الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 928 ) مسألة : قال : ( وليس على المأموم سجود سهو ، إلا أن يسهو إمامه ، فيسجد معه ) وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه ، فلا سجود عليه ، في قول عامة أهل العلم وحكي عن مكحول أنه قام عن قعود إمامه فسجد . ولنا أن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بسجود وروى الدارقطني في سننه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه } . ولأن المأموم تابع للإمام وحكمه حكمه إذا سها ، وكذلك إذا لم يسه وإذا سها الإمام ، فعلى المأموم متابعته في السجود سواء سها معه ، أو انفرد الإمام بالسهو .

                                                                                                                                            وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك . وذكر إسحاق أنه إجماع أهل العلم ، سواء كان السجود قبل السلام ، أو بعده لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا سجد فاسجدوا } ولحديث ابن عمر ، الذي رويناه . وإذا كان المأموم مسبوقا فسها الإمام فيما لم يدركه فيه ، فعليه متابعته في السجود ، سواء كان قبل السلام أو بعده . روي هذا عن عطاء ، والحسن والنخعي ، والشعبي ، وأبي ثور وأصحاب الرأي . وقال ابن سيرين ، وإسحاق : يقضي ثم يسجد .

                                                                                                                                            وقال مالك ، والأوزاعي ، والليث ، والشافعي في السجود قبل السلام ، كقولنا ، وبعده ، كقول ابن سيرين . وروي ذلك عن أحمد ذكره أبو بكر في زاد المسافر لأنه فعل خارج من الصلاة ، فلم يتبع الإمام فيه ، كصلاة أخرى . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { فإذا سجد فاسجدوا } وقوله في حديث ابن عمر { فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه } ولأن السجود من تمام الصلاة فيتابعه فيه ، كالذي قبل السلام ، وكغير المسبوق ، وفارق صلاة أخرى ، فإنه ، [ ص: 389 ] غير مؤتم به فيها .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا فمتى قضى ففي إعادة السجود روايتان : إحداهما ، يعيده ; لأنه قد لزمه حكم السهو ، وما فعله من السجود مع الإمام كان متابعا له ، فلا يسقط به ما لزمه ، كالتشهد الأخير .

                                                                                                                                            والثانية ، لا يلزمه السجود ; لأن سجود إمامه قد كملت به الصلاة في حقه ، وحصل به الجبران ، فلم يحتج إلى سجود ثان ، كالمأموم إذا سها وحده . وللشافعي قولان كالروايتين . فإن نسي الإمام السجود ، سجد المسبوق في آخر صلاته ، رواية واحدة ; لأنه لم يوجد من الإمام ما يكمل به صلاة المأموم .

                                                                                                                                            وإذا سها المأموم فيما تفرد فيه بالقضاء ، سجد ، رواية واحدة ; لأنه قد صار منفردا ، فلم يتحمل عنه الإمام وهكذا لو سها ، فسلم مع إمامه ، قام فأتم صلاته ، ثم سجد بعد السلام ، كالمنفرد ، سواء

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية