد بن حارثة ، وهو قول عروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار . وجعل أبو بكر - رضي الله عنه - يدعو إلى الإسلام من وثق به : لأنه كان تاجرا ذا خلق ، ومعروفا ، وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلمهم بما كانوا عليه من خير وشر ، حسن التآلف لهم ، وكانوا يكثرون غشيانه ، فأسلم على يديه عثمان بن عفان ، [ ص: 10 ] والزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص : فجاء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استجابوا له بالإسلام ، وصلوا ، فصاروا مع من تقدم ثمانية أول من أسلم وصلى ، ثم تتابع الناس في الدخول في الإسلام ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية