الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولما استقرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار هجرته ، ونزل المهاجرون على الأنصار ، آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه ؛ ليزيدهم ألفة ، وتناصرا ، ثم وادع من حوله من اليهود لتستقر بهم الدار ، وإنهم أهل كتاب يرجو منهم أن يؤدوا الأمانة بإظهار ما فيه من ذكر نبوته ، فخانوا الأمانة وجحدوا الصفة ، وظهر المنافقون بالمدينة ، يعلنون الإسلام ويبطنون الكفر ، ويوافقون اليهود في السر على التكذيب ، وكان النفاق في الشيوخ ، ولم يكن في الأحداث إلا واحد ، وكان رأس المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول : فصار فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبول الظاهر من إسلامهم ، وإنكار الباطن من نفاقهم ، وقصدته اليهود بالمكر ، فحرضوا بين الأوس والخزرج ، وذكروهم تراث الجاهلية ليختلفوا فينقض بهم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصلح بينهم ، وقطع اختلافهم ، وعادت ألفتهم ، وهو مع ذلك يدعو إلى الإسلام حتى أذن له في القتال ، فكان أول لواء عقده في سنة مقدمه لحمزة بن عبد المطلب في ثلاثين رجلا من المهاجرين ، في شهر رمضان بعد سبعة أشهر من هجرته : ليعترض عيرا لقريش فيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل ، فبلغوا سيف البحر ، واصطفوا للقتال ، حتى حجر بينهم مجدي بن عمرو الجهني : فافترقوا وعاد حمزة ولم يلق كيدا .

                                                                                                                                            ثم سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، عقد له فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لواء في شوال ، وهو الشهر الثامن من هجرته على ستين رجلا من المهاجرين ، ليعترض عيرا لقريش فيها أبو سفيان بن حرب في مائتي رجل على عشرة أميال من الجحفة ، فتناوشوا ، ولم يسلوا السيوف .

                                                                                                                                            ورمى سعد بن أبي وقاص بسهم فكان أول سهم رمي في الإسلام ، وعاد ولم يلق كيدا .

                                                                                                                                            ثم سرية سعد بن أبي وقاص في ذي القعدة بعد تسعة أشهر من هجرته ، عقد له لواء على عشرين رجلا : ليعترض عيرا لقريش ، ففاتته فكانت له في السنة الأولة من هجرته هذه السرايا الثلاث .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية