الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3799 - " الحجر الأسود من الجنة" ؛ (حم)؛ عن أنس ؛ (ن)؛ عن ابن عباس ؛ (صح) .

التالي السابق


( الحجر الأسود ) ؛ ويسمى " الركن الأسود "؛ وهو ركن الكعبة ؛ الذي في الباب؛ من جانب الشرق؛ وارتفاعه من الأرض الآن ذراعان وثلث ذراع؛ على ما ذكره الأزرقي ؛ وبينه وبين المقام ثمانية وعشرون ذراعا؛ (من الجنة) ؛ حقيقة؛ أو بمعنى أنه لما له من الشرف واليمن يشارك جواهر الجنة؛ فكأنه منها؛ قال القاضي : لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم شأن الحجر؛ وتفظيع أمر الخطايا؛ والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة وما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة؛ فكأنه نزل منها؛ وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد؛ فتجعل المبيض منها مسودا؛ فكيف بقلوبهم؟! أو من حيث إنه مكفر للخطايا؛ محاء للذنوب؛ كأنه من الجنة؛ ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم كان ذا بياض شديد؛ فسودته الخطايا؛ هذا وإن احتمال إرادة الظاهر غير مدفوع عقلا ولا سمعا؛ والله أعلم بالحقائق؛ قال المظهر : وفي الحديث فوائد؛ منها امتحان إيمان الرجل؛ فإن كان كاملا يقبل هذا؛ فلا يتردد؛ وضعيف الإيمان يتردد؛ والكافر ينكر؛ ومنها التخويف؛ فكأن الرجل إذا علم أن الذنوب تسود الحجر يحترز منه؛ لئلا يسود بدنه بشؤمه؛ ومنها التحريض على التوبة؛ ومنها الترغيب في مسح الحجر؛ لتنقل الذنوب إليه؛ قال ابن العربي : هذا لا يؤمن به إلا من كان سنيا؛ والقدرية تنكره من وجهين؛ أحدهما: أن الجنة بعد لم تخلق؛ الثاني: أنه زاد في عدة أخبار أن الخطايا تسوده؛ وهي لا تسود ولا تبيض حقيقة؛ ولا توليدا؛ وقد أقمنا الأدلة الواضحة على أن الجنة مخلوقة الآن؛ وأن تعلق السواد بالأبيض؛ والبياض في الأسود غير مستنكر في القدرة.

(حم؛ عن أنس ) ؛ ابن مالك ؛ (ن؛ عن ابن عباس ) .




الخدمات العلمية